النظام الاشتراكي:
الاشتراكية
من الناحية العلمية تعني النظام الذي تؤول فيه ملكية سواء الإنتاج
والأراضي والآلات والمصانع للدولة، بمعنى آخر: فإن الاشتراكية على خلاف ما
تقتضيه الرأسمالية، تقوم على الملكية الجماعية لعناصر الإنتاج المختلفة.
أي
أنه من المفترض في النظام الاشتراكي أن لا يملك واحد من الأفراد شيئًا من
عناصر الإنتاج، لا يملك أرضًا ولا مصنعًا ولا آلات، وإنما كل ذلك ملك
للدولة وجميع الأفراد يعملون لدى الدولة [في القطاع العام]، ونظير ذلك تقوم
الدولة بسد حاجتهم من الطعام والشراب، وتوفير الخدمات المختلفة لهم من
الصحة والتعليم وغير ذلك.
كيف نشأ النظام الاشتراكي ؟
تعتبر
الاشتراكية مرَّت بمرحلتين أساسيتين في نشأتها، أما المرحلة الأولى فهي
مرحلة الاشتراكية المثالية، وتعتبر نشأت هذه المرحلة منذ عهد أفلاطون حيث
كان يحلم بتكوين مجتمع مثالي يعيش فيه الناس سواسية بلا تفريق بينهم، ويزول
من المجتمع كل صور الظلم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، وقد ظلت هذه
الأفكار مضمره في أذهان الكثير من الفلاسفة والمفكرين على مر العصور، حتى
جاء القرن التاسع عشر لتدخل الاشتراكية مرحلة جديدة ألا وهي الاشتراكية
العلمية، وذلك من خلال كارل ماركس الذي قام بوضع أسس الاشتراكية العلمية
التي كانت تهدف إلى تعويض مبادئ الرأسمالية، وسانده في ذلك التفاوت الطبقي
والاضطهاد الكبير الذي عانته طبقة العمال في الدول الأوروبية خلال القرن
التاسع عشر.
ما هي أبرز خصائص الاشتراكية ؟
1-الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج.
وقد
ذكرنا ذلك أن وسائل الإنتاج ملك المجتمع وليس ملك الفرد، أي أن الملكية
الفردية في النظام الاشتراكي تكاد تنحصر في أشياء بسيطة؛ مثل المساكن
والأدوات المنزلية وغيرها من السلع الاستهلاكية، وتأخذ الملكية الجماعية
لوسائل الإنتاج إحدى صورتين؛ إما ملكية الدولة وهي الأكثر شيوعًا في
التطبيقات الاشتراكية، أو الجمعيات التعاونية حيث تنشأ جمعيات تعاونية لملك
الأراضي الزراعية، أو الصناعات الصغيرة؛ فمثلًا تكون هناك جمعيات تضم كل
واحدة منها مجموعة من الفلاحين لتملُّك مساحة من الأراضي الزراعية.
2-جهاز التخطيط هو الذي يخصص الموارد.
نتيجة الملكية الدولة لعناصر الإنتاج، فالذي يقوم بتحديد كيفية توزيع الموارد هي الدولة [جهاز التخطيط داخل الدولة] .
وذلك من خلال وضع خطة قومية شاملة، هذه الخطة تشمل جميع المتغيرات الاقتصادية داخل الدولة .
وهذا
بالطبع يحتاج إلى حصر دقيق جدًا لجميع موارد المجتمع ولحاجات الأفراد داخل
المجتمع؛ حتى تتمكن الدولة من التخطيط لكيفية توزيع الموارد على الحاجات،
وقد وصل الأمر في ذلك أنه على سبيل المثال في مصر في الخمسينات كان يخطط
لكيفية توزيع الشاي، فيحسب أن المواطن المصري يشرب في اليوم في المتوسط
ثلاث كبايات شاي، أي ما يعادل مثلاُ ثلاث معالق صغيرة، المعلقة مثلًا عشرون
جرام واضرب عشرون جرام في ثلاثة يعطيك 60 جرام، أي المواطن المصري الواحد
مثلًا يحتاج إلى 60 جرام من الشاي يوميًا ،واضرب في عشرين مليون مثلًا عدد
الشعب المصري آنذاك يعطيك كذا وكذا كيلو من الشاي علينا إنتاجه في اليوم،
وهكذا كل شيء تخططه الدولة في الدواجن في اللحوم في الثياب.
3- إشباع الحاجات العامة وإلغاء حافز الربح.
حيث
يهتم النظام الاشتراكي كما ذكرنا بالقضاء على الطبقية، وجعل الناس طبقة
واحدة فلا غني ولا فقير؛ وبالتالي يلغي نظام حافز الربح، أي لا يصبح الهدف
من النشاط الاقتصادي هو تحقيق الربح؛ لأن الربح عندهم وسيلة من وسائل سوء
الاستغلال يؤدي إلى سوء التوزيع في الدخل والثروة، وبالتالي يحل محل الربح
كحافز اقتصادي الشعور القومي والشعور الوطني، والإحساس بالمسؤولية
والمشاركة في إشباع حاجات المجتمع، و نظير عدم وجود ربح يقوم النظام
الاشتراكي بتغطية حاجات المجتمع مجانًا؛ فالتعليم مجاني ورعاية الصحة
مجانية والترفيه مجاني وهكذا .
3-كل حسب طاقته وكل حسب حاجته.
أي
يقدم كل فرد خدماته إلى المجتمع بحسب طاقته، وفي المقابل يتسلم الفرد من
المجتمع بحسب حاجته [حاجه الفرد]، ومعنى ذلك لو عندنا شخصان؛ أحدهما شاب في
الخامس والعشرين من عمره متزوج وعنده طفل واحد ويعمل اثنتي عشر ساعة في
اليوم [على قدر طاقته التي يستطيع العمل بها]، والآخر رجل عنده خمسة وخمسين
عامًا وعنده عشرة أولاد ويعمل أربع ساعات في اليوم [حسب طاقته]، ومع ذلك
فالشاب يأخذ مائة جنية فقط في الشهر؛ لأنه لا يحتاج أكثر من ذلك فأسرته
مكونة من ثلاثة أعضاء فقط هو وزوجته وابنه، أما الرجل ذو الخمسة والخمسين
عامًا يأخذ أربعمائة جنيه في الشهر لأنه يحتاج إليها لينفق على أسرته
المكونة من اثنتي عشرة عضوًا.
هذه
هي أهم خصائص الاشتراكية، وقد تعجب بها لأول وهلة نظرًا لظهور بعض
المميزات عند عرض النظام الاشتراكي في الإطار النظري كعدم وجود بطالة،
فالدولة توظف جميع مواطنيها، وكل يعطي بقدر طاقته ويأخذ على قدر حاجته،
وكعدم وجود معاناة لدى أفراد الشعب في الصحة مثلًا أو التعليم؛ فلا تجد
أشخاصًا يريدون دواءًا معينًا ولا يستطيعون شراءه لأن الصحة مجانية، ولا
تجد شابًا يريد أن يتعلم ولا يستطيع دفع المصروفات فالتعليم مجاني، إلا أنه
في الحقيقة انطوت الاشتراكية على عدة عيوب قاتلة جعلت أغلب الدول التي
طبقتها تتحول إلى النظام الحر الرأسمالي، ولا يبقى في العالم اليوم إلا
دولة أو دولتان تطبقان النظام الاشتراكي، وحتى مثل هذه الدول في طريقها
للتغير للرأسمالية، وقبل أن نذكر لكم عيوب الاشتراكية نستطيع تلخيص الكيفية
التي أجابت الاشتراكية بها على الأسئلة الثلاثة على النحو التالي:
كيف أجابت الاشتراكية على الأسئلة الثلاثة:
أجاب النظام الاشتراكي على الأسئلة الاقتصادية الثلاثة ماذا تنتج، لمن ننتج، كيف ننتج على النحو التالي:
ماذا ننتج؟
جهاز
التخطيط في الدولة هو الذي أجاب على هذا السؤال، وذلك عن طريق تحديد
الحاجات في المجتمع، وتحديد الموارد، ووضع خطة لكيفية توزيع الموارد على
الحاجات.
كيف ننتج؟
وجهاز
التخطيط في الدولة هو الذي يتخذ القرار النهائي في هذا المجال، فهو الذي
يحدد أسلوب الإنتاج ليلائم حجم الموارد المتاحة في المجتمع.
لمن ننتج؟
أي
كيفية توزيع الناتج على من شاركوا في العملية الإنتاجية، وهنا الدولة هي
التي تجيب على هذا السؤال؛ فالدولة هي التي تحدد حجم العمالة ومعدل الأجر،
وبالتالي نصيب الأجور في الدخل القومي، أما الفائض المتمثل في الربح فيذهب
إلى خزينة الدولة لاستخدامه في أغراض الاستثمار.