مسلمة بن حبيب الملقّب بالكذاب:
رجل من بني حنيفة، يقال إن اسمه مسلمة وأن المؤرخين المسلمين يذكرونه باسم مسيلمة استحقاراً له كان قد تسمى بالرحمان فكان يقال له رحمان اليمامة، تزوج بسجاح التميمية وكان يعمل كثيراً من أعمال الدجل، وادعى النبوة في عهد النبي وشهد له أحد أتباعه أنه سمع الرسول يقول: أنه أشرك معه مسيلمة في الأمر، وتابعه كثير من أهل اليمامة، وخاصة من بني حنيفة، وكان يدعي الكرامات، ويقول المسلمون فأظهر الله كذبه ولصق به لقب الكذاب، وأراد إظهار كرامات تشبه معجزات النبي ، فقد ذكر ابن كثير في البداية أنه بصق في بئر فغاض ماؤها، وفي أخرى فصار ماؤها أجاجاً، وسقى بوضوئه نخلا فيبست، وأتى بولدان يبرك عليهم فمسح على رؤسهم فمنهم من قرع رأسه ومنهم من لثغ لسانه، ودعا لرجل أصابه وجع في عينيه فمسحهما فعمي.
قتل في معركة حديقة الموت بمعركة اليمامة أيام خلافة ابي بكر، وقيل إن عمره حينئذ كان يناهز مائة وخمسين سنة، وقيل: إن الذي قتله وحشي بن حرب قاتل حمزة بن عبد المطلب يوم معركة أحد، عندما ادَّعى "مسيلمة الكذاب" النبوة قال له أتباعه: "إن محمدًا يقرأ قرآنًا يأتيه من السماء فاقرأ علينا شيءًا مما يأتيك من السماء"، فقال لهم: "يا ضفدع يا ضفدعين .. نُقِّي ما تَنُقِّين .. نصفُكِ في الماء ونصفك في الطين"، فتقزز أتباعه مما سمعوا وعلموا أنه ليس وحي سماء بل هذيان معتوه، وانبرى له من بينهم أحد الأعراب قائلاً: والله إني لأعلم أنك كذَّاب، وأعلم أن محمدًا صادقٌ، ولكن كذابُ ربيعة أحبُ إليَّ من صادق مضر.
طليحة بن خويلد الأسدي:
من قادة حروب الردة بعد وفاة النبي محمد سنة 11 هـ (632م). ادّعى النبوة في قومه بني أسد وتبعه بعض طيء وغطفان في أرض نجد، إلا أنه هزم مع أتباعه على يد خالد بن الوليد في معركة بزاخة ودخل الإسلام على إثر ذلك. شارك طليحة في الفتوحات واستشهد في معركة نهاوند سنة 21 هـ - 642م.
بعد توبته:
لما انهزم طليحة وتفرق جنده هرب حتى دخل الشام فنزل على آل جفنة الغساسنة، ثم أسلم وحسن اسلامه.
اتجه الى مكة يريد العمرة أيام الصديق رضي الله عنه واستحيا ان يواجهه مدة حياته، وقد رجع فشهد القتال مع خالد بن الوليد، وكتب الصديق الى خالد ان استشره في الحرب ولا تؤمره، وهذا من فقه الصديق رضي الله عنه وأرضاه، لأن الذي جعل طليحة يدعي النبوة حبه للرياسة والزعامة، ولذا سأل خالد احد أتباع طليحة ممن أسلموا وتابوا معه: اخبرنا عما كان يقول لكم طليحة من الوحي؟ فقال انه كان يقول: "الحمام واليمام والصرد الصوام، قد صمن قبلكم بأعوام، ليبلغن ملكنا العراق والشام". ولما جاء وسلم على عمر قال له: “اغرب عن وجهي فإنك قاتل الرجلين الصالحين، عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم” فقال: “يا أمير المؤمنين هما رجلان أكرمهما الله على يدي ولم يهني بأيديهما” فاعجب عمر كلامه، وأوصى الأمراء ان يشاور ولا يولى من الأمر شيئاً.
وكذلك كانت وصية عمر الى سعد بن أبي وقاص في القادسية فلما كان يوم أرماث قام طليحة في بني اسد يدفعهم الى القتال والى الدفاع عن الاسلام والمسلمين يقول: “ابتدئوا الشدة، واقدموا عليهم إقدام الليوث الحربة، فإنما سميتم أسداً لتفعلوا فعلة الأسد”.
ثم بارز الفرس وقادتهم وعلى رأسهم الجالينوس فقتل منهم وأصاب. وفي يوم عماس كان مقداماً لا يهاب الموت، وهاجم الفرس وحده من خلفهم ثم كبر ثلاث تكبيرات ارتاع لها الفرس، فظنوا ان جيش الاسلام جاءهم من ورائهم.
وفي القادسية خرج هو وعمرو بن معد يكرب للاستطلاع فأبى ان يرجع حتى يتم المهمة، واتهمه البعض بالغدر وعايروه بقتله عكاشة وصاحبه، لكنه أصر ان يكمل المهمة وحده دون عون منهم, فخاض في الماء يريد الوصول الى معسكر رستم قائد الفرس، الذي يضم أكثر من ثمانين ألف مقاتل. وكذلك وهو يركب فرساً من خيلهم وكان يحب الخيل وأخذ يعدو به، وخرج الفرس في أثره يريدون القبض عليه او التخلص منه، فقتل منهم اثنين من خيرة قادتهم وفرسانهم، ثم أسر الثالث وسار به حتى وصل معسكر المسلمين، فدخل على سعد فقال له سعد: “ويحك ما وراءك؟” قال طليحة: “أسرته فاستخبره فاستدعى سعد المترجم” فقال الأسير: “أتؤمنني على دمي ان صدقتك؟” قال سعد: “نعم”. قال: “اخبركم عن صاحبكم قبل ان أخبركم عمن قبلي” ثم راح يحدثهم عن بطولة وشجاعة طليحة النادرة، واختراقه معسكراً فيه ما فيه من الجنود والقادة، وشهد له بأنه يعدل ألف فارس، ثم أسلم هذا الأسير، وحسن اسلامه، واستفاد منه المسلمون استفادة عظيمة نظراً لخبرته بمعسكر الفرس.
موته:
بعد حياة طويلة مليئة بالتوبة الصادقة، والبطولات النادرة نال طليحة الشهادة التي كان يتمناها لتغسل ما حصل منه يوم ارتد وادعى النبوة، فقاتل يوم نهاوند قتال الأبطال حتى قتل.
سجاح التغلبية :
كانت قد اختلفت آراؤهم أيام الردة فمنهم من ارتد ومنع الزكاة ومنهم من بعث بأموال الصدقات إلى الصديق ومنهم من توقف لينظر في أمره فبينما هم كذلك إذ أقبلت سجاح بنت الحارث بن سويد بن عقفان التغلبية من الجزيرة وهي من نصارى العرب وقد ادعت النبوة ومعها جنود من قومها ومن التف بهم وقد عزموا على غزو أبي بكر الصديق فلما مرت ببلاد بني تميم دعتهم إلى أمرها فاستجاب لها عامتهم وكان ممن استجاب لها مالك بن نويرة التميمي وعطارد بن حاجب وجماعة من سادات أمراء بني تميم وتخلف آخرون منهم عنها ثم اصطلحوا على أن لا حرب بينهم الا أن مالك بن نويرة لما وادعها ثناها عن عودها وحرضها على بني يربوع ثم اتفق الجميع على قتال الناس وقالوا بمن نبدأ فقالت لهم فيما تسجعه أعدوا الركاب واستعدوا للنهاب ثم أغيروا على الرباب فليس دونهم حجاب ثم إنهم تعاهدوا على نصرها فقال قائل منهم:
أتتنا أخت تغلب في رجال * جلائب من سراة بني أبينا
وارست دعوة فينا سفاها * وكانت من عمائر آخرينا
فما كنا لنرزيهم زبالا * وما كانت لتسلم إذ أتينا
ألا سفهت حلومكم وضلت * عشية تحشدون لها ثبينا
وقال عطارد بن حاجب في ذلك: أمست نبيتنا أنثى نطيف بها وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا، ثم إن سجاح قصدت بجنودها اليمامة لتأخذها من مسيلمة بن حبيب الكذاب فهابه قومها وقالوا إنه قد استفحل أمره وعظم فقالت لهم فيما تقوله عليكم باليمامة دفوا دفيف الحمامة فإنها غزوة صرامة لا تلحقكم بعدها ملامة قال فعمدوا لحرب مسيلمة فلما سمع بمسيرها إليه خافها على بلاده وذلك أنه مشغول بمقاتلة ثمامة بن أثال وقد ساعده عكرمة بن أبي جهل بجنود المسلمين وهم نازلون ببعض بلاده ينتظرون قدوم خالد كما سيأتي فبعث إليها يستأمنها ويضمن لها أن يعطيها نصف الأرض الذي كان لقريش لو عدلت فقد رده الله عليك فحباك به وراسلها ليجتمع بها في طائفة من قومه فركب اليها في أربعين من قومه وجاء إليها فاجتمعا في خيمة فلما خلا بها وعرض عليها ما عرض من نصف الأرض وقبلت ذلك قال مسيلمة سمع الله لمن سمع وأطمعه بالخير إذا طمع ولا يزال أمره في كل ما يسر مجتمع رآكم ربكم فحياكم ومن وحشته أخلاكم ويوم دينه أنجاكم فأحياكم علينا من صلوات معشر أبرار لا أشقياء ولا فجار يقومون الليل ويصومون النهار لربكم الكبار رب الغيوم والأمطار وقال أيضا لما رأيت وجوههم حسنت وأبشارهم صفت وأيديهم طفلت قلت لهم لا النساء تأتون ولا الخمر تشربون ولكنكم معشر أبرار تصومون فسبحان الله إذا جاءت الحياة كيف تحيون وإلى ملك السماء كيف ترقون فلو أنها حبة خردلة لقام عليها شهيد يعلم ما في الصدور ولأكثر الناس فيها الثبور وقد كان مسيلمة لعنه الله شرع لمن اتبعه أن الأعزب يتزوج فاذا ولد له ذكر فيحرم عليه النساء حينئذ الا أن يموت ذلك الولد الذكر فتحل له النساء حتى يولد له ذكر هذا مما اقترحه لعنه الله من تلقاء نفسه ثم تزوجها واقامت عنده ثلاثة ايام ثم رجعت إلى قومها فقالوا ما أصدقك فقالت لم يصدقني شيئا فقالوا إنه قبيح على مثلك أن تتزوج بغير صداق فبعثت إليه تسأله صداقا فقال ارسلي إلي مؤذنك فبعثته إليه وهو شبت بن ربعي فقال ناد في قومك إن مسيلمة بن حبيب رسول الله قد وضع عنكم صلاتين مما أتاكم به محمد يعني صلاة الفجر وصلاة العشاء الآخرة فكان هذا صداقها عليه لعنهما الله ثم انثنت سجاح راجعة إلى بلادها وذلك حين بلغها دنو خالد من أرض اليمامة فكرت راجعة إلى الجزيرة بعد ما قبضت من مسيلمة نصف خراج أرضه فأقامت في قومها بني تغلب إلى زمان معاوية فأجلاهم منها عام الجماعة كما سيأتي بيانه في موضعه.
الأسود العنسي:
هو عبهلة بن كعب بن عوف العنسي، وعنس بطن من مذحج، من بلد يقال لها كهف حنان، وكان يلقب (بذي الخمار) لأنه كان معتما متخمرًا أبدًا.
كان الأسود مشعوذًا يريهم الأعاجيب، وكان أول ادعائه النبوة عندمـا بلغه مرض الرسول(عليه الصلاة والسلام) بعد عودته من حجة الوداع وهو غير مرض وفاته فعندما بلغه ذلك ادعى النبوة، واتبعته مذحج، وكانت ردته أول ردة في الإسلام على عهد النبي. وقد قيل إن مدة ملكه منذ ظهر إلى أن قتل ثلاثة أشهر، ويقال أربعة أشهر.
رجل من بني حنيفة، يقال إن اسمه مسلمة وأن المؤرخين المسلمين يذكرونه باسم مسيلمة استحقاراً له كان قد تسمى بالرحمان فكان يقال له رحمان اليمامة، تزوج بسجاح التميمية وكان يعمل كثيراً من أعمال الدجل، وادعى النبوة في عهد النبي وشهد له أحد أتباعه أنه سمع الرسول يقول: أنه أشرك معه مسيلمة في الأمر، وتابعه كثير من أهل اليمامة، وخاصة من بني حنيفة، وكان يدعي الكرامات، ويقول المسلمون فأظهر الله كذبه ولصق به لقب الكذاب، وأراد إظهار كرامات تشبه معجزات النبي ، فقد ذكر ابن كثير في البداية أنه بصق في بئر فغاض ماؤها، وفي أخرى فصار ماؤها أجاجاً، وسقى بوضوئه نخلا فيبست، وأتى بولدان يبرك عليهم فمسح على رؤسهم فمنهم من قرع رأسه ومنهم من لثغ لسانه، ودعا لرجل أصابه وجع في عينيه فمسحهما فعمي.
قتل في معركة حديقة الموت بمعركة اليمامة أيام خلافة ابي بكر، وقيل إن عمره حينئذ كان يناهز مائة وخمسين سنة، وقيل: إن الذي قتله وحشي بن حرب قاتل حمزة بن عبد المطلب يوم معركة أحد، عندما ادَّعى "مسيلمة الكذاب" النبوة قال له أتباعه: "إن محمدًا يقرأ قرآنًا يأتيه من السماء فاقرأ علينا شيءًا مما يأتيك من السماء"، فقال لهم: "يا ضفدع يا ضفدعين .. نُقِّي ما تَنُقِّين .. نصفُكِ في الماء ونصفك في الطين"، فتقزز أتباعه مما سمعوا وعلموا أنه ليس وحي سماء بل هذيان معتوه، وانبرى له من بينهم أحد الأعراب قائلاً: والله إني لأعلم أنك كذَّاب، وأعلم أن محمدًا صادقٌ، ولكن كذابُ ربيعة أحبُ إليَّ من صادق مضر.
طليحة بن خويلد الأسدي:
من قادة حروب الردة بعد وفاة النبي محمد سنة 11 هـ (632م). ادّعى النبوة في قومه بني أسد وتبعه بعض طيء وغطفان في أرض نجد، إلا أنه هزم مع أتباعه على يد خالد بن الوليد في معركة بزاخة ودخل الإسلام على إثر ذلك. شارك طليحة في الفتوحات واستشهد في معركة نهاوند سنة 21 هـ - 642م.
بعد توبته:
لما انهزم طليحة وتفرق جنده هرب حتى دخل الشام فنزل على آل جفنة الغساسنة، ثم أسلم وحسن اسلامه.
اتجه الى مكة يريد العمرة أيام الصديق رضي الله عنه واستحيا ان يواجهه مدة حياته، وقد رجع فشهد القتال مع خالد بن الوليد، وكتب الصديق الى خالد ان استشره في الحرب ولا تؤمره، وهذا من فقه الصديق رضي الله عنه وأرضاه، لأن الذي جعل طليحة يدعي النبوة حبه للرياسة والزعامة، ولذا سأل خالد احد أتباع طليحة ممن أسلموا وتابوا معه: اخبرنا عما كان يقول لكم طليحة من الوحي؟ فقال انه كان يقول: "الحمام واليمام والصرد الصوام، قد صمن قبلكم بأعوام، ليبلغن ملكنا العراق والشام". ولما جاء وسلم على عمر قال له: “اغرب عن وجهي فإنك قاتل الرجلين الصالحين، عكاشة بن محصن وثابت بن أقرم” فقال: “يا أمير المؤمنين هما رجلان أكرمهما الله على يدي ولم يهني بأيديهما” فاعجب عمر كلامه، وأوصى الأمراء ان يشاور ولا يولى من الأمر شيئاً.
وكذلك كانت وصية عمر الى سعد بن أبي وقاص في القادسية فلما كان يوم أرماث قام طليحة في بني اسد يدفعهم الى القتال والى الدفاع عن الاسلام والمسلمين يقول: “ابتدئوا الشدة، واقدموا عليهم إقدام الليوث الحربة، فإنما سميتم أسداً لتفعلوا فعلة الأسد”.
ثم بارز الفرس وقادتهم وعلى رأسهم الجالينوس فقتل منهم وأصاب. وفي يوم عماس كان مقداماً لا يهاب الموت، وهاجم الفرس وحده من خلفهم ثم كبر ثلاث تكبيرات ارتاع لها الفرس، فظنوا ان جيش الاسلام جاءهم من ورائهم.
وفي القادسية خرج هو وعمرو بن معد يكرب للاستطلاع فأبى ان يرجع حتى يتم المهمة، واتهمه البعض بالغدر وعايروه بقتله عكاشة وصاحبه، لكنه أصر ان يكمل المهمة وحده دون عون منهم, فخاض في الماء يريد الوصول الى معسكر رستم قائد الفرس، الذي يضم أكثر من ثمانين ألف مقاتل. وكذلك وهو يركب فرساً من خيلهم وكان يحب الخيل وأخذ يعدو به، وخرج الفرس في أثره يريدون القبض عليه او التخلص منه، فقتل منهم اثنين من خيرة قادتهم وفرسانهم، ثم أسر الثالث وسار به حتى وصل معسكر المسلمين، فدخل على سعد فقال له سعد: “ويحك ما وراءك؟” قال طليحة: “أسرته فاستخبره فاستدعى سعد المترجم” فقال الأسير: “أتؤمنني على دمي ان صدقتك؟” قال سعد: “نعم”. قال: “اخبركم عن صاحبكم قبل ان أخبركم عمن قبلي” ثم راح يحدثهم عن بطولة وشجاعة طليحة النادرة، واختراقه معسكراً فيه ما فيه من الجنود والقادة، وشهد له بأنه يعدل ألف فارس، ثم أسلم هذا الأسير، وحسن اسلامه، واستفاد منه المسلمون استفادة عظيمة نظراً لخبرته بمعسكر الفرس.
موته:
بعد حياة طويلة مليئة بالتوبة الصادقة، والبطولات النادرة نال طليحة الشهادة التي كان يتمناها لتغسل ما حصل منه يوم ارتد وادعى النبوة، فقاتل يوم نهاوند قتال الأبطال حتى قتل.
سجاح التغلبية :
كانت قد اختلفت آراؤهم أيام الردة فمنهم من ارتد ومنع الزكاة ومنهم من بعث بأموال الصدقات إلى الصديق ومنهم من توقف لينظر في أمره فبينما هم كذلك إذ أقبلت سجاح بنت الحارث بن سويد بن عقفان التغلبية من الجزيرة وهي من نصارى العرب وقد ادعت النبوة ومعها جنود من قومها ومن التف بهم وقد عزموا على غزو أبي بكر الصديق فلما مرت ببلاد بني تميم دعتهم إلى أمرها فاستجاب لها عامتهم وكان ممن استجاب لها مالك بن نويرة التميمي وعطارد بن حاجب وجماعة من سادات أمراء بني تميم وتخلف آخرون منهم عنها ثم اصطلحوا على أن لا حرب بينهم الا أن مالك بن نويرة لما وادعها ثناها عن عودها وحرضها على بني يربوع ثم اتفق الجميع على قتال الناس وقالوا بمن نبدأ فقالت لهم فيما تسجعه أعدوا الركاب واستعدوا للنهاب ثم أغيروا على الرباب فليس دونهم حجاب ثم إنهم تعاهدوا على نصرها فقال قائل منهم:
أتتنا أخت تغلب في رجال * جلائب من سراة بني أبينا
وارست دعوة فينا سفاها * وكانت من عمائر آخرينا
فما كنا لنرزيهم زبالا * وما كانت لتسلم إذ أتينا
ألا سفهت حلومكم وضلت * عشية تحشدون لها ثبينا
وقال عطارد بن حاجب في ذلك: أمست نبيتنا أنثى نطيف بها وأصبحت أنبياء الناس ذكرانا، ثم إن سجاح قصدت بجنودها اليمامة لتأخذها من مسيلمة بن حبيب الكذاب فهابه قومها وقالوا إنه قد استفحل أمره وعظم فقالت لهم فيما تقوله عليكم باليمامة دفوا دفيف الحمامة فإنها غزوة صرامة لا تلحقكم بعدها ملامة قال فعمدوا لحرب مسيلمة فلما سمع بمسيرها إليه خافها على بلاده وذلك أنه مشغول بمقاتلة ثمامة بن أثال وقد ساعده عكرمة بن أبي جهل بجنود المسلمين وهم نازلون ببعض بلاده ينتظرون قدوم خالد كما سيأتي فبعث إليها يستأمنها ويضمن لها أن يعطيها نصف الأرض الذي كان لقريش لو عدلت فقد رده الله عليك فحباك به وراسلها ليجتمع بها في طائفة من قومه فركب اليها في أربعين من قومه وجاء إليها فاجتمعا في خيمة فلما خلا بها وعرض عليها ما عرض من نصف الأرض وقبلت ذلك قال مسيلمة سمع الله لمن سمع وأطمعه بالخير إذا طمع ولا يزال أمره في كل ما يسر مجتمع رآكم ربكم فحياكم ومن وحشته أخلاكم ويوم دينه أنجاكم فأحياكم علينا من صلوات معشر أبرار لا أشقياء ولا فجار يقومون الليل ويصومون النهار لربكم الكبار رب الغيوم والأمطار وقال أيضا لما رأيت وجوههم حسنت وأبشارهم صفت وأيديهم طفلت قلت لهم لا النساء تأتون ولا الخمر تشربون ولكنكم معشر أبرار تصومون فسبحان الله إذا جاءت الحياة كيف تحيون وإلى ملك السماء كيف ترقون فلو أنها حبة خردلة لقام عليها شهيد يعلم ما في الصدور ولأكثر الناس فيها الثبور وقد كان مسيلمة لعنه الله شرع لمن اتبعه أن الأعزب يتزوج فاذا ولد له ذكر فيحرم عليه النساء حينئذ الا أن يموت ذلك الولد الذكر فتحل له النساء حتى يولد له ذكر هذا مما اقترحه لعنه الله من تلقاء نفسه ثم تزوجها واقامت عنده ثلاثة ايام ثم رجعت إلى قومها فقالوا ما أصدقك فقالت لم يصدقني شيئا فقالوا إنه قبيح على مثلك أن تتزوج بغير صداق فبعثت إليه تسأله صداقا فقال ارسلي إلي مؤذنك فبعثته إليه وهو شبت بن ربعي فقال ناد في قومك إن مسيلمة بن حبيب رسول الله قد وضع عنكم صلاتين مما أتاكم به محمد يعني صلاة الفجر وصلاة العشاء الآخرة فكان هذا صداقها عليه لعنهما الله ثم انثنت سجاح راجعة إلى بلادها وذلك حين بلغها دنو خالد من أرض اليمامة فكرت راجعة إلى الجزيرة بعد ما قبضت من مسيلمة نصف خراج أرضه فأقامت في قومها بني تغلب إلى زمان معاوية فأجلاهم منها عام الجماعة كما سيأتي بيانه في موضعه.
الأسود العنسي:
هو عبهلة بن كعب بن عوف العنسي، وعنس بطن من مذحج، من بلد يقال لها كهف حنان، وكان يلقب (بذي الخمار) لأنه كان معتما متخمرًا أبدًا.
كان الأسود مشعوذًا يريهم الأعاجيب، وكان أول ادعائه النبوة عندمـا بلغه مرض الرسول(عليه الصلاة والسلام) بعد عودته من حجة الوداع وهو غير مرض وفاته فعندما بلغه ذلك ادعى النبوة، واتبعته مذحج، وكانت ردته أول ردة في الإسلام على عهد النبي. وقد قيل إن مدة ملكه منذ ظهر إلى أن قتل ثلاثة أشهر، ويقال أربعة أشهر.