منتدي شباب إمياي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدي شباب إمياي

مجلس الحكماء

التسجيل السريع

:الأســـــم
:كلمة السـر
 تذكرنــي؟
 
نصيحة لله ( الانتخابات المعاصرة) Support


2 مشترك

    نصيحة لله ( الانتخابات المعاصرة)

    ابو انس
    ابو انس
    صاحب مكان
    صاحب مكان


    النوع : ذكر
    عدد المشاركات : 2689
    العمر : 57
    تاريخ التسجيل : 17/01/2010
    مزاجي النهاردة : نصيحة لله ( الانتخابات المعاصرة) Pi-ca-10

    نصيحة لله ( الانتخابات المعاصرة) Empty نصيحة لله ( الانتخابات المعاصرة)

    مُساهمة من طرف ابو انس 29/3/2010, 4:32 pm

    الانتخابات المعاصرة في ضوء الأدلة الجزئية والقواعد الكلية



    بحث من موقع الدكتور سعد العتيبي

    صارت الانتخابات واحدة من آليات العصر الحديث، وعنوانًا على مدى تحضر مجتمعاته، ولم تنحصر الانتخابات في أماكن بذاتها؛ وإنما باتت تغطي معظم المناصب والأماكن القيادية؛ ولذا كان لزامًا علينا أن نبين أحكام وضوابط هذه الانتخابات وفق الخلفية الشرعية المتينة.

    وسنبين الموضوع في نقاط:

    أولًا: الأصل أن ولي الأمر يجتهد في اختيار الأكفاء الصلحاء لولاية أمور الرعية، ممن يتصفون بالقوة والأمانة، ويستشير في ذلك أهل الخبرة والنصح، ويجتهد في تولية الأصلح والأمثل.

    ثانيًا: يجب التفريق بين "الديموقراطية" التي هي منظومة فكرية مناقضة للإسلام في حقيقتها وفلسفتها، وبين الانتخابات التي هي من أشهر آلياتها، حتى ظن بعض الناس أن هذه هي تلك؛ بينما الانتخابات آلية ووسيلة، لا فكر ومنهج.

    ثالثًا: الأصل مشروعية الانتخابات التي لا محذور فيه شرعًا، واختيار من هو أهل للاختيار من خلالها.

    وجوابًا على سؤالك عن الأدلة على ذلك، من الكتاب والسنة النبوية وسنة الخلفاء الراشدين، أذكر لك منها ما يلي:

    1- قول الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2]؛ فإذا كانت الانتخابات موصلة لأهل الخير إلى موقع التأثير في القرار بما يقتضيه الشرع؛ فانتخابهم من التعاون على البر والتقوى.

    2- ما جاء في حديث بيعة العقبة الثانية، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (أَخرِجُوا إليَّ اثني عشر نقيبًا يكونون على قومهم، فأخرجوا منهم اثني عشر نقيبًا، منهم تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس) [تاريخ الطبري، (2/93)]؛ فقوله صلى الله عليه وسلم: (أَخرِجُوا إليَّ اثني عشر ...) طلب ترشيح اثني عشر نائبًا لهم وممثلًا عنهم، وهذه حقيقة الانتخاب، بغض النظر عن طريقته وآليته.

    3- قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا خرج ثلاثة في سفر، فليؤمِّروا عليهم أحدهم) [رواه أبو داود، (2610)، وصححه الألباني، (2608)]، وتأمير الجمع لأحدهم إما أن يكون باتفاقهم عليه، أو اختيار وقبول أكثرهم لإمرته عليهم، والاختيار حقيقة الانتخاب، كما تقدم.

    وقد ترجم مجد الدين ابن تيمية رحمه الله هذا الحديث في كتابه القيم منتقى الأخبار بباب: "وجوب نصب ولاية القضاء والإمارة وغيرها"، وقال حفيده أبو العباس ابن تيمية رحمه الله في كتابه القيم السياسة الشرعية: (فأوجب صلى الله عليه وسلم تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر؛ تنبيهًا بذلك على سائر أنواع الاجتماع) [السياسة الشرعية، ابن تيمية، ص(168)]، ويدخل في ذلك جميع مؤسسات المجتمع الأهلي، والنقابات وغيرها من التجمعات المعروفة في هذا العصر؛ فلأعضائها اختيار قياداتها، وفق الأنظمة والقوانين المعمول بها، مما ليس فيه مخالفة للشرع.

    قال شيخنا عبد الله بن قعود رحمه الله معلقًا على قول أبي العباس ابن تيمية رحمه الله: (ويدخل في ذلك الجماعات التي تنظم أمورها، شريطة أن لا يتوجب الولاء لها دون غيرها؛ بحيث تتبرأ من غيرها، ولا عندي في هذا إشكال؛ وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل الوفود عن رئيسهم والنقباء وغيرها، وكلام الشيخ هنا صريح في هذا) اهـ.

    قلت: قال الشوكاني: (وفيها دليل على أنه يشرع لكل عدد بلغ ثلاثة فصاعدًا أن يؤمروا عليهم أحدهم؛ لأن في ذلك السلامة من الخلاف الذي يؤدي إلى التلاف، فمع عدم التأمير يستبد كل واحد برأيه ويفعل ما يطابق هواه فيهلكون، ومع التأمير يقل الاختلاف وتجتمع الكلمة، وإذا شرع هذا لثلاثة يكونون في فلاة من الأرض أو يسافرون؛ فشرعيته لعدد أكثر يسكنون القرى والأمصار ويحتاجون لدفع التظالم وفصل التخاصم أولى وأحرى؛ وفي ذلك دليل لقول من قال: إنه يجب على المسلمين نصب الأئمة والولاة والحكام) [نيل الأوطار، الشوكاني، (9/128)].

    4- أن عمر رضي الله عنه سمى ستة نفر من كبار الصحابة رضي عنهم؛ هم: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف؛ فجعل الخلافة شورى بينهم، يتشاورون فيمن تعقد له الخلافة منهم، في قوله: (إني لا أعلم أحدًا أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر، الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ؛ فمن استخلفوا بعدي فهو الخليفة، فاسمعوا له وأطيعوا) [رواه البخاري، (1328)].

    فهذه سنة خليفة راشد جمع فيها بين أسلوب وآلية "العهد" التي هي سنة الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه، حين عهد إلى عمر رضي الله عنه بالخلافة، وبين أسلوب ترك الاختيار للأمة بتفويض الأمر للمسلمين التي سنها النبي صلى الله عليه وسلم؛ فكل سنة؛ فهي أساليب وآليات تتغير، والثابت هو الغاية منها، وهو وجوب تولية الأصلح قدر الاستطاعة.

    وقد جاء في بعض الروايات أن أهل الشورى لما جعلوا الأمر إلى عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: نهض (يستشير الناس فيهما ويجمع رأي المسلمين برأي رؤوس الناس وأجنادهم، جميعًا وأشتاتًا، مثنى وفرادى ومجتمعين، سرًّا وجهرًا، حتى خلص إلى النساء المخدرات في حجابهن، وحتى سأل الولدان في المكاتب، وحتى سأل من يرد من الركبان والأعراب إلى المدينة، في مدة ثلاثة أيام بلياليها؛ فلم يجد اثنين يختلفان في تقديم عثمان بن عفان، إلا ما يُنقل عن عمار والمقداد، أنهما أشارا بعلي بن أبي طالب؛ فسعى في ذلك عبد الرحمن ثلاثة أيام بلياليهن، لا يغتمض بكثير نوم إلا صلاة ودعاء واستخارة، وسؤالًا من ذوي الرأي وغيرهم، فلم يجد أحدًا يعدل بعثمان بن عفان رضي الله عنه) [البداية والنهاية، ابن كثير، (10/211)]؛ وفيها تفاصيل أشبه شيء بالانتخاب، ولم يتعقبها.

    رابعًا: لا يجوز قبول ترشح شخص ليس أهلًا للولاية الشرعية، فإن وجد فلا يجوز انتخابه مع وجود من هو أصلح للمسلمين منه؛ وقد أكدت ذلك في شأن الانتخابات اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية، فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة ما نصه: (س: هل يجوز للمسلم أن ينتخب للمجالس البلدية أو غيرها من الدوائر شخصًا يعتنق الشيوعية، أو يسخر بالدين، أويعتنق القومية ويعتبرها دينًا؟

    ج: لا يجوز للمسلم أن ينتخب للمجالس البلدية أو الدوائر الأخرى من عُلِم أنه شيوعي، أو يسخر بالدين الإسلامي، أو اعتنق القومية أو اعتبرها دينًا؛ لأنه بانتخابه إياه رضيه ممثلًا له، وأعانه على تولي مركز يتمكن من الإفساد فيه، ويعين فيه من يشايعه في مبدئه وعقيدته، وقد يستغل ذلك المركز في إيذاء من يخالفه وحرمانه من حقوقه أو بعضها في تلك الدائرة أو غيرها بحكم مركزه، وتبادل المنافع بينه وبين زملائه في الدوائر الأخرى، ولما فيه من تشجيعه من استمراره على المبدأ الباطل وتنفيذه ما يريد) [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، (23/404-405)]، وقد وقَّع هذه الفتوى كل من الشيخ عبد العزيز بن باز رئيسًا، والشيخ عبد الرزاق عفيفي نائبًا للرئيس، والشيخ عبد الله بن قعود عضوًا، والشيخ عبد الله بن غديان عضوًا.

    خامسًا: الانتخابات بالصيغ الموجودة اليوم، آلية تتضمن مجموعة من الأفكار الوافدة، فيها ما هو مقبول، وفيها ما هو مردود؛ وهي بذلك لا يجوز أن تدون في نظام سياسي إسلامي دون أن يستبعد منها ما ليس مشروعًا؛ كالمخالفات الظاهرة في شروط المترشحين لها مثلًا، فهي لا تتضمن الحد الأدنى من الشروط الشرعية فيمن تجوز توليته؛ فشرطها المشهور في قوانين الانتخابات النيابية: أن يكون المترشح ممن يقرأ ويكتب! بينما الولاية الشرعية تتطلب شرطين رئيسين هما: القوة في الولاية علمًا بأحكامها وقدرة على تنفيذها، والأمانة في القيام بها، وهي المذكورة في مثل قول الله تعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص:26]، وقوله سبحانه في مؤهلات قيادة طالوت: {وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ} [البقرة:247]، بعد أن قالوا: {قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ} [البقرة:247].

    ولكن إذا عُدم النظام الشرعي للانتخاب بشروطه الشرعية، وطلب من الناس أن ينتخبوا أهلًا لولاية ما، فإن الانتخابات حينئذ تكون الخيار الممكن لتولية الأصلح، ومن ثم لا ينبغي التأخر عنها، ما لم يُفْتِ أهل العلم بمقاطعتها، لكونها صورية مثلًا! أو لكون جميع المرشحين فيها على درجة واحدة من الشر، أو لعدم قبول إشراف قضائي عليها، أو لغير ذلك من الأسباب التي تقتضي الحكم بمقاطعتها.


    ومن أهم المصالح الكبيرة، ممكنة التحقيق من خلال مشاركة الصالحين المصلحين ـ من خلال آلية الانتخاب المتاحة ـ والتي يطمح إليها المجيزون في حالٍ تقتضي الجواز في انتخابات نيابية مثلًا، يؤمل تحقيقها من المرشحين الصادقين أهل المبادئ، الذين يظن بهم الثبات على مبادئ الإسلام وعدم الحيدة عنها، ما يلي:

    1– التمكن من إعلان المواقف الشرعية في كل قضية تطرح في تلك المجالس، وبيان الحكم الشرعي فيها، ومن ذلك الاعتراض على مشاريع القوانين المخالفة للشرع، وهذا من إنكار المنكر بوسيلته المستطاعة؛ فهو صورة من صور القيام بواجب النهي عن المنكر؛ فهو من الحسبة المتفق على مشروعيتها، وأدلتها أدلة له.

    2 – التمكن من تقديم مشاريع أنظمة وقوانين شرعية لا تخالف الشريعة الإسلامية، والإسهام في تغيير أو تعديل القوانين المخالفة للشرع؛ وهي صورة من صور القيام بواجب الأمر بالمعروف، فهو من الحسبة المتفق على مشروعيتها.

    3 - محاربة الفساد والمفسدين، ورفع الظلم أو تخفيفه، حسب القدرة بالقلب أو اللسان أو اليد؛ ومن ذلك إحباط المشاريع المحرمة، ومنع الفساد والرشوة والصفقات المحرمة، وكشف زيفها أمام الناس، لإصلاح ما أفسده الإعلام وأثر به على الرأي العام؛ وهو من عمل المصلحين، ومن نصرة المظلوم؛ وهي أمور متفق على مشروعيتها، وأدلة مشروعيتها.

    4 - دعم الخير وأهله، ومحاربة الشر وأهله، على جميع المستويات السياسية والاجتماعية والتربوية والاقتصادية، بحكم الوجاهة والاعتراف الرسمي بالشخصية المنتخبة.
    5- تحقيق الحرية لعمل بعض الدعاة من خلال الحصانة النيابية "البرلمانية"، وتخفيف القيود المفروضة على تحرك الدعاة عمومًا، فلا يتعرضون للإجراءات التعسفية تحت مبررات الإرهاب كما يحدث، وكشف ما يحاك في الخفاء ضد الدعوة والدعاة، والعمل على إفشال ذلك.
    6 - إعادة الثقة بالإسلام والمسلمين بتقديم النموذج القوي الأمين للناس والمجتمع، وإثبات أن الإسلام دين كامل شامل، قادر على تنظيم حياة الناس الخاصة والعامة عمليًا لا كلامًا نظريًا فقط، ولا يكون ذلك إلا من خلال المشاركة الفعالة للدعاة في هذه المجالس لإحقاق الحق وإبطال الباطل.

    7- دفع شر البديل عن المصلحين إذا هي تُركت الساحة لهم، الذين سيسخِّرون كل إمكانياتهم لمحاربة الحركات الإسلامية.

    8 - محاسبة الوزراء واستجوابهم، بل وطلب سحب الثقة منهم؛ لأن كل وزير مسئول أمام المجلس عن عمل وزارته.

    9- إقامة الحجة على أعضاء المجالس وأعيان الناس، وعلى الحكومات من خلال تقديم مشاريع الأنظمة والقوانين الشرعية، وطلب إقرارها ليُحكم الناس بشرع ربهم.

    10- التمكن من تدريب القيادات الإسلامية الصالحة، للعمل السياسي الواقعي، ليكتشفوا العوائق التي قد تحول دون تطبيق بعض الأحكام، والسعي في إيجاد الحلول الشرعية لها، ولاسيما أن العمل الميداني ليس كالعلم التنظيري.

    11- التمكن من الوصول لصاحب القرار في الدولة بقوة المنصب النيابي، وبيان الحقائق له بعيدًا عن أي تزييف، وهو ما قد لا يتيسر للعالم والداعية الصالح الناصح، وكم في تواصل الأخيار مع أصحاب القرارات من خير، وبيان لكثير من التلبيس الذي قد ينطلي على القيادات التي تحتكرها في الغالب فئات إقصائية ذات ولاءات أجنبية، تُحَسِّن الباطل، وتقبِّح الصحيح.

    12- أن المشاركة السياسية المتاحة تقلل من حدة التصادم بين الحكومات والمصلحين العدول؛ حيث إن وجود قنوات اتصال من هذا النوع تحبط الكثير من الوشايات الكاذبة والتقارير المغرضة التي قَلَّ أن توجد من غير دعم أجنبي، وتقليل حدة المواجهة مطلب شرعي، ولاسيما أن التجربة المعاصرة وغيرها تثبت أن المواجهة الداخلية تولد كثيرًا من التصرفات الخاطئة الخطيرة، سواء كان ذلك من جهة الحكومات باستخدام سلطتها في قمع المصلحين، أو من جهة تصرفات بعض المصلحين المتعجلين أو أتباعهم ممن قد لا يقدِّرون المصالح والمفاسد تقديرًا شرعيًّا يخرجون منه بحكم شرعي من جهة التأصيل، ومن جهة تحقيق مناطه في الواقعة.

    وهذه مصالح مأخوذة من واقع الحياة، ومستفاد إمكان تحقيقها من قوانين المجالس النيابية ذاتها وآليات تنفيذه في الجملة بحسب كل بلد وقوانينه.

    سادسًا: قيام كثير من المجالس النيابية على القوانين الوضعية لا يسوِّغ الإعراض عنها؛ فإن مَن يشارك فيه من أهل الخير والصلاح والإصلاح، إنما جاءوا لإزالة الباطل المنبثق من القوانين الوضعية أو تخفيفه؛ وكلاهما مطلب شرعي، ولو لم يكن إلا إنكار ذلك المنكر علنًا، والكشف عن بطلانه وبيان مخالفته لعموم الناس لكفى؛ ومع أن الأصل في القوانين الوضعية البطلان، إلا أن هذا لا يعني أن كل التنظيمات والقوانين ـ أو ما يسمى "بالتشريعات" ـ مضاد للشرع؛ فهي على أحوال:

    - منها المخالف وهو الغالب، ككثير من مواد القوانين الجنائية والجزائية.

    - ومنها ما يوافق الشرع، لوجود نص شرعي يؤيده، كما في كثير من مسائل ما يعرف بالأحوال الشخصية.

    - ومنها ما لا يخالف الشرع بعدم معارضته لنص أو قاعدة كلية شرعية، كعامة التنظيمات المتعلقة بالمصالح العامة، من مثل: عامة قوانين البناء، والسير وتنظيمات المرور ونحوها.

    والقاعدة في هذا أن الحكم الشرعي: ما وافق الشرع أو لم يخالفه، ولو كان من نظَّمه أو قنَّنه غير مسلم، وكون المسألة في حد ذاتها شرعية لا يعني أن المقنِّن أو المنظِّم يكون مأجورًا أو مأزورًا، إذ يبقى ذلك متعلقًا بقصد المنظِّم، إن كان قاصدًا تحكيم الشرع أو خلافه.

    ثم إن المصالح المشروعة تشمل جلب المصلحة بمعنى المنفعة، وقد يُعبَّر عنها بالضروريات ومتمماتها، ودرء المفسدة ـ بوصفه مصلحة من جهة المآل "النظرة المستقبلية" ـ وقد يُعبَّر عنها بالحاجيات ومتمماتها، وإذا تعارضت المصالح والمفاسد أُعمِلَت قواعد الموازنة بينها؛ وهي قواعد تكشف عن عظمة هذه الشريعة الربانية؛ وللشيخ أبي العباس ابن تيمية رحمه الله تأصيل عظيم في هذه المسألة، ومن عبارته في ذلك: (لو كانت الولاية غير واجبة وهي مشتملة على ظلم، ومن تولاها أقام الظلم، حتى تولاها شخص قصده بذلك تخفيف الظلم فيها ودفـع أكثره باحتمال أيسره كان ذلك حسنًا مع هذه النية، وكان فعله لما يفعله من السيئة بنية دفع ما هو أشد منها جيدًا) [مجموع فتاوي، ابن تيمية، (20/55)].

    و جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية، في حكم الانخراط في الأحزاب السياسية، ومن بين الأحزاب السياسية، إما تابعة لروسيا أو تابعة لأمريكا، أمثال: حزب التقدم والاشتراكية، وحزب الديمقراطية ... ما نصه:

    (الجواب: Cool ... من كان لديه بصيرة في الإسلام وقوة إيمان وحصانة إسلامية وبعد نظر في العواقب وفصاحة لسان، ويقوى مع ذلك على أن يؤثر في مجرى الحزب فيوجهه توجيهًا إسلاميًّا، فله أن يخالط هذه الأحزاب، أو يخالط أرجاهم لقبول الحق؛ عسى أن ينفع الله به، ويهدي على يديه من يشاء فيترك تيار السياسات المنحرفة إلى سياسة شرعية عادلة ينتظم بها شمل الأمة، فتسلك قصد السبيل، والصراط المستقيم، لكن لا يلتزم مبادئهم المنحرفة.

    ومن ليس عنده ذلك الإيمان ولا تلك الحصانة، ويُخشى عليه أن يتأثر ولا يؤثر، فليعتزل تلك الأحزاب؛ اتقاء للفتنة ومحافظة على دينه أن يصيبه منه ما أصابهم، ويُبتَلى بما ابتُلُوا به الانحراف والفساد) [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، (12/384 )].

    بل ترى اللجنة الدائمة أن مَن (أمِن على نفسه من الفتنة في دينه، وكان حفيظًا عليمًا يرجو الإصلاح لغيره، وأن يتعدى نفعه إلى من سواه، وألا يعين على باطل، جاز له العمل في الدول الكافرة، ومن هؤلاء يوسف عليه الصلاة والسلام، وإلا لم يجز) [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، (2/75)].

    كما أجابت اللجنة على سؤال عن حكم مشاركة المسلم للنصراني في العمل السياسي والاجتماعي، بما يلي: (تجوز مشاركة المسلم للنصراني فيما لا يخالف شرائع الإسلام) [فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، (1/547)].

    وعلى كل فهذه المسألة من المسائل التي يختلف فيها الحكم زمانًا ومكانًا وحالًا، من جهة مدى تحقيقها للمصالح المشروعة؛ فلا يقال بمشروعيتها في كل حال وزمان ومكان؛ فقد يقتضي الحال القول بوجوبه، إذا كان من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، كما يرى بعض علماء العصر كالعلامة الشيخ عبد الكريم زيدان حفظه الله، وقد يقتضي الحال أن تكون مقاطعة الانتخابات مشروعة في وقت وزمان وحال أخرى.

    وخلاصة القول: ينبغي على الإخوة الذين لديهم القدرة على ممارسة هذا العمل استشارة أهل العلم والفضل، ولاسيما من أهل البلد الذي هم فيه، فيما يرونه من صلاحيتهم له قبل الترشح، وما يلزمهم القيام به من عمل بعد ذلك، ووضع آليات شرعية كافية لتحقيق المصالح الشرعية المرتجى تحقيقها، وأمْن مزالق هذا العمل، بالبعد عن العمل الفردي في مثل هذا الشأن الذي يتطلب قدرًا غير عادي من الوعي والحذر، والإعداد الكافي والمقنع لكل مشروع يُطرح أو يُرفض، وعلى كلٍ (إنما الأعمال بالنيات) [متفق عليه، رواه البخاري، (1)، ومسلم، (5036)].
    بهى قطب ابوصورة
    بهى قطب ابوصورة
    عضو مؤسس
    عضو مؤسس


    النوع : ذكر
    عدد المشاركات : 556
    العمر : 44
    تاريخ التسجيل : 30/08/2009
    مزاجي النهاردة : نصيحة لله ( الانتخابات المعاصرة) Pi-ca-18

    نصيحة لله ( الانتخابات المعاصرة) Empty رد: نصيحة لله ( الانتخابات المعاصرة)

    مُساهمة من طرف بهى قطب ابوصورة 29/3/2010, 5:31 pm

    تسلم Cool
    ابو انس
    ابو انس
    صاحب مكان
    صاحب مكان


    النوع : ذكر
    عدد المشاركات : 2689
    العمر : 57
    تاريخ التسجيل : 17/01/2010
    مزاجي النهاردة : نصيحة لله ( الانتخابات المعاصرة) Pi-ca-10

    نصيحة لله ( الانتخابات المعاصرة) Empty رد: نصيحة لله ( الانتخابات المعاصرة)

    مُساهمة من طرف ابو انس 29/3/2010, 6:08 pm

    جزاك الله خيراً يا أستاذ بهي
    ابو انس
    ابو انس
    صاحب مكان
    صاحب مكان


    النوع : ذكر
    عدد المشاركات : 2689
    العمر : 57
    تاريخ التسجيل : 17/01/2010
    مزاجي النهاردة : نصيحة لله ( الانتخابات المعاصرة) Pi-ca-10

    نصيحة لله ( الانتخابات المعاصرة) Empty رد: نصيحة لله ( الانتخابات المعاصرة)

    مُساهمة من طرف ابو انس 30/3/2010, 10:03 am

    هام لكل من يريد الدخول في عملية الانتخاب

      الوقت/التاريخ الآن هو 22/11/2024, 7:46 pm