الشيخ خالد مهنا – رئيس الدائرة الإعلامية في الحركة الإسلامية – ام الفحم (فلسطين المحتلة ) رغم أنّ الكثير من المدائن تتعرض اليوم لأبشع أنواع الانتهاك والاعتداء على حقها في الحياة والوجود،
ومع ذلك تغض البشرية الطَرف عما يرتكب فيها ،
ولا تعيرها من الانتباه إلا فضول وقتها، إلا أن مدينة القدس وما يحدث فيها من مؤامرات خفية وعلنية ظلت تتصدر سلم الأولويات، ورغم أنّ القدس والأقصى في عيون المسلمين لا تزال الجوهرة، جوهرة عزيزة ونادرة ومكنونة على وسائد من الشعور لأنها اغلى من الصدور، وفي سبيل أن تظل هكذا مقدرة تهون في سبيلها نفائس النفوس والصدور إلا أن الأقصى في محنته التي تنزل به صباح مساء لا يزال يعاتبنا بهمس: هل أديتم لي حقي؟
وبالرغم من تواصلنا معها، وشد الرحال إليها لأنها في عيوننا غالية غلاوة الديباج والحرير بل أغلى واثمن، وهي في أخليتنا تستقر كشجرة أصولها ثابتة في قلوبنا وفي علاها ثمرة رغم أنف قبضته الطغاة أنه لا يزال يهزنا.. هل أديتم ضريبتي ؟
ورغم أننا مقابل إستراتيجية المحتل المرحلية، وتوسعهم وضمهم بالتدريج نلقي بكل ثقلنا داخلياً لأننا نعيش هم القدس والأقصى أكثر من غيرنا ومقابل كل شخص تدفعه الشرطة لأداء الصلاة في الحرم ندفع ألفاً في مواجهته غير الألوف المتحفزة بعيداً عن الأنظار... إلا أن القدس في بلائها لا تزال تِسائلنا؟
من من أبناء هذه الأمة رغم اختلاف وجهات النظر أوصى أهله أن يدفن في أرجائي؟ وماذا عسيتم قدمتم وعملتم لتعظيم حرماتي وتقوية شعوركم بالانتماء إليّ؟
34 عاماً و أطفالنا في كل صبح يرسمون على جدار العمر خيلاً تصهل ولا تجيء.. وطيف قنديل تنائر في الفضاء ولا تزال النجمة السداسية السوداء ترتفع فوق أشلاء المآذن، تغوص في دم قبة الصخرة وحائط البراق.. تسرق البسمة والضحكات من عيون الصغار الأبرياء..
فماذا تبقى وما انتم عاملون في الأيام القادمة لرد الاعتبار لكرامتكم؟
43 مرت ويزيد والحناجر والمظاهرات والتنديدات تملأ الدنيا ضجيجاً ثم نبتلع الهواء ولا نطحن إلا كلاماً بكلام وهراء بهراء
الاعوام تمضي تترى ومتعاقبة ،والمحتل يبني حياته كلها على أساطير وخرافات وبقرة حمراء مقدسة!!، ويصحو وهو يحلم بزوال الأقصى بناء على أحلام تلمودية مع أن توراتهم تصفهم بأنهم عميان وملعونين وتصف القدس(أورشليم) بأنها نجسة ..جاء في سفر الملوك الثاني 2112-10:
"أن الله قال: اذْهَبْ، وَقُلْ لِهَذاَ الْشَعْبْ اسْمَعُوُا سَمْعَاً وَلاَ تُقَهْقِهُوُا،وأبْصِرُوُا إبْصَاراً وَلاَ تَعْرِفُوُا، غّلَظ قَلْبْ هَذَا الشَعْبْ"... ووصف القدس بالكثير من الصفات المذمومة وهي مشمولة بكل خلق ذميم ويكاد الوصف الواحد لها يتكرر بكل سفر من أسفارها ككثافة الشعر العربي، ويزيد الوحشة إن هذا الوصف خاصة حظيت به المدينة المقدسة التي أخذت قداستها وهي نجاسة مركبة – نعوذ بالله منهم – معجونة بدم الطمث ، ومعصرة الوحشية والعنف ممزوجة بالغدر والصلف، نجاسة ذاتية لا يطهرها شيء فانظروا ماذا تقول أسفارهم عن أورشليم"(القدس(
• "إنك لو اغتسلت وأكثرت من الأشنان لا تزالين ملطخة بإثمك يقول السيد الرب: كيف تقولين لم اتنجس؟" (أرميا 2:22)
• "خطئت أورشليم خطيئة لذلك صارت نجسة"وفي الترجمة الأخرى"رجسة"
• "وهي نجاسة ****:"دسنت الأرض بزناها" (أرميا 3:2)
• "بل تحت كل شجرة خضراء زنت"وليس فاجر واحد بل"زنت مع أخلاء كثيرين"ن.م) لا بل"زمن مع الحجر ومع الخشب" أرميا 3:9
• "وقضى الله أن لا تطهر" أورشليم" من نجاستها أبداَ " أن في نجاستها فجوراً لأني أردت أن " أطهرك فلم تطهري ولن تطهري بعد اليوم من نجاستك إلى أن أريح فيك غضبي" (حزقيال 24:13)
• ولهذا يذكر سفر أرمياء أن الرب قال له:
• "إني بسبب زني المرتدة إسرائيل قد طلقتها فأعطيتها كتاب طلاق" أرميا 3:8
• وسبب هذه العقوبة واضح متكرر:
" تدنست الأرض تحت سكانها لأنهم تعدوا الشرائع ونقضوا الحكم ونكثوا العهد الأبدي فلذلك أكلت اللعنة الأرض"؟؟؟
إن المسلم إزاء كل هذا يحس بمسئوليته الدينية العامة تجاه بيت المقدس، باعتباره مركزاً أساسا لتراث النبوة ويحس كذلك بتقصيره في هذا المجال.. وأنه بحاجة إلى مزيد من التبصير والتبصره والتنوير.. هي القدس التي نشد إليها الرحال يومياً، نرثي حالها تسأل الأمة معاتبة؟
هذه النصوص بين أيديكم تفضح سرائرهم وتكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن صراعهم سياسي لا يستند إلى قواعد دينية بل أن نصوصهم الدينية شيزوفرونية،وأن ما يرتكب اليوم ليس إلا من قبيل الانتقام من الأغيار العرب والمسلمين وتسفيل مقامهم، فهل من هبة سوية للإنتصار لكرامتكم وكرامة المسلم عند الله أعظم من حرمة الكعبة؟... *
وماذا يتبقى لنا من كرامة وعزة وأنفه إن بقيت بلاد الأنبياء ... مهد عيسى ومثوى إبراهيم ومسرى محمد... إن بقيت النجمة السوداء هي الشامخة والمرفوعة في سماء القدس وبيت المقدس، وللمعلومة فقط نقول،إن دولة الباطل يعلو اليوم شأنها ومقامها رغم بطشها وتنكيلها وجرائمها بينما نحن منذ سنوات ما زلنا ننشد بحسرة ولوعة وألم: ماذا تبقى من بلاد الانبياء... لا شيء غير مواكب القتلى وأنات النساء... لا شيء غير سيوف داحس التي غرست سهام الموت في الغبراء .. فكوننا تابوت،وعين شمسنا معمية، وتاريخنا سيف بطش أو دماء..
أعوام عمرنا تمضي في المزاد، وجلادنا يحدق في الغنيمة ثم ينهب ما يشاء، وزماتنا يدور في سأم بنا، فإذا تعثرت الخطى عدنا نهرول كالقطيع إلى الوراء، أعوام من الهزائم تمضي ونحن نشرب الأنخاب من زمن الهزائم ثم نغرق الدنيا بالتعازي والرثاء، حتى السماء ألقت أبوابها دوننا.. سئمت دعاء وخوار العاجزين وهل ترى يجدي مع السفه الدعاء؟
ماذا تبقى من بلاد الأنبياء ما بين الموائد والتهاني.. لم يبق غير أن نشيع الجثمان ونجمع الأبناء حول رفات فلسطين الحزينة... نبكي كما تبكي الثكالى..
خلعوا ثياب القدس ألقوا سرها المكنون في ساح العراء، قاموا عليها كالقطيع،ترنح الجسد الهزيل تلوثت بالدم أرض الجنة العذراء،نشروا على الشاشات نعيها وعلى الرفات تعانق الآباء والأجداد وتقبلوا فيها التعازي..
يا ليلة الإسراء و الأسرار عودي بالضياء فلعل الضوء العنيد يتسلل إلينا من ناحية من النواحي... من كرة ضيقة يشع نور إلى روابي القدس..
يا ليلة الإسراء عودي بالضياء هزي بجذع النخلة العذراء يساقط الأمل الوليد على ربوع القدس... تنتفض المآذن.. تتدفق الأنهار.. تهدو هبة الشرفاء.. هزي بجذع النخلة رغم اختناق الضوء ورغم الموت والأشلاء.. ما زلت أحلم أن أرى قبل الرحيل رماد طاغية جبار تناثر في الفضاء... ما زلت أحلم أن أرى الأطفال يقتسمون قرص الشمس.. أن أرى وطنا يعانق صرختي ويثور في شمم ويرفض في آباء.. ما زلت أحلم أن أرى في القدس يوماً صوت قداس يعانق ليلة الإسراء ويطل نور الله بين ربوعنا يمسح عن وجه أقصانا دمعه الهتان .. |