الاعتدال في ضرب النساء
إن الله سبحانه وتعالى لم يشرع الضرب إلا للإصلاح،
والرسول صل الله عليه وسلم قيد الضرب الذي جاء مطلقاً في كتاب الله
في قوله تعالى:
{ وَاضْرِبُوهُنَّ }
[النساء:34]،
فالضرب هذا يحتمل أن يكون
ضرباً شديداً
وأن يكون ضرباً خفيفاً،
فقال النبي صل الله عليه وسلم :
( اضربوهن ضرباً غير مبرح )،
أي: غير شديد،
فهذا الضرب مطلق في كتاب الله وقيد بكلام الرسول ،
فعلى الزوج أن يضرب ضرب المحب لا ضرب المنتقم؛
إذ المقصود بالضرب هو الإصلاح.
وانظر إلى المثل العالي الذي ذكره الله عز وجل في كتابه المجيد
عن أيوب عليه السلام
امرأته الوفية التي ظلت ثمانية عشر عاماً تخدمه وهو في شدة البلاء،
صدر منها شيء،
فحلف أيوب عليه السلام أنه إذا عافاه الله أن يجلدها مائة جلدة،
مع أنها هذه المرأة الوفية
وهي لا تستحق هذا الجلد،
فقال الله عز وجل:
{ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا }
[ص:44]،
والضغث: هو مائة عود طري،
مثل عود البرسيم،
فيجمع مائة ويضربها بها ضربة واحدة،
فيكون كأنه ضربها مائة ضربة
؛ لأن هذه المرأة الوفية لا تستحق أن تجلد مائة جلدة،
لكنه عليه السلام أقسم أن يضربها،
وهو لا يحنث؛
بل لا بد أن يضرب،
فقال الله عز وجل:
{ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا }
أي: مائة عود
{ فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }
[ص:44].
فالضرب المطلق في كتاب الله عز وجل
قيده النبي صل الله عليه وسلم
في حجة الوداع، لما قال:
( واضربوهن ضرباً غير مبرح ).
وفي سنن أبي داود
أن النبي صل الله عليم وسلم
نهى عن ضرب النساء،
فجاء عمر وقال:
(يا رسول الله! زئرن النساء على أزاواجهن)،
زئرن: أي: استأسدن،
فعندما أمن النساء أنهن لن يضربن،
استأسدن،
فرخص النبي صل الله عليه وسلم في الضرب مرة أخرى،
فما بقي أحد إلا ضرب زوجته،
عوضوا عن المدة الماضية،
فطاف ببيت النبي صل الله عليه وسلم سبعون امرأة،
كلهن يشتكين أزواجهن،
فقال :
( لقد طاف بآل محمد سبعون امرأة كلهن يشكي زوجه، ليس أولئك بخياركم )،
أي: ليس الذين يضربون هم خياركم،
إنما يلجأ الإنسان إلى الضرب في وقته،
ويكون ضرباً يسيراً،
مثلاً بالسواك،
ولكن تجد بعضهم يحمل نصف عرق خشب في جيبه ثخين وطويل،
والذي يراه لا يعرف أن له مآرب أخرى،
ويقول: هذا ضرب بالسواك!!
فالإنسان لا مانع أن يضرب،
لكن الضرب في كتاب الله عز وجل آخر مرحلة،
وبعض الأزواج يبدءون بالضرب،
وهذا خلاف تنفيذ تهديد المرأة الوارد في كتاب الله عز وجل في قوله تعالى:
(( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ))
، وأنا أقول:
لا يلجأ الرجل إلى الضرب إلا لأنه عجز عن الهجر،
ولو هجر حقاً فلن يصل إلى الضرب،
فإذا اضطر إلى الضرب يضرب؛
لأن النبي صل الله عليه وسلم كان يضرب ضرباً غير مبرح.
تقول عائشة رضي الله عنها،
كما في صحيح مسلم :
( ألا أحدثكم عني وعن رسول الله صل الله عليه وسلم ؟
إنه لما كان في ليلتي التي هي لي، جاء ففتح الباب رويداً رويداً، ومشى رويداً رويداً، ووضع جنبه على الفراش رويداً رويداً، فما هو إلا ريثما أن وضع جنبه على الفراش رويداً رويداً، حتى قام رويداً رويداً، وأخذ نعله رويداً رويداً، ومشى رويداً رويداً، وفتح الباب رويداً رويداً، وانطلق ).
(رويداً رويداً)،
هذا من الأفعال التي تكرر في كل مرة،
أي: بهدوء شديد،
والرسول يظن أن عائشة نائمة، فكره أن يوقظها،
وهذا من رأفته وحنانه ،
قالت:
( فانطلق، فتصنعت إزاري وانطلقت وراءه
-وكانت تظن أنه ذاهب إلى بعض نسائه-
حتى ذهب إلى البقيع،
فرفع يديه ثلاث مرات يرفعها ويخفضها،
قالت: ثم انحرف فانحرفت
-انحرف راجعاً-
فأسرع فأسرعت،
فهرول فهرولت،
فأحضر -
أي: فمشى الهوينا-
فأحضرت، فسبقته،
فأول ما دخلت البيت دخلت تحت اللحاف،
فقال: مالك يا عائش ؟! حشيا رابية )،
هل هناك شيء؟
لأنه تركها مستريحة، وجاء وهي تتنهد من تعب المشي...
الشيخ أبى اسحاق الحويني
على هامش حديث ام زرع
خبر المرأة السابعة
إن الله سبحانه وتعالى لم يشرع الضرب إلا للإصلاح،
والرسول صل الله عليه وسلم قيد الضرب الذي جاء مطلقاً في كتاب الله
في قوله تعالى:
{ وَاضْرِبُوهُنَّ }
[النساء:34]،
فالضرب هذا يحتمل أن يكون
ضرباً شديداً
وأن يكون ضرباً خفيفاً،
فقال النبي صل الله عليه وسلم :
( اضربوهن ضرباً غير مبرح )،
أي: غير شديد،
فهذا الضرب مطلق في كتاب الله وقيد بكلام الرسول ،
فعلى الزوج أن يضرب ضرب المحب لا ضرب المنتقم؛
إذ المقصود بالضرب هو الإصلاح.
وانظر إلى المثل العالي الذي ذكره الله عز وجل في كتابه المجيد
عن أيوب عليه السلام
امرأته الوفية التي ظلت ثمانية عشر عاماً تخدمه وهو في شدة البلاء،
صدر منها شيء،
فحلف أيوب عليه السلام أنه إذا عافاه الله أن يجلدها مائة جلدة،
مع أنها هذه المرأة الوفية
وهي لا تستحق هذا الجلد،
فقال الله عز وجل:
{ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا }
[ص:44]،
والضغث: هو مائة عود طري،
مثل عود البرسيم،
فيجمع مائة ويضربها بها ضربة واحدة،
فيكون كأنه ضربها مائة ضربة
؛ لأن هذه المرأة الوفية لا تستحق أن تجلد مائة جلدة،
لكنه عليه السلام أقسم أن يضربها،
وهو لا يحنث؛
بل لا بد أن يضرب،
فقال الله عز وجل:
{ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا }
أي: مائة عود
{ فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }
[ص:44].
فالضرب المطلق في كتاب الله عز وجل
قيده النبي صل الله عليه وسلم
في حجة الوداع، لما قال:
( واضربوهن ضرباً غير مبرح ).
وفي سنن أبي داود
أن النبي صل الله عليم وسلم
نهى عن ضرب النساء،
فجاء عمر وقال:
(يا رسول الله! زئرن النساء على أزاواجهن)،
زئرن: أي: استأسدن،
فعندما أمن النساء أنهن لن يضربن،
استأسدن،
فرخص النبي صل الله عليه وسلم في الضرب مرة أخرى،
فما بقي أحد إلا ضرب زوجته،
عوضوا عن المدة الماضية،
فطاف ببيت النبي صل الله عليه وسلم سبعون امرأة،
كلهن يشتكين أزواجهن،
فقال :
( لقد طاف بآل محمد سبعون امرأة كلهن يشكي زوجه، ليس أولئك بخياركم )،
أي: ليس الذين يضربون هم خياركم،
إنما يلجأ الإنسان إلى الضرب في وقته،
ويكون ضرباً يسيراً،
مثلاً بالسواك،
ولكن تجد بعضهم يحمل نصف عرق خشب في جيبه ثخين وطويل،
والذي يراه لا يعرف أن له مآرب أخرى،
ويقول: هذا ضرب بالسواك!!
فالإنسان لا مانع أن يضرب،
لكن الضرب في كتاب الله عز وجل آخر مرحلة،
وبعض الأزواج يبدءون بالضرب،
وهذا خلاف تنفيذ تهديد المرأة الوارد في كتاب الله عز وجل في قوله تعالى:
(( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ))
، وأنا أقول:
لا يلجأ الرجل إلى الضرب إلا لأنه عجز عن الهجر،
ولو هجر حقاً فلن يصل إلى الضرب،
فإذا اضطر إلى الضرب يضرب؛
لأن النبي صل الله عليه وسلم كان يضرب ضرباً غير مبرح.
تقول عائشة رضي الله عنها،
كما في صحيح مسلم :
( ألا أحدثكم عني وعن رسول الله صل الله عليه وسلم ؟
إنه لما كان في ليلتي التي هي لي، جاء ففتح الباب رويداً رويداً، ومشى رويداً رويداً، ووضع جنبه على الفراش رويداً رويداً، فما هو إلا ريثما أن وضع جنبه على الفراش رويداً رويداً، حتى قام رويداً رويداً، وأخذ نعله رويداً رويداً، ومشى رويداً رويداً، وفتح الباب رويداً رويداً، وانطلق ).
(رويداً رويداً)،
هذا من الأفعال التي تكرر في كل مرة،
أي: بهدوء شديد،
والرسول يظن أن عائشة نائمة، فكره أن يوقظها،
وهذا من رأفته وحنانه ،
قالت:
( فانطلق، فتصنعت إزاري وانطلقت وراءه
-وكانت تظن أنه ذاهب إلى بعض نسائه-
حتى ذهب إلى البقيع،
فرفع يديه ثلاث مرات يرفعها ويخفضها،
قالت: ثم انحرف فانحرفت
-انحرف راجعاً-
فأسرع فأسرعت،
فهرول فهرولت،
فأحضر -
أي: فمشى الهوينا-
فأحضرت، فسبقته،
فأول ما دخلت البيت دخلت تحت اللحاف،
فقال: مالك يا عائش ؟! حشيا رابية )،
هل هناك شيء؟
لأنه تركها مستريحة، وجاء وهي تتنهد من تعب المشي...
الشيخ أبى اسحاق الحويني
على هامش حديث ام زرع
خبر المرأة السابعة