هاهي موجة الاختلاط التي هي صورة من صور التغريب تأتينا ولكن بعد ماذا؟!
بعد أن انكشف عوارها، وبان ضررها، وهذه من النعم التي أنعم الله تعالى بها
علينا في هذه البلاد أن تأخرت موجة الاختلاط حتى انكشف شرها وضررها للبعيد
الغريب قبل القريب الصديق، وأصبح الذين اخترعوا الاختلاط وقننوه ورعوه ونافحوا
عنه ونشروه في الأمم هم أول من يحاربه و يجادل للخلاص منه!! فصدق الله تعالى،
وكذب المنافقون [وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ المُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ]
{المنافقون:1}
إن الاختلاط لو كان فكرة جديدة لانخدع بها كثير منا كما انخدع بها غيرنا من دول
العالم شأن كل فكرة جديدة أو مشروع حديث، فكيف وهو فكرة قديمة لها ما يقارب
مائة عام؟!
إن الاختلاط المقنن قد جُرب في أكثر دول العالم -إن لم يكن كلها- إلا عندنا
باستثناء بعض القطاعات، ومع ذلك لم تكن له تلك المخرجات من التقدم والرقي التي
بشّرنا بها دعاته، بل على العكس من ذلك تماماً إذ كانت مخرجاته عقيمة، ونتائجه
مريرة، وعواقبه وخيمة على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع.
إن التخلف كل التخلف، والرجعية التي تبلغ منتهاها أن نأتي إلى فكرة قديمة قد
ثبت إفلاسها وضررها، كما ثبت يقيناً عدم صلاحيتها شرعاً وعقلاً وتجربة، ونريد
تجريبها،ويصر أقوام منا على تطبيقها وتعميمها، والدفاع عنها!!
ألم يكف هؤلاء تجربة الاختلاط التي امتدت مائة سنة وشملت أغلب دول العالم؟
لماذا هذا الإصرار؟ وما الذي يريدونه حتى يقتنعوا بعدم جدوى فكرة الاختلاط،
وأنها شر وضرر ودمار على الفرد والجماعة والدولة والأمة بكل ما تحمله مفردات
الشر والضرر والدمار من معنى..
إن كل الشواهد تنطق بإفلاس هذه الفكرة فحسب آخر تقرير لمنظمة العمل الدولية
الذي صدر عام 2008م في 300 صفحة فإن معدلات التحرش والابتزاز الجنسي في أماكن
العمل المختلط في ارتفاع مستمر؛ حيث أفاد التقرير أن أكثر من 30% من النساء
العاملات في النمسا تعرضن لتحرشات جنسية، وفي التشيك 35%، وفي الدنمارك 15%،
وفي فرنسا 21%، وفي هولندا 58% وفي أسبانيا 27% ، وفي النرويج 41%، والمفوضية
الأوربية للعمل والشؤون الاجتماعية تؤكد أن حجم هذه الظاهرة غير مدرك على نحو
فعلي في دول الاتحاد، وأنه خلال العام الماضي تعرض نحو50% من النساء العاملات
إلى تحرشات جنسية، وكشف موقع الإذاعة البريطانية بي بي سي على الإنترنت أن 50%
من النساء البريطانيات يُعرض عليهن ممارسة الجنس أثناء العمل، كما نشرت الصحف
أن 80% من المجندات البريطانيات تعرضن لتحرشات جنسية.
ومع خطورة مشكلة التحرش الجنسي فإن هناك ما هو أشد عندنا؛ إذ إن في ديننا منع
الزنا وسد كل طريق يفضي إليه ولو كان برضى الطرفين.
إن جوهر مشكلة الاختلاط ليس التحرش الجنسي فقط، بل العلاقات المحرمة ولو كانت
برضى الطرفين، والتي لا يرى فيها الغرب بأساً؛ لأنهم يعدونها من الحرية
الشخصية، ذلك أن أمم الغرب لا تزال منحطة عن إدراك الوحي والكتاب المبين، فكم
حصل في هذه العلاقات المحرمة التي رضيها الطرفان من خيانات زوجية، وحمل سفاحٍ،
وإجهاض، وطلاق، وتفكك أسري، وأولاد لقطاء يحقدون على المجتمع؛ لأنه حرمهم من
حنان الأمومة، ورعاية الأبوة.
ومع كل هذا فلازال الرجعيون المتخلفون يصرون على تسويق الاختلاط وفرضه على
الناس في الوقت الذي بدأ فيه العالم المتحضر -عندهم- في العدول عنه، والفصل بين
الجنسين، فمتى يثوب الرجعيون إلى رشدهم؟ ومتى يتطورون؟!
[فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ
أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ
الله إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِينَ] {القصص:50}.
|
|
|