بينما جاء نص المشروع الذى تقدم به شكر للمجلس "والذى تم رفضه" كالتالى:
المجلس القومى لحقوق الإنسان
مشروع قرار بشأن الإعلان الدستورى الصادر فى 21 نوفمبر 2012
مقدم من عبد الغفار شكر نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان
عقد المجلس القومى لحقوق الإنسان اجتماعاً طارئاً يوم الثلاثاء 27
نوفمبر 2012 لبحث تداعيات إصدار الإعلان الدستورى يوم الأربعاء 21 نوفمبر
2012، وقد استعرض المجلس مواد هذا الإعلان، ويرى أنه فى المواد 6,5،3،2
يتعارض مع حقوق الإنسان ويخالف الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والمواثيق
والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التى صدقت عليها مصر وأصبحت جزءاً لا
يتجزأ من منظومة القوانين المصرية، ويهدر استقلال السلطة القضائية ويعطل
إجراءات التقاضى، ويهدم حجية الأحكام القضائية، ويفتح المجال أمام مؤسسات
الدولة لرفض تنفيذ أحكام القضاء مما يعنى عملياً انهيار دولة المؤسسات
ومفهوم الدولة الحديثة فى مصر القائم على مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ
سيادة القانون، ويترتب على هذا كله حرمان المواطن المصرى من حقوقه الأساسية
فى التقاضى والطعن على الأحكام القضائية وتتأكد هذه الحقيقة مما يلى:
أولاً: تنص المادة الثانية من الإعلان الدستورى على تحصين الإعلانات
الدستورية والقوانين والقرارات التى أصدرها رئيس الجمهورية منذ توليه
السلطة فى 30 يونيو 2012 من الطعن عليها بأى طريق وأمام أى جهة وهى نهائية
ونافذة بذاتها، وتنقض جميع الدعاوى المتعلقة بها والمنظورة أمام أية جهة
قضائية، وتعتبر هذه المادة إهداراً لحجية الأحكام القضائية، ومخالفة صريحة
للإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011 الذى أقسم رئيس الجمهورية على
احترامه والذى ينص على "يحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل إدارى من
الطعن"، ومما هو معروف أن حق الطعن من حقوق الإنسان الأساسية الأصيلة. كما
يتعارض هذا النص مع المادة (8) من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان "لكل شخص
حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلى من أية أعمال تنتهك
الحقوق الأساسية التى يمنحها إياه الدستور والقانون"، كما يتعارض مع
المادة الثانية من العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التى تنص
على "تتعهد الدولة بأن تكفل توفير سبيل فعال للتظلم لأى شخص انتهكت حقوقه
أو حرياته المعترف بها فى هذا العهد، حتى لو صدر الانتهاك عن أشخاص يتصرفون
بصفتهم الشخصية".
ثانياً: تنص المادة الثالثة على تعيين النائب العام وشروط شغله الوظيفة
ويطبق النص على من يشغل هذا المنصب بأثر فورى، وهو ما يتعارض مع مبدأ
قانونى أصيل وهو عدم تطبيق النص بأثر رجعى، كما أنه إخلال بعدم قابلية
القضاة للعزل من وظائفهم، ويهدر مبدأ استقلال القضاء، ومن المعروف أن
استقلال القضاء ليس من أجل القضاء ذاته بل هو ضمانة من ضمانات حقوق الإنسان
لأن حصانة القضاء واستقلاله من المبادئ التى لم تتقرر كامتياز خاص للقضاء
بل تواترت عليها المواثيق الدولية والدساتير باعتبارها ضمانة أساسية لحق
الإنسان فى العدالة.
ثالثاً: أما المادة الخامسة التى تنص على أنه لا يجوز لأى جهة قضائية حل
مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية للدستور فإنها تعتبر مصادرة لحق القضاء
فى النظر فى الدعاوى المنظورة أمامه، كما أنها تخل بمبدأ استقلال القضاء فى
الحالات الآتية:
- إذا تدخل المشرع أثناء الفصل فى الدعوى ومنع القاضى من الفصل فيها.
- إذا أصدر القاضى حكماً وألغاه المشرع بعد ذلك.
- إذا صدر تشريع أثناء نظر الدعوى يوجه القاضى إلى الحكم فيها على نحو معين.
ويعتبر إهدار حق التقاضى فى الطعن سلباً لحق المواطن فى الطعن فى مؤسسات
قائمة إهدار لحق الفرد فى العدالة وهو من حقوق الإنسان الأساسية.
رابعاً: أما المادة السادسة التى تعطى لرئيس الجمهورية فى حالة قيام خطر
يهدد ثورة 25 يناير أو حياة الأمة أو الوحدة الوطنية... الخ. أن يتخذ
الإجراءات والتدابير الواجبة لمواجهة هذا الخطر على النحو الذى ينظمه
القانون، فإنه استنساخ للمادة 74 من دستور 1971 التى كانت تقيد إجراءات
رئيس الجمهورية بالاستفتاء والتى طبقها الرئيس أنور السادات مرة واحدة بحبس
1600 من القيادات السياسية وأدت لأزمة شاملة عاشتها البلاد وانتهت
باغتياله، وهذا النص يهدر حقوق الإنسان من خلال إجراءات استثنائية.
لهذا كله فإن المجلس القومى لحقوق الإنسان المسئول أساساً عن التصدى لأى
انتهاك لحقوق الإنسان فى مصر يرى فى هذا الإعلان الدستورى خطراً داهماً على
حقوق الإنسان فى مصر ويدعو السيد رئيس الجمهورية إلى إلغائه، وإصدار
قوانين بزيادة معاشات المصابين فى الثورة وإعادة محاكمة المسئولين فى
النظام السابق عن الفساد السياسى وقتل المتظاهرين استناداً إلى اتفاقية
روما التى تتيح إجراء المحاكمات بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، واستناداً
إلى لجان تقصى حقائق يعتد القضاء بتقاريرها دون اللجوء إلى تحريات الشرطة.
ويؤكد المجلس بهذه المناسبة أن هذا الإعلان يتعارض أيضاً مع أحد المبادئ
الأساسية لنزاهة الانتخابات وهو حق الطعن على إجراءات ونتائج الإنتخابات
"بحظر الطعن على مجلس الشورى" كما أنه يتعارض مع مبادئ الأمم المتحدة
الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية والتى أقرتها الجمعية العامة للأمم
المتحدة عام 1958 تحت عنوان "المسطرة والمعايير الدولية للعدالة القضائية".
ويرى المجلس القومى لحقوق الإنسان أنه يكون قد تخلى عن مسئولياته التى
حددها قانون إنشائه إذا لم يحدد موقفه برفض هذا الإعلان الدستورى الذى يهدر
حقوق الإنسان المصرى فى معظم مواده.