البــــــــكاء فى القـــــــرأن
00.............00
ذكر القرآن البكاء في عدة مواضع فمدح البكائيين من معرفة الله
و خشيته كقوله تعالى
وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ)
[الإسراء 109]:
" هذه مبالغةٌ في صفتهم ومدحٌ لهم
وحُقَّ لكلّ من توسّم بالعلم وحصّل منه، بل إن القرآن لام من يسمعون القرآن
و يبكون مقرين بذنوبهم
، و كذلك قوله تعالى
وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ
يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ)
" قال تعالى
أَفَمِنْ هَـذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ)
[النجم 59-61]:
قال شيخ المفسِّرين أبو جعفر الطبري فـي تأويـل
"لا تبكون مما فيه من الوعيد لأهل معاصي الله؛ وأنتم من أهل معاصيه
(وأنْتُمْ سامِدُونَ)
يقول: وأنتم لاهون عما فيه من العِبَر والذِّكْر، مُعْرِضُون عن آياته!
000000000
و قال تعالى
وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ)
:
" هذه أحوال العلماء...
كما قال تعالى
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ
تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ
ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ)
[الزمر 23].
وقال الله تعالى
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ)
[الأنفال 2]
و قوله تعالـى
وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً)
[الإسراء 109]:
"يقول تعالـى ذكره:
ويخرّ هؤلاء الذين أوتوا العلـم
ـ من مؤمنـي أهل الكتابـين من قبل نزول الفرقان ـ
إذا يُتْلَـى علـيهم القرآن لأذقانهم يبكون
ويزيدهم ما فـي القرآن من الـمواعظ والعِبَرِ خُشوعا
يعنـي خُضوعاً لأمر الله وطاعته، واستكانةً له.
وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى
ويخرّون للأذقان يبكون)
[الإسراء 109]:
"أي خضوعاً لله عز وجل، وإيماناً وتصديقاً بكتابه ورسوله"
0000000000
قال ابن كثير في تفسير
وإذا تُتْلى عليهم آياتُ الرحمن خرُّوا سُجَّداً وبُكِيّاً)
[مريم 58]:
"سجدوا لربّهم؛ خضوعاً واستكانةً وحمداً وً على ما هم فيه من النّعم العظيمة
فلهذا أجمع العلماء على شرعيّة السجود ها هنا؛ إقتداء بهم،
وإتباعا لمنوالهم!
0000000
مدح الله تعالى البكائين من خشيته، وأشاد بهم في كتابه الكريم:
(إن الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجداً.
ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولاً.
ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعاً)
[الإسراء 107-109]
0000000
قال تعالى عن أهل الجنة :
{ وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ .
قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ .
فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ .
إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ }
[ الطور 25 – 28 ]
00000
( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله )
[ الحديد / 16 ]
0000000000
بكاء النبي صلى الله عليه وسلم:
00................00
عَن ابن مَسعودٍ - رضي اللَّه عنه – قالَ :
قال لي النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم :
" اقْرَأْ علي القُرآنَ " قلتُ : يا رسُولَ اللَّه ، أَقْرَأُ عَلَيْكَ ، وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ ؟
قالَ : " إِني أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي " فقرَأْتُ عليه سورَةَ النِّساء
حتى جِئْتُ إلى هذِهِ الآية :
( فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّة بِشَهيد وِجئْنا بِكَ عَلى هَؤلاءِ شَهِيداً )
[ النساء / 40 ]
قال " حَسْبُكَ الآن " فَالْتَفَتُّ إِليْهِ ، فَإِذَا عِيْناهُ تَذْرِفانِ .
...............
ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يحفرون قبرا
لدفن أحد المسلمين وقف على القبر وبكى ثم قال :
" أي إخواني، لمثل هذا فأعدوا " .
أما عبد اللَّه بنِ الشِّخِّير - رضي اللَّه عنه – فيقول :
أَتَيْتُ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وَهُو يُصلِّي
ولجوْفِهِ أَزِيزٌ كَأَزِيزِ المرْجَلِ مِنَ البُكَاءِ .
وقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
زار النبي قبر أمه فبكى وأبكى من حوله..."
الحديث.
وقام ليلة يصلي فم يزل يبكي ، حتى بل حِجرهُ !
قالت عائشه رضى الله عنها وارضاها :
وكان جالساً فلم يزل يبكي صلى الله عليه وسلم حتى بل لحيته !
قالت :
ثم بكى حتى بل الأرض ! فجاء بلال يؤذنه بالصلاة
فلما رآه يبكي ، قال : يا رسول الله تبكي
وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟! قال :
" أفلا أكون عبداً شكورا ؟!
لقد أنزلت علي الليلة آية ، ويل لم قرأها ولم يتفكر فيها !
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ …) الآية.
.........................
بكاء الصحابة رضي الله عنهم:
00..........00
لقد رأينا شيئا ًمن بكائه وقد تعلم الصحابة رضي الله عنهم
من نبيهم البكاء فعن أنس رضي الله عنه قال :
خطب رسول الله خطبة ما سمعت مثلها قط فقال :
” لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيراً ”
فغطى أصحاب رسول الله وجوههم ولهم خنين
وفي رواية : بلغَ رسولَ الله عن أصحابه شيء فخطب فقال :
” عرضت عليَّ الجنة والنار فلم أر كاليوم من الخير والشر
ولو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيراً ”
فما أتى على أصحاب رسول الله يوم أشد منه غطوا رؤوسهم ولهم خنين ” .
والخنين : هو البكاء مع غنّة .
و كان عثمان إذا وقف على قبر ؛ بكى حتى يبل لحيته !
فقيل له : تذكر الجنة والنار فلا تبكي ، وتبكي من هذا ؟!
فقال إن رسول الله قال : ”
إن القبر أول منزل من منازل الآخرة ، فإن نجا منه ، فما بعده أيسر منه ،
وإن لم ينج منه ؛ فما بعده أشد منه ! ”
قال : وقال رسول الله :
” ما رأيت منظراً قط إلاّ القبر أفظع منه ! “
وبكى أبو هريرة رضي الله عنه في مرضه . فقيل له : ما
يبكيك ؟! فقال : ” أما إني لا أبكي على دنياكم هذه ،
ولكن أبكي على بُعد
سفري ، وقلة زادي ، وإني أمسيت في صعود على جنة أو نار
لا أدري إلى أيتهما يؤخذ بي !! ” .
وبكى معاذ رضي الله عنه بكاء شديداً فقيل له ما يبكيك ؟
قال : لأن الله عز وجل قبض قبضتين واحدة في الجنة والأخرى في النار
فأنالا أدري من أي الفريقين أكون .
وبكى الحسن فقيل له : ما يبكيك ؟
قال : أخاف أن يطرحني الله غداً في النار ولا يبالي .
وعن تميم الداري رضى الله عنه أنه قرأ هذه الآية :
( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات )
[ الجاثية / 21 ] فجعل يرددها إلى الصباح ويبكي .
وكان حذيفة رضي الله عنه يبكي بكاءً شديداً
فقيل له : ما بكاؤك ؟ فقال : لا أدري على ما أقدم
أعلى رضا أم على سخط ؟ .
وأُتي عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يوما بطعامه
فقال : قتل مصعب بن عمير وكان خيراً مني فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة ،
وقتل حمزة – أو رجل آخر – خير مني فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة
لقد
خشيت أن يكون قد عجلت لنا طيباتنا في حياتنا الدنيا
ثم جعل يبكي .
وكان ابن مسعود يمشي فمَّر بالحدَّادين و قد أخرجوا
حديداً من النار فقام ينظر إلى الحديد المذاب ويبكي
وكأنه رضي الله عنه
تذكر النار وعذاب أهلها حين رأى هذا المشهد .
وخطب أبو موسى الأشعري رضي الله عنه مرة الناس بالبصرة
: فذكر في خطبته النار
فبكى حتى سقطت دموعه على المنبر وبكى الناس يومئذ
بكاءً شديداً .
وعن نافع قال :
كان ابن عمر إذا قرأ
( ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله )
[ الحديد / 16 ]
بكى حتى يغلبه البكاء
وقال مسروق رحمه الله :
” قرأت على عائشة هذه الآية :
( فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ )
[ الطور / 27 ]
فبكت ، وقالت: ” ربِّ مُنَّ وقني عذاب السموم ”
وهذا عبد الله بن رواحة رضي الله عنه كان واضعاً رأسه
في حجر امرأته فبكى فبكت امرأته فقال ما يبكيك فقالت رأيتك تبكي فبكيت
قال
إني ذكرت قول الله عز وجل
{ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً }
[ مريم / 71 ]
فلا أدري أأنجو منه أم لا .
وعن أنس بن مالك أن نبي الله
قال لأبيِّ بن كعب : “إن الله أمرني أن أقرئك القرآن” قال أالله سماني لك ؟
قال :” نعم” ، قال : وقد ذُكرت عند رب العالمين ؟ قال : “نعم”
فذرفت
عيناه – وفي رواية : فجعل أبيٌّ يبكي -.
وقد تربى السلف الصالح على هذه المعاني العظيمة
فرأينا منهم عجبا
فهذا إسماعيل بن زكريا يروي حال حبيب بن محمد –
وكان جارا له – يقول : كنت إذا أمسيت سمعت بكاءه وإذا أصبحت سمعت بكاءه ،
فأتيت أهله ، فقلت ما شأنه ؟ يبكي إذا أمسى ، ويبكي إذا أصبح ؟! قال :
فقالت لي : يخاف والله إذا أمسى أن لا يصبح و إذا أصبح أن لا يمسي
وحين سئل عطاء السليمي : ما هذا الحزن قال :
ويحك ، الموت في عنقي ، والقبر بيتي ، وفي القيامة موقفي وعلى جسر جهنم
طريقي لا أدري ما يُصنَع بي .
وكان فضالة بن صيفي كثير البكاء
فدخل عليه رجل وهو يبكي فقال لزوجته ما شأنه ؟
قالت : زعم أنه يريد سفراً بعيداً وماله زاد
وقرأ رجل عند عمر بن عبد العزيز وهو أمير على المدينة :
( وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا )
[ الفرقان : 13 ]
فبكى حتى غلبه البكاء ، وعلا نشيجه ! فقام من مجلسه
فدخل بيته ، وتفرَّق الناس
وأخيرا فقد قال أبو سليمان رحمه الله :
عودوا أعينكم البكاء وقلوبكم التفكر.
000000000000000
من فوائد البكاء من خشية الله :
00...00
- أنه يورث القلب رقة ولينا
- أنه سمة من سمات الصالحين
- أنه صفة من صفات الخاشعين الوجلين أهل الجنة.
- أنه طريق للفوز برضوان الله ومحبته.
000
فوائـد البـــكاء
00.........00
وعملها في الإنسان من الناحية الفيزيولوجية فهي محط نقاش واكتشاف
وأما من الناحية النفسية فهي جلاء للهموم والتماس للراحة
ورقة للقلب ونقاوة للنفس
وهي بالنهاية ملجأ كل مصاب يسلو إليها ويرى عزاءه فيها.
000000
البكاء هو نعمة من الله.
لأنه اصدق تعبير عن المشاعر الإنسانية فالطفل الصغير يبكي فنلبي حاجته
وهنا البكاء أداة تعبير وحيدة تعوضه عن الكلام والحركة
حتى يتمكن من التواصل مع الآخرين.
أما بالنسبة للكبار فالأمر يختلف. عندما نحزن نبكي. وعندما نفرح نبكي..
فما هو البكاء؟
من الناحية الطبية هو خروج ما تفرزه الغدد الدمعية لوسط العين
ويصاحبه سيلان مائي بالأنف والبلعوم وتقلص للعضلات العينية
مع قبض عضلات الوجه والبطن وارتفاع بالحجاب الحاجز.
وأحيانا يرافقه سعال خفيف.
هذا ما يحدث للجسم فهل له فائدة طبية..
نعم
ـ البكاء كالمطر ـ
لان البكاء يحدث نتيجة شحن العواطف بالانفعالات النفسية
فتعمل على حث المراكز بالجهاز العصبي فترسل إشارات للغدد الدمعية
بالتحضير والانقباض وارتخاء القنوات الدمعية فتندفع الدموع خارج الغدة للعين
فتغسلها وتنقيها تماماً من اي ميكروبات أو افرازات أخرى
وبعض من هذه الدموع يصل للأنف عن طريق قناة توصل بينهم
مما يساعد على تطهير الأنف ونزول السائل منها
فالسائل الدمعي يحتوي على سائل نقي به بعض الأملاح
والمواد التي تفرز من الغدد الدمعية لذا فهو ذو طعم مالح قليلاً
مما يساعده على تعقيم العين والملتحمة.
وهذا ما يحدث للمطر حين تحتقن السماء بالغيوم والسحاب
فتأتي الرياح فتحركها ليسقط المطر الذي يغسل الأشجار والطرق
وكل ما على الأرض فترى الأماكن كأنها غسلت من جديد..
هذا ما يحدث للإنسان بعد البكاء يستلقي ويهدأ ويبدأ من جديد.
ويضيف أما من الناحية النفسية؛ فالبكاء المخرج الأفضل
لكل التوترات النفسية والانفعالات
لأنه لو أخفى الإنسان هذه التغيرات النفسية والعصبية
بداعي الرجولة والخوف من الضعف أمام الآخرين أو الشعور بالانهزامية.
فهنا تكمن الخطورة.
حيث سيعاني من العقد والمشكلات التي يزخر بها الطب النفسي
أو الطبية حيث سيؤدي ذلك لارتفاع ضغط الدم المنتشر كثيراً هذه الأيام
وربما لإظهار داء السكري إذا كانت عنده ميول أو تاريخ اسري للسكري.
كذلك حبس البكاء والمشاعر كثيراً
ما يؤدي إلى تقرح بالمعدة وأمراض القولون العصبي
ولهذا نجد أن النساء وهن أكثر قدرة على البكاء
بسبب الاختلاف الفسيولوجي والهرموني عن الرجال
ولأن البكاء ربما يكون مظهراً مقبولاً من السيدة
كتعبير عن الرقة أو الضعف أو الشفافية لهذا نجد أنهن اقل عرضة لكثير من الأمراض
التي تنجم عن عدم البكاء.
لذلك علينا إلا نحرم أنفسنا رجالاً ونساءً من البكاء
إن طاب لنا ترطيباً للنفس وحرصاً على الصحة
حتى ولو من وراء حجاب.
00000000
انتهى
اتمنى للجميع تمام الاستفادة
اللهم اجعلنا من الباكين من خشيتك
اللهم اجعل اعيننا تبكى من حبك وخشيتك
اللهم ارحمنى برحمتك وتوفنى وانت راضا عنى
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته