ـ[الاعتقاد]ـ
المؤلف : أبو الحسين ابن أبي يعلى ، محمد بن محمد (المتوفى : 526هـ)
المحقق : محمد بن عبد الرحمن الخميس
الناشر : دار أطلس الخضراء
الطبعة : الأولى ، 1423 هـ - 2002
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
(/)
________________________________________
مقدمة المحقق
إن
نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الذين آمنوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمرإن: 102].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء: 1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [ الأحزاب: 70، 71].
أما بعد؛ فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي
(1/5)
________________________________________
محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار (1) .
وبعد؛ فهذه رسالة نفيسة للإمام أبي الحسين محمد بن محمد بن حسين الفراء الحنبلي البغدادي، ابن القاضي أبي يعلى، صاحب كتاب طبقات الحنابلة. وهي وإن كانت صغيرة الحجم، فهي غزيرة الفائدة، وتكشف عن كون الإمام المصنف على عقيدة السلف الصالح، كما تبين مدى جهاده وذبه عن هذه العقيدة، فقد عهده الناس فقيهاً مؤرخاً من خلال كتابه طبقات الحنابلة وهو في كتابه هذا يبين عقيدة السلف في الإيمان، والتوحيد، والصفات، والقدر، والبعث والصراط، والنبوة، وحقوق النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة، وغيرها، كما يبين فيه الواجب فعله تجاه المبتدعة المخالفين لعقيدة السلف.
(أ) - أسباب تحقيق الكتاب:
? أنَّ المصنف من العلماء الحنابلة الذين تمسكوا بعقيدة الإمام أحمد في الأصول، كما هم على مذهبه في الفروع.
? بيان المؤلف في هذا الكتاب لعقيدته، عقيدة السلف، مما يدل على إحاطة المؤلف بمذهب أهل السنة العقدي، ومعرفته بأقاويل الفرق المبتدعة.
? أن الكتاب لم يطبع من قبل.
__________
(1) هذه خطبة الحاجة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح بها خطبه كلها رواها الإمام أحمد في المسند (1/392-293)، وأبو داود (2118)، والترمذي (1105)، وابن ماجة (1892).
(1/6)
________________________________________
(ب) - خطة البحث:
رأيت من المناسب تقسيم البحث في هذا الموضوع إلى قسمين:
القسم الأول: في التعريف بالمؤلف وبالكتاب:
ويشتمل هذا القسم على مبحثين:
المبحث الأول: التعريف بالمؤلف:
ـ اسمه ونسبه وكنيته ومولده.
ـ نشأته العلمية.
ـ ثناء العلماء عليه.
ـ أشهر مصنفاته.
ـ أشهر شيوخه.
ـ أشهر تلاميذه.
ـ وفاته.
المبحث الثاني: التعريف بالكتاب ووصف المخطوطة:
أولاً: التعريف بالكتاب:
ـ اسم الكتاب.
ـ موضوع الكتاب.
ـ سبب تأليف الكتاب.
ـ توثيق نسبة الكتاب إلى المؤلف.
ثانيا: وصف المخطوطة:
(1/7)
________________________________________
القسم الثاني: تحقيق الكتاب.
(ج) عملي في الكتاب:
لقد اجتهدت حسب الوسع والطاقة في خدمة هذا الكتاب، وإخراجه بهذه الصورة، ويتلخص عملي في التحقيق في الخطوات التالية:
1 ـ الاعتماد في تحقيق الكتاب على أصل محفوظ في المكتبة الظاهرية بدمشق الشام، تحت رقم (4546)، وهي نسخة وحيدة.
2 ـ عزو الآيات القرآنية إلى مواضعها في القرآن بين معقوفين بعد كل آية.
3 ـ عزو الأحاديث إلى مصادرها الحديثية، فإن كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما اكتفيت بالعزو إليهما، أما إذا كان في غير الصحيحين فاجتهد في العزو إلى أكثر من مصدر.
4 ـ التعليق والشرح لما يحتاج إليه في بعض المواضع التي تحتاج في نظري إلى تعليق، وفصلت بين الأصل وتعليقاتي عليه بوضع الأصل في أعلى الصفحة والتعليق في أسفلها.
5 ـ وضع عناوين جانبية توضح المقصود من كل فقرة.
6 ـ وضع فهارس عامة للكتاب، وهي:
أ ـ فهرس المصادر والمراجع.
ب ـ فهرس الموضوعات.
وأخيراً فإني بذلت الجهد في تحقيق هذا الكتاب وإخراجه، فإن وفّقت
(1/8)
________________________________________
إلى ذلك وأصبت فهو من عند الله وله المنّة، وإن كان غير ذلك فأستغفر الله، وعذري أني استفرغت في البحث وسعي، وأسال الله تعالى القبول، إنه تعالى نعم المولى ونعم النصير، وهو حسبي ونعم الوكيل، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1/9)
________________________________________
القسم الأول
التعريف بالمؤلف وبالكتاب
(1/10)
________________________________________
المبحث الأول:التعريف بالمؤلف
أ - اسمه ونسبه وكنيته ومولده:
هو أبو الحسين محمد بن محمد بن حسين بن محمد بن خلف بن أحمد بن الفراء الحنبلي، البغدادي، المشهور بالقاضي أبي الحسين، ولد سنة إحدى وخمسين وأربعمائة (1) .
ب - نشأته العلمية:
نشأ القاضي أبو الحسين في بيئة علمية صالحة، حيث نشأ تحت رعاية والده العلامة محمد بن الحسين المشهور بالقاضي أبي يعلى، وهو شيخ الحنابلة وأمامهم في عصره، حيث عني بتعليم ابنه وتهذيبه منذ نعومة أظافره، وكان أول ما يتلقاه طلاب العلم في ذلك الوقت حفظ القرآن، ثم بعد ذلك يوجهون عنايتهم لدراسة الحديث النبوي وسائر العلوم الشرعية الأخرى. فأخذ على مشايخ بغداد في مختلف العلوم الشرعية، حتى فاق أقرانه.
__________
(1) ذيل طبقات الحنابلة (1/177)، شذرات الذهب (3/306).
(1/11)
________________________________________
ج - ثناء العلماء عليه:
قال عنه الذهبي: (الإمام العلاّمة الفقيه القاضي أبو الحسين محمد بن القاضي الكبير أبي يعلى) (1) .
وقال عنه الذهبي في موضع آخر: (كان مفتياً مناظراً عارفاً بالمذهب ودقائقه، صلباً في السنة، كثير الحط على الأشاعرة) (2) .
وقال عنه ابن رجب: (برع في الفقه وأفتى وناظر، وكان عارفاً بالمذهب متشدداً في السنة) (3)
وقال عنه السلفي: (وكان كثيرا ما يتكلم في الأشاعرة، ويسمعهم، لا تأخذه في الله لومة لائم، وله تصانيف في مذهبه، وكان دينا ثقة ثبتاً، سمعنا منه) (4)
د - أشهر مصنفاته:
1 ـ طبقات الحنابلة، وهو مطبوع.
2 ـ الرد على زائغي الاعتقاد في منعهم من سماع الآيات.
3 ـ شرف الاتباع وسرف الابتداع.
4 ـ المقنع في النيات.
5 ـ المفتاح في الفقه.
6 ـ المسائل التي حلف عليها أحمد.
__________
(1) سير أعلام النبلاء 019/602-607).
(2) العبر (2/429).
(3) ذيل طبقات الحنابلة (1/177) .
(4) سير أعلام النبلاء .