الأرق هو مرض العصر الحديث، هذا ما يؤكده بحث علمي نشره الدكتور «جوران هاياك» رئيس الجمعية الاوروبية لمكافحة الأرق. واشار البحث الى ان ربع عدد سكان اوروبا، يعانون من الارق وعدم الشعور بالراحة والاسترخاء بعد قضاء ساعات قليلة من النوم المتقطع خلال الليل، كما يشير الى نسبة المواطنين الذين تصل مشكلة الأرق لديهم الى مرحلة المرض تتراوح ما بين 10 الى 15 بالمائة. وتشير المعلومات التي نشرت اقامة «يوم النوم» الذي شارك فيه حوالي 150 مركزاً وعيادة طبية لمعالجة الأرق، الى أن المشاكل الناجمة عن الأرق لا تقتصر على الناحيتين الصحية والنفسية لدى الاشخاص الذين يعانون من الأرق وقلة النوم فقط، بل تشمل نواحي اجتماعية وعائلية، بالاضافة الى الخسائر الاقتصادية والمالية الناجمة عن التعب والخمول وصعوبة انجاز الأعمال المطلوبة، وكذلك اخطار السير وحوادث العمل الطارئة، اذ يقول الخبراء ان الخسائر الناجمة عن الارق والنتائج الخطيرة التي تتمخض عنه تصل الى حوالي 800 مليار يورو، بل إن ربع حوادث الوفاة في حوادث السير والمرور في الطرق هي نتيجة التعب والخمول والدخول في مرحلة النوم المفاجئ خلال قيادة السيارة.
كما يؤكد الخبراء الاميركيون ان 77 بالمائة من حوادث الطيران في العالم تعود الى اسباب خاصة بالطيارين انفسهم، نصفها تقريباً بسبب الأرق وقلة النوم. وتختلف مشكلة الأرق والمشاكل الناجمة عن قلة النوم، من المشاكل المرضية والصحية الأخرى، الى عدم شعور المرء بها وعدم معرفة اخطارها الخفية بسبب الاعتياد عليها واهمال مظاهرها، وعدم مراجعة الاطباء المتخصصين بمعالجة الأرق وخجلهم من التعبير عن التعب والخمول لديهم، واعتبار ذلك من امور الحياة اليومية العادية في الوقت نفسه الذي يحذر فيه الخبراء من المبالغة في التحسس من الأرق والسقوط في دوامة القلق الذي يقود «بدوره» الى الأرق، اذ يشير الدكتور جيرك ماير، إلى ان عدم النوم خلال ليلتين او ثلاث ليالٍ لا يعتبر ارقاً مرضياً، اذ ان الأرق المرضي هو الذي يصل الى عدم النوم واضطرابه مدة لا تقل عن خمس ليال، الذي يمتد الى فترة لا تقل عن ثلاثة أشهر. والى جانب الاسباب المرضية العضوية والجسدية التي تؤدي الى الأرق واضطراب ساعات النوم،
هناك اسباب نفسية تختلف بين شخص وآخر، اهمها التوتر العصبي والقلق المهني والعائلي وضغط العمل اليومي. اذ يؤكد الدكتور يورجن تسوللي، الطبيب الالماني المتخصص بالارق في جامعة «ريجنزبورج» ان 95 بالمائة من العمال الذين يعملون في فترات عمل متفاوتة يعانون من الارق، في الوقت نفسه الذي يحذر فيه الخبراء من المبالغة في مشاهدة البرامج التلفزيونية واستخدام شبكات الإنترنت، بسبب ما يؤدي ذلك الى الوقوع في دوامة القلق والتوتر والأرق. كما يحذرون ايضاً من الوقوع في حلقة مفرغة تشمل التوتر العصبي بسبب الرغبة بتحقيق اداء افضل في العمل. اذ ان هذا التوتر يؤدي الى القلق والأرق، الذي ينعكس على هذا الاداء نفسه، وبالتالي فقدان فرصة العمل والترقية والتقدم.
ويتركز عمل مراكز مكافحة الأرق والعيادات الطبية المتخصصة بمعالجة اضطرابات النوم، على معالجة شاملة، من المعالجة النفسية والاجتماعية والتحليل الفردي، وممارسة الرياضة والانشطة الاجتماعية والثقافية والفنية، مع استخدام العقاقير الطبية الطبيعية، واخضاع المرضى الى جلسات دورية ترمي الى ازالة التوتر العصبي واستعادة الهدوء الداخلي والتوازن النفسي.
* أسباب الأرق وأعراضه
* هناك أسباب متعددة تؤدي الى الأرق الليلي لكن أهمها الأسباب النفسية الناتجة عن المشاكل الاجتماعية أو عن التفكير الدائم بقضية مهمة ومصيرية في حياة الانسان وقبل الامتحانات ويمكن أن ينتج الأرق عن اسباب عضوية مثل الرضوض والتعرض للعمليات الكبيرة، والتعرض لحادث مهدد للحياة، والاكتئاب، وبعض الأمراض الاستقلابية مثل فرط نشاط الغدة الدرقية والمراحل الأخيرة من السرطان. أما الأمراض فهي عديدة جداً اذ يمكن ان تصيب جميع اعضاء الجسم مثل: جفاف الفم وعدم النوم لساعات متأخرة من الليل رغم الذهاب الى الفراش مبكراً. الاستيقاظ بوقت متأخر من النهار وعدم الرغبة بتناول الطعام والصداع والتعب العام وضعف التركيز ونقص انتاجية العمل والوهن والاضطرابات الهضمية.. الخ.
* معالجة الارق بالطرق الطبيعية
* معالجة الأرق بالطرق الطبيعية قبل أن يهرع الانسان لشراء الأدوية واخذ مضادات الاكتئاب وغيرها من العقاقير المؤذية للانسان يجب أن يتبع بعض الطرق البسيطة التي يمكن أن تزيل حالة القلق وهي:
1 ـ ممارسة الرياضة اليومية لمدة ساعتين على الأقل.
2 ـ الاستحمام بالماء الدافئ قبل النوم.
3 ـ عدم تناول الأغذية الثقيلة مساء.
4 ـ أخذ كوب من الحليب الدافئ قبل النوم.
5 ـ أو يمكن أخذ كوب من اللبن المضاف اليه النعناع.
6 ـ يمكن اجراء تمارين الاسترخاء والتفكير العميق قبل النوم.
7 ـ محاولة حل المشاكل الشخصية بشكل عقلاني.
8 ـ عدم النوم في فترة الظهيرة.
واذا لم تفلح تلك الطرق بالتخلص من القلق فيجب مراجعة الطبيب.
المصدر : جريدة الشرق الاوسط
نشر هذا الموضوع في الاربعاء
11من فبراير 2004