[مهما بلغت هذه الحشود، وغمرت «التحرير» والشوارع المؤدية اليه؛ فإن معايير القياس تختلف بين رؤية وأخرى، إذ تراها عين، وازنة وممثلة لتوجهات الشعب الذي يبلغ تعداده 85 مليوناً، بينما تراها أخرى ضئيلة ولا تمثل اثنين في المئة من هذا الشعب. بعض الرؤى ترى كذلك، أن الاستبداد والفساد، اللذيْن استحثا الثورة، لم يعودا قائمين، وأن المستبدين إما محبوسون أو مختبئون، وكذلك حال الفاسدين، لذا ينبغي أن يتهيأ المصريون جميعاً للعملية الديموقراطية، وأن يتفاعلوا مع الخطوات المؤدية الى مواعيد الانتخابات، مثلما فعلوا بحماسة وتفاؤل، عندما ذهبوا الى الاستفتاء على الإعلان الدستوري في شهر (مارس) الماضي!
إن العودة الى وسيلة الحشد المليوني، بدون دكتاتورية مستفزة تكمم الأفواه وتسد الآفاق؛ من شأنها أن تضر بالمستقبل الوطني الديموقراطي للبلاد. وحتى لو اجتمع مليونان على رأي بأن نواقص الحال الراهن وبعض سماته المثيرة للأسئلة والمسببة للقلق (مثل عودة من يسمونهم «فلول» النظام القديم، وبعض التدابير الأمنية التي اقتضاها هدف إعادة الاستقرار الى الشارع)؛ فإن الأخذ بوسيلة التظاهر الحاشد، ستؤسس لتقاليد مضادة لمبدأ التداول الديموقراطي على السلطة. ذلك لأن مُخرجات العملية الانتخابية نفسها، ستكون هشة وقابلة للكسر بمليونية لاحقة، وستكون الحكومة المدنية ضعيفة ومتوجسة. فإن لجأت الى استرضاء الأقلية واسترضاء الجميع، ستتضاءل الدولة وتتعطل برامج الحكم وينتفي الاستقرار، وإن تغالظت لكي تطبق برنامج حكومة الفائزين في الانتخابات، فإنها ستصبح مشيراً أو مباركاً. وإن فرضت الحشود، شخصية بالغة الكياسة والرقة، فإن ضرورات حفظ النظام، في دولة ذات نازع ووضع ثقافي وفكري وديني وسياسي، ستضطر من يحكم، الى الالتزام بحق الدولة في التمتع بوظيفتها أو بشرطها الدستوري، الذي لا يمكن بدونه أن تكون الدولة دولة، وهو أنها صاحبة الحق الحصري في الإكراه[/size]،[/color]
إن العودة الى وسيلة الحشد المليوني، بدون دكتاتورية مستفزة تكمم الأفواه وتسد الآفاق؛ من شأنها أن تضر بالمستقبل الوطني الديموقراطي للبلاد. وحتى لو اجتمع مليونان على رأي بأن نواقص الحال الراهن وبعض سماته المثيرة للأسئلة والمسببة للقلق (مثل عودة من يسمونهم «فلول» النظام القديم، وبعض التدابير الأمنية التي اقتضاها هدف إعادة الاستقرار الى الشارع)؛ فإن الأخذ بوسيلة التظاهر الحاشد، ستؤسس لتقاليد مضادة لمبدأ التداول الديموقراطي على السلطة. ذلك لأن مُخرجات العملية الانتخابية نفسها، ستكون هشة وقابلة للكسر بمليونية لاحقة، وستكون الحكومة المدنية ضعيفة ومتوجسة. فإن لجأت الى استرضاء الأقلية واسترضاء الجميع، ستتضاءل الدولة وتتعطل برامج الحكم وينتفي الاستقرار، وإن تغالظت لكي تطبق برنامج حكومة الفائزين في الانتخابات، فإنها ستصبح مشيراً أو مباركاً. وإن فرضت الحشود، شخصية بالغة الكياسة والرقة، فإن ضرورات حفظ النظام، في دولة ذات نازع ووضع ثقافي وفكري وديني وسياسي، ستضطر من يحكم، الى الالتزام بحق الدولة في التمتع بوظيفتها أو بشرطها الدستوري، الذي لا يمكن بدونه أن تكون الدولة دولة، وهو أنها صاحبة الحق الحصري في الإكراه[/size]،[/color]