حمل مبدأ «من لديه الفكرة فليقدمها هدية لمصر فى ثروتها
الغالية»، فبالرغم من قرار اعتزاله الحياة السياسية، كما اعتزل من قبل
العمل النيابى كوكيل للنائب العام، وضع منصور عامر مشروعاً أعده، قد يتشابه
فى أهدافه مع مشروع ممر التنمية، لكنه جاء بفكر القطاع الخاص الذى يرى أن
موارد مصر عبارة عن «بوفيه مفتوح» تتقاتل الناس على أحد أطباقه وتترك باقى
خيرات المائدة.هكذا اندفع منصور عامر ليسوق مشروعاً
جديداً أطلق عليه «خارطة الأمل» ويستعرضه فى جلسة خاصة أمام مجلس الوزراء
برئاسة الدكتور عصام شرف الذى وعد بدراسة المشروع وعرضه على المجلس الأعلى
للقوات المسلحة.فهذه المرة لم يكن المشروع مربحاً
لمجموعته أو لشخصه -حسب قوله-، بل يستهدف التوزيع العادل للثروات، وفى هذا
تحدث عامر قائلاً: من حق من عاش فى العشوائيات أن يكون له بيت مستقل
بحديقته ويكون لدى أولاده عضوية ممارسة الرياضية فى ناد مجهز على أعلى
مستوى، ودخل كبير من عمله وفرصة شراء سعر المتر فى أراضى القاهرة بما لا
يتخطى 400 جنيه.ولم يكن لدى عامر أى تحفظات حين
سألناه عن هذا الطرح ومدى تأثره بردود فعل قد تكون ضده من الشارع، خاصة أنه
مطروح من أحد رجال الأعمال، على اعتبار أن بعض رجال القطاع الخاص أساءوا
لباقى زملائهم، وقال فى حواره لـ«المصرى اليوم» للإعلان عن طرحه، إنه قام
بإعداد المشروع قبل اندلاع الثورة، لكن عناصر من الحزب الوطنى تصدت
لتنفيذه، وإلى نص الحوار:
■ لماذا قمت بإعداد مثل هذا المشروع؟
- سألت نفسى كثيراً هل أخذ أهل مصر
حظهم من التنمية الاقتصادية، فبعد ثورة 25 يناير ارتفع سقف الآمال والطموح
فى العدالة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وأصبح على كل مصرى تقديم
مقترحات وأفكار وربما يكون مشروع خارطة الأمل طريقاً أكثر إشراقاً، فأنا
رجل أعمال لكننى مواطن مصرى أرغب فى خدمة الوطن وهو ما دفعنى من قبل لتحويل
ثلث ثروتى إلى وقف للفقراء.
■ ما محاور «خارطة الأمل»؟
- المشروع له ثلاثة معطيات هى إعادة
انتشار المصريين على أرضهم الواسعة، واستخدام الموارد المحلية لمنافسة
العالمية وأن تكون التنمية بقرارات وليست استثمارات من جانب الحكومة.
■ وما أهداف الخارطة؟
- لها هدفان هما تحقيق العدالة فى
التوزيع، وإحداث معدلات نمو وتنمية اقتصادية غير مسبوقة، وتتحقق عدالة
التوزيع من خلال طريقين، الأول خريطة جديدة لتغيير الحدود الجغرافية
للمحافظات بما يؤدى إلى توزيع الثروات وفرص التنمية والطريق الثانى أن نطرق
باب التنمية لباقى ربوع مصر غير المستفيدة من الطريق الأول.
■ وماذا ترى خارطة الأمل فى الحدود
الجغرافية الحالية؟
- هناك خلل كبير فى توزيع الثروات..
فمحافظات مثل سيناء والبحر الأحمر استحوذت على المجال السياحى من خلال ثلاث
مدن هى شرم الشيخ والغردقة ومرسى علم وبطول شواطئ 2100 كيلو متر، وفى مرسى
مطروح يديرها محافظ واحد رغم اتساع أراضى المحافظة، كما أن مصر تعيش فى 6
مربعات، فى حين أن هناك 94 مربعاً خالياً.
■ وما تفاصيل خارطة الأمل؟
- تتضمن الخارطة إعادة ترسيم حدود
محافظات الصعيد تمكنها من امتلاك شواطئ على البحر الأحمر، مع إنشاء ثلاث
محافظات بدلاً من اثنتين، محافظة شمال سيناء والسويس ويضاف لهما وسط سيناء
بكل ثرواته والصالح للزراعة والثالثة محافظة شرم الشيخ بدلاً من جنوب
سيناء، خاصة أن مصر لم تستغل اسم شرم الشيخ المشهور عالمياً.
■ وماذا عن العاصمة؟
- القاهرة الجديدة فى خارطة الأمل تصل
حدودها إلى خليج السويس وتضم ميناء بحريا «السخنة سابقاً»، وهو ما سيتيح
أن نحلم بامتلاك أجمل عواصم العالم.
■ وكيف يستفيد المواطن العادى من هذه
الخارطة؟
- أولاً إذا نظرنا إلى توزيع المياه
الجوفية، والتى حددتها الخارطة من خلال فريق عمل برئاسة الدكتور عبدالناصر
هلال، أستاذ الجيولوجيا بكلية العلوم جامعة عين شمس، والذى تطوع بتقديم
الدراسات الجيولوجية وترسيم الحدود، وصولاً إلى وضع الإحداثيات، سنجد أن
هناك توزيعاً للآبار الجوفية بين المحافظات لفتح آفاق التنمية الزراعية،
وكذلك حال المحاجر والمعادن، كما سيتم تقسيم الساحل الشمالى لثلاث محافظات،
هى العلمين ومطروح والسلوم بدلاً من محافظة واحدة.
■ وهل تعتمد الخارطة فى عدالة التوزيع
على إعادة ترسيم حدود المحافظات وتوزيع المياه الجوفية والمعادن؟
- بالطبع لا، فإنه بشأن القسم الأول
من عدالة التوزيع لن يصل العائد لجميع المواطنين، بل ستكون هناك فرص فى
العديد من المجالات وسيتم الإعلان عن مشروعات ومبادرات تتضمن المشروع
القومى لتحويل 8 ملايين فدان تروى بالغمر إلى أنظمة رى حديث، مع الإعلان عن
استزراع 8 ملايين فدان جديدة، فضلاً عن إعلان مصر أنها أكبر دولة مصدرة
لنباتات الزينة والمشاتل فى العالم، كما تتضمن المشروعات القومية مشروعاً
لتطهير ألغام الساحل الشمالى وزراعة أرضه البالغة مساحتها 640 ألف فدان، مع
إعلان مصر أكبر دولة فى زراعة الأسماك فى العالم وعودة الحظيرة إلى الريف.
■ هل ستكون مصر ذات هوية زراعية؟
- ليس فقط الزراعة، بل فى مجال
السياحة ستتضاعف الطبقة الفندقية بنسبة 100٪ فى 10 سنوات لتضم 15 مدينة
سياحية جديدة مثل الغردقة وشرم الشيخ، ومضاعفة الأعداد السياحية لنصل إلى
30 مليون سائح فى 10 سنوات فتخيل لدينا 12 غردقة تتخصص لعمل أبناء الصعيد
بعد حصول كل محافظة من الصعيد على مساحة شاطئية، أما على مستوى القطاع
الصناعي، فهناك 4500 منطقة صناعية جديدة فى 4500 قرية، وإقامة مدينة كبرى
لتصنيع الرخام فى رأس غارب - المنيا، ومدينة كبرى لتصنيع الجرانيت فى
الغردقة.
■ وعلى المستويين الخدمى والتنمية
العمرانية؟
- الخدمات تتضمن أكبر منطقة تجارة حرة
فى العالم، وهى «شرم الشيخ» بها أكبر مدينة مؤتمرات ومعارض وستنافس على
منح تراخيص السفن، فهى مدينة تبلغ مساحتها 20 مرة حجم هونج كونج، ومرتين
حجم قطر، وسيوازى هذا إقامة 8 مطارات دولية جديدة و3 موانئ وخط مترو سريع
بين شرق القاهرة الجديدة «السخنة سابقاً» ووسط القاهرة الحالى، قطار
أبوطرطور يصل إلى العوينات وقطار السلوم وطريق ليبيا- السودان الجديد، أما
التنمية العمرانية فمصر تبنى عاصمتها الجديدة ذات الحدود الممتدة من النيل
إلى خليج السويس، وتستكمل مشروعات الصرف الصحى والمياه ومئات القرى الجديدة
فى مناطق الاستصلاح.
■ وما العائد المتوقع من هذه
المشروعات؟
- هناك عائد متنوع، ففى مشروعات
الزراعة هناك حراك عالمى متوقع تجاه هذه المشروعات ليتضمن آلاف المصانع
المصنعة لمعدات وأنظمة الرى ومئات الآلاف من فرص العمل وتأهيل مصر لتكون من
أهم الدول فى أنظمة الرى، فضلاً عن الصناعات المغذية وحركة التجارة التى
ستنشأ وشركات الخدمات والصيانة، وإقامة ألف قرية جديدة لاستيعاب التوسع
الزراعى، ووقف استيراد معظم المنتجات الزراعية وتضاعف حركة النقل النهرى
والبرى والتعبئة والتخزين.
■ وما أهم المشروعات من وجهة نظر
خارطة الأمل؟
- زراعة مليون فدان جديدة بالورود
ونباتات الزينة على مياه محطات الصرف الصحى المعالجة، فهذه المحطات تنتج 6
مليارات متر مكعب مياه معالجة سنوياً، والفدان الواحد يحتاج إلى 3 آلاف متر
مكعب مياه سنوياً، أى أن الكمية المنتجة من محطات الصرف الصحى تكفى زراعة
مليونى فدان وليس مليوناً واحداً، ومن المشروعات المهمة أكبر مشروع فى
العالم لتطهير حقول الألغام وزراعة هذه الأراضى، فمصر لديها 640 ألف فدان
ألغام بالساحل الشمالى سنحولها إلى أرض زراعية.
■ كيف تكون مصر أكبر دولة فى زراعة
الأسماك؟
- مصر لديها 4500 كيلومتر ممتدة، منها
2500 كيلو متر على البحرين الأحمر والمتوسط والباقى على جانبى نهر النيل
فلماذا لا تصبح مصر أكبر دولة فى مجال زراعة الأسماك، وهو ما يجب طرحه
لإقامة مزارع سمكية فإن حوض السمك الذى تصل مساحته إلى 7 أمتار بعمق 2.5
متر ينتج متوسط 4 أطنان سمك سنوياً على دورتين.
■ وما حال العاصمة الجديدة بالتفصيل؟
- سنطلق عليها «العاصمة الحلم» وهى
ممتدة الحدود حتى خليج السويس، وتتضمن ميناء القاهرة الجديد «السخنة
سابقا»، ومطاراً دولياً بشرقها وقطاراً سريعاً يربط شرقها بوسطها الجديد،
على أن يكون وسط القاهرة الجديدة هو جنوب مشروع «مدينتى» على طريق القاهرة
السخنة ومساحته 188 ألف فدان، تمثل ما يقرب من 140٪ من مساحة جميع أحياء
القاهرة الحالية.
■ هل سيتم نقل وزارات أو جهات حكومية
لفك الزحام؟
- نعم، سننقل مقرى مجلسى الشعب
والشورى إلى وسط القاهرة الجديدة لأن الدوائر الانتخابية الجديدة تفرض
نفسها مع بناء قاعة لمجلس الشعب تتسع لأكثر من ألف عضو، كما سننقل مجلس
الوزراء، وعدداً من الوزارات.
■ وما نصيب العشوائيات فى القاهرة
الحلم؟
- العشوائيات أعددنا لها مدينة
الأحلام بمساحة 7500 فدان، ما يقرب من 10 أضعاف إجمالى عشوائيات القاهرة
حالياً وسنبنى لسكان العشوائيات المساكن التى طالما حلموا بها وسيعود متر
الأرض إلى 300 و400 جنيه، على أن يتم طرح مبانى المؤسسات الحكومية للبيع
لإقامة فنادق ومبان إدارية، مع الاحتفاظ بالمبانى الأثرية مثل مجلسى الشعب
والشورى ووزارتى الزراعة والخارجية وتحويلها إلى متاحف، ويتحول وسط القاهرة
الحالى ليكون تحت اسم «المدينة القديمة»، كما تتحول أماكن العشوائيات إلى
حدائق ومتنزهات، فمثلاً المنطقة الواقعة خلف ماسبيرو تتحول إلى مبنى إدارى
وسياحى، كما تتحول الدويقة إلى حدائق وإسكان.
■ لماذا تمتد حدود العاصمة الحلم إلى
خليج السويس؟
- بالوصول إلى هذا الخليج ستكون هناك
القاهرة الشاطئ وتضاف كمركز سياحى فى مصر وتكون من أنظف عواصم العالم
بيئياً ويكون المرور سهلاً.
■ هل تتضمن البنية التحتية مشروعات
رياضية؟
- نعم فهناك مشروع إعداد 40 مليون
ناشئ ينافسون على البطولات العالمية والأوليمبية، تحت سن 20 عاماً وهى ثروة
بشرية هائلة.
■ ما الإيرادات المتوقعة للدولة من
خارطة الطريق؟
- حصيلة بيع مئات الأمتار من الأراضى
التى تدخل الخدمة فى العاصمة والمراكز السياحية الجديدة، والقرى وبيع
المنشآت الحكومية القديمة من وزارات ومجمعات خدمية وبيع العشوائيات
القديمة، بالإضافة إلى حصيلة ضرائب كسب عمل من ملايين فرص العمل الجديدة
وضرائب مبيعات ودخل وجمارك وإيجارات مناطق حرة ورسوم تراخيص مصانع ومنشآت
ورسوم توزيع كهرباء ومياه يقوم بها القطاع الخاص والطرق والمطارات والموانئ
وتزايد الإنتاج والموارد والصادرات وتراجع الاستيراد، وهى نماذج بسيطة
للإيرادات، فإن حجم الأصول العقارية الجديدة من أرض كنا نملكها ودخلت
الخدمة بعد أن كانت بلا ثمن سيرفع من المركز المالى لمصر.
■ هنا يجب أن نسأل عن مصادر تمويل هذه
المشروعات فى ظل عجز الموازنة والتوجه للاقتراض الخارجى؟
- سنعيد نظرية المقايضة من جديد،
ونتذكر حينما كانت شركة المقاولون العرب تدين الحكومة بنحو 4 مليارات جنيه
ولجأت الحكومة إلى السداد العينى فأعطت المقاولون أرض مدينة المستقبل
سداداً للمديونية، فالحكومة ستطرح مشروعات تخطيط مدن مثل العاصمة الجديدة
«تصميم وتنفيذ» بالمشاركة مع القطاع الخاص بنسبة فى المبيعات، ثم يتم الطرح
لمطورين عقاريين يستثمرون ويتقاضون المقابل بعد قيام الدولة ببيع هذه
الأراضى، ويجب ألا ننسى أن مجرد وجود تخطيط عمرانى كاف لكى تقوم الدولة
بالإعلان عن بيع تلك الأراضى مسبقاً وتمويل تنميتها، كما يتم فتح الباب
للقطاع الخاص أمام توريد الكهرباء والمياه واستكمال مشروعات الصرف بالتعاون
مع القطاع الخاص ونسدد المقابل أراضى للتطوير.
■ وهل سيتم البيع بالكامل للأراضى فى
جميع المشروعات؟
- بالطبع لا. فهناك طرح للمطارات
والموانئ وخطوط السكك الحديدية والطرق بنظام حق الانتفاع أو الـ«B.O.T»، مثل مطار مرسى علم وميناء السخنة، والمناطق
الصناعية بكردونات القرى، ستعتمد الدولة تخطيطها لملاكها مع رسوم تحسين
لتحويلها إلى مناطق صناعية يتم تمويل استصلاح أراض جديدة بها، وستأخذ
المحافظات 50٪ من عائد أراضيها لتطوير المدارس والمستشفيات والخدمات
الحكومية بها، وتملك الأراضى لمن يزرعها بمقابل بسيط فلا مكان للتسقيع
وإنما الملكية للجادين، مع وجود أنظمة تعاقد شفافة.
■ وما الذى يحتاجه تنفيذ «خارطة
الأمل»؟
- الدولة يجب أن تكون مصدرة للقرارات
فالتنمية بقرارات وليست استثمارات، ونحن نحتاج إلى 19 قراراً، منها قرار
بترسيم حدود جغرافية جديدة لمحافظات مصر، وإنشاء محافات جديدة هى السخنة
والعلمين والسلوم، وتغيير مسمى محافظة جنوب سيناء إلى شرم الشيخ، وإضافة 10
أفدنة للحيز العمرانى لكل قرية من قرى مصر، وطرح 8 مطارات و3 موانئ وقطار
سريع ومشروعات التنمية العمرانية بنظام أراضى التطوير المقدمة من الدولة،
والتوقف التدريجى لتصدير الخامات وتغيير طرق الرى وإنشاء 4500 ملعب رياضى