كلمةٌ قالها اليهود عندما استولوا على القدس في عام 67، حيث عبروا عن فرحهم وخرجوا في مظاهرات عارِمة وصاحوا قائلين: محمد مات مات.. محمد خلَّف بنات.
قرأت تلك الكلمة – في إحدى الكتب - وأنا بعد غَضُّ الإِهاب، لا أفقه المَعْنِيَّ بالكَلِم، ولكنها وقعت في قلبي كالإعصار المدمر الذي غير كثيرا من توجهات حياتي ومستقبلي الذي كنت أحلم به كأي فتى يافع، وبكيت ساعتها وقلت في نفسي: لا. محمد صلى الله عليه وسلم لم يخلف بنات.
ومرت الأيام.. بل السنون، وتعاظم إدراكي للورطة التي تعيش فيها أمتي، وصرت أرقب بحرقة ما يدور حولي: فأنَّـا التفتُّ فحقٌ سليبْ وأنَّا أَصَخْتُ فرَجْعُ النَّحيبْ
وأنَّا سَرَيتُ فدَرْبٌ مُريبْ وَصَفٌّ عجيبٌ ولُؤْمٌ رهيبْ
أَصِيْحُ بِقَومي إلى المَكْرُمَاتْ فَمَا مِنْ مُلَبٍّ وما مِنْ مُجيبْ
وصارت نفسي تشك وتذهب بها الظنون كل مَذهب، هَلْ مَن حولنا رجال؟ هل مَن يعيش بيننا ذكور؟
عايشت نكباتٍ كثيرةً أَلَمَّت بأمتي وأنا ذو عقل وَاعٍ، شاهدتُ اقتحام اليهود لبيروت، ومرت بي أحداث صَبْرا وشاتيلا كَمَا الكابوس المريع، دَرَسْتُ أزمة الخليج بِتَدَاعِيَاتِهَا، وشاهدت مأساة البوسنة بنكباتها، وتابعت كارثة الصومال وتَبِعَاتِهَا، وعاصرتُ زلزال كوسوفا وتوابعَـه، ورأيت الأشباح هي الأشباح، والديار هي الديار، ولكنني لاحظت أمرا مستنكرا لم ألاحظه قبل، لقد صرتُ أَشَمُّ رائحة البَلادة، وأجد نَتْنَها في أنفي أينما حلَلْتُ، العامة يسمونها (التَنْبَلَـة)، وقد سماها الرسول صلى الله عليه وسلم دِيَاثة، وهو أن يرى الرجل المنكر في أهل بيته ولا يُغَيِّرُه.