إعادة تسويق القضايا
بقلم / سليمان ربيع
معلم لغة إنجليزية
هي نوع من إلباس الباطل ثوب الحق والقفز على أدمغة العامة لزرع ألغام فكرية تلاصقها دائما و تنسف من يحاول تصحيحها.تقوم هذه العملية القذرة على تبني قضية معينة ثم تضع "سيناريوهات" شيطانية غالطة مغلوطة لتذهب بعقول المضحوك عليهم إلى دهاليز مظلمة تتجسد فيها الهلوسات على أنها الحقيقة المطلقة.إن إعادة تسويق القضايا مافتئت تعيد نفسها في كل زمان ومكان حتى أصبحت من الأمور "الفلكلورية" ولنضرب عدة أمثلة:
1-عندما وقف المستشرقون على كثرة زيجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم أدركوا منذ اللحظة الأولى أنها من مكرمات هذا الرجل وجوانب عظمته أن يتزوج تلك الزيجات على الرغم أن العرب كلها دانت له فكان بإمكانه أن يتزوج أجمل الحسان الأبكار ولكنه لم يفعل وهو في أوج انتصاره , وهم بلا شك وقفوا على أسباب زواجه بهذه أو تلك فانبهروا بهذا الرجل الذي يترك نساء العرب والعجم والترك وبمقدوره أن يملك الجوراي لو كان ملكا دنيويا , ولكنهم أعادوا تسويق القضية لأوروبا على أساس "التعددية " "والتفرد بالتشريع" وإنه راغب في النساء فشوشوا على قدسية المقصد وصرفوا أنظار الغرب إلى قضية مفتعلة!
2-النظام السوري ارتكب أبشع مجزرة عربية في حماة في 2فبراير 1982 عندما طوقتها قوات العقيد /رفعت الأسد شقيق بائس الذكر حافظ الأسد تمهيدا لاجتياحها بالدبابات. واستخدمت في هذه المجزرة القوات النظامية لتحصد أرواح ما بين 30 إلى 40 ألف ثائر !! هذا النظام البعثي القمعي الجبري كان دائما ما يتشدق بأنه قائد المقاومة ضد إسرائيل العدو الأول للأمة في حين أنه لم يطلق على الجولان طلقة واحدة بعد حرب أكتوبر, لم يحرك ساكنا عندما حوم الطيران الإسرائيلي فوق القصر الرئاسي بدمشق ولكنه سوق لنفسه أنه قائد المقاومة لينخدع به الشعب وتميل إليه القلوب العربية ويجعل من نفسه صاحب قضية يلتف حولها السوريون الذين قتل منهم أضعاف أضعاف قتلاه الإسرائيليين!!
3-الرئيس القذافي الذي كان دائما ما يسوق للعامة من الشعب الليبي أنه لا يحكم وليست له أية سلطات رئاسية وإنما اللجان الشعبية صاحبة الكلمة الأولى في الجماهيرية - لاحظوا الاسم جيدا- وهو بلا منصب وبلا مال – تذكروا أنه كان صاحب أول محفظة استثمارية في ليبيا على أساس أنه فقير مثل عامة الشعب- طبعا هراء في هراء لأنه هو القبضة الحديدية التي أمسكت بعنق ليبيا وجعلت قرآنها كتابه الأخضر الرطن الرتيب. أين هو من الحرية المدعاة؟!
4-كل الطواغيت الذين حكموا العالم الثالث كانت أعينهم لا تقع إلا على ما يعتقدون أنه من محاسنهم ودائما ما يعلنون أرقاما عن الاقتصاد وفرص العمل والتنمية منبتة الصلة عن الواقع المعاش, والأعجب من ذلك أنهم يغنون بشرعيتهم التي هي من روح الشعوب وما هي بذلك, وإنما شرعيتهم كانت تستمد من إرضاء الغرب. صدام حسين في العراق,زين العابدين بن علي في تونس, حسني مبارك في مصر, رضا بهلوي في إيران, بوكاسا إمبراطور أفريقيا الوسطى, ماركوس في الفلبين, سوهارتو في اندونيسيا, تشاوشسكو في رومانيا, بي نوشيه في تشيلي, موبوتو سيسيكو في زائير كانوا دائما ما يدعون غير الحقيقة وكأنهم يوارون سوءاتهم المغلظة بشرعيتهم المزعومة وغيرتهم على أوطانهم.
5- قد نتفق أو نختلف في قضية فكرية دنيوية نسبية متغيرة ليست من قواعد الإيمان أو أصول الدين, والاختلاف فيها اختلاف تنوع يثري أنماط الممارسات الحياتية, ولكل رأيه, والآراء هنا تتسم بالقوة والضعف لا بالصحة و الخطأ. هذه الأمور المعاشة الدنيوية ينطبق عليها القول "انتم أعلم بشئون دنياكم" كتقسيم الدرجات العلمية الجامعية والسياسة الزراعية والصناعية والتجارية و "وضع الدساتير" هل دستور طويل يتبنى تنظيم كل الأمور الحياتية وبالتالي يكون عرضة للتبديل والحذف والإضافة أم دستور قصير يحدد المباديء العامة للحقوق والواجبات وسلطان الحاكم ليتسم بأكبر قدر من الثبات النسبي و يترك الأمور الأخرى لتنظيم القانون الذي يتغير لتغيير الظروف ؟ هذا وغيره كثير قد نتفق أو نختلف والباب مفتوح للجميع ليطرح رأيه, لعلماء الدين, ورجال التعليم والهندسة والطب, والصناع والزراع والتجار, وكل شرائح المجتمع والرأي في النهاية لأهل الفن أو أهل الحل والعقد أو ما اتفق عليه العموم.
على أن البعض يختطف هذه القضايا ويلبسها "قميص عثمان" ويجعلها لب ألباب الدين وقدس أقداسه جاعلا من رأيه حاملا للخاتم الإلهي الذي يصدق أي "فرمان" ليستغوي الناس ويستخلص طاعتهم ويستميل قلوبهم فيتبعه العامة الذين يؤثر فيهم الدين بعد أن يتم سحق أدمغتهم "بقاذفات إبليسية" هنا تتحول المصادمة بين منطق ومنطق إلى مصادمة منطق بدين يكون فيها المتمسح بالدين هو صاحب الرأي الأحادي ونحن المطالبون بأن يذوب مرادنا في مراده لتتحول العلاقة الندية في الحوار إلى علاقة هرمية يكون هو على قمتها دائما فهو العالم العلامة العليم ومعارضه هو الجاهل الجهول الجهال المجهال الجهل...!!!
أيها السادة:
إن الأمور الحياتية الدنيوية المختلف عليها المتغيرة بتغير الظروف يحق للجميع أن يدلي فيها بدلوه وليست لأحد حصانة وإلا سيتحول المجتمع إلى استبدادية من نوع جديد وتحل طائفة محل أخرى.فإن كان عالم الدين لا يجوز لي الاختلاف معه في الأمور الدينية بل العلماء هم الذين يؤيدون أو يبطلون كلامه وهذا حق فإنه في الأمور الدنيوية تنعدم هذه الحصانة ويكون الحكم على رأيه حسب فكره وثقافته ومعرفته ببواطن الأمور وقد يصيب وقد يخطأ شأنه شأن الغير.
إياكم أن تخلعوا صفات ملائكية مطلقة لأشخاص بعينهم فهذا هو الشر المستطير لأننا سنأخذ عنهم أخذ المتبع المقلد المذعن أخذ الببغاء الذي يهرف بما لا يعرف إياكم أن تختطفوا هذه القضية من حومة المناقشة الفكرية إلى قلعة الدين لأنها متاجرة ومزايدة وتمسح به واحتكار له. بريء منها الدين كل البراءة ومتصدٍ لها ومستمطر غضب السماء عليها لأنها هوت به من قدسية عليائه إلى دناءة المأرب .
أقول هذا الكلام وقلبي يتقطع خوفا من أن يظهر فريق "المكفراتية الجدد" الذين قد يعيدون تسويق أي قضية دنيوية تحت مظلة الورع المدعى والإيمان الكاذب ليقتلوا كل "جاليليو"خارج عن إطار الدين. بهذه الروح الاحتكارية والاستثمارية تكمم الأفواه وتخرس الألسن ويتحتم على مفكري المجتمع أن يحنوا هاماتهم ويسلموا أفهامهم إلى غير معصوم وهنا تكون الطامة الكبرى حين نوثن هؤلاء المكفرين الجدد وننصبهم بجانب "زيوس" "أفروديت" "كيوبيد" ويشهد معبد "أرت يميس" آلهة زائفة كما شهدت أصقاع الجزيرة العربية اللاة والعزى ومناة .
لكم تحياتي
طابــــــت مصر وطبــــتم
بقلم / سليمان ربيع
معلم لغة إنجليزية
هي نوع من إلباس الباطل ثوب الحق والقفز على أدمغة العامة لزرع ألغام فكرية تلاصقها دائما و تنسف من يحاول تصحيحها.تقوم هذه العملية القذرة على تبني قضية معينة ثم تضع "سيناريوهات" شيطانية غالطة مغلوطة لتذهب بعقول المضحوك عليهم إلى دهاليز مظلمة تتجسد فيها الهلوسات على أنها الحقيقة المطلقة.إن إعادة تسويق القضايا مافتئت تعيد نفسها في كل زمان ومكان حتى أصبحت من الأمور "الفلكلورية" ولنضرب عدة أمثلة:
1-عندما وقف المستشرقون على كثرة زيجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم أدركوا منذ اللحظة الأولى أنها من مكرمات هذا الرجل وجوانب عظمته أن يتزوج تلك الزيجات على الرغم أن العرب كلها دانت له فكان بإمكانه أن يتزوج أجمل الحسان الأبكار ولكنه لم يفعل وهو في أوج انتصاره , وهم بلا شك وقفوا على أسباب زواجه بهذه أو تلك فانبهروا بهذا الرجل الذي يترك نساء العرب والعجم والترك وبمقدوره أن يملك الجوراي لو كان ملكا دنيويا , ولكنهم أعادوا تسويق القضية لأوروبا على أساس "التعددية " "والتفرد بالتشريع" وإنه راغب في النساء فشوشوا على قدسية المقصد وصرفوا أنظار الغرب إلى قضية مفتعلة!
2-النظام السوري ارتكب أبشع مجزرة عربية في حماة في 2فبراير 1982 عندما طوقتها قوات العقيد /رفعت الأسد شقيق بائس الذكر حافظ الأسد تمهيدا لاجتياحها بالدبابات. واستخدمت في هذه المجزرة القوات النظامية لتحصد أرواح ما بين 30 إلى 40 ألف ثائر !! هذا النظام البعثي القمعي الجبري كان دائما ما يتشدق بأنه قائد المقاومة ضد إسرائيل العدو الأول للأمة في حين أنه لم يطلق على الجولان طلقة واحدة بعد حرب أكتوبر, لم يحرك ساكنا عندما حوم الطيران الإسرائيلي فوق القصر الرئاسي بدمشق ولكنه سوق لنفسه أنه قائد المقاومة لينخدع به الشعب وتميل إليه القلوب العربية ويجعل من نفسه صاحب قضية يلتف حولها السوريون الذين قتل منهم أضعاف أضعاف قتلاه الإسرائيليين!!
3-الرئيس القذافي الذي كان دائما ما يسوق للعامة من الشعب الليبي أنه لا يحكم وليست له أية سلطات رئاسية وإنما اللجان الشعبية صاحبة الكلمة الأولى في الجماهيرية - لاحظوا الاسم جيدا- وهو بلا منصب وبلا مال – تذكروا أنه كان صاحب أول محفظة استثمارية في ليبيا على أساس أنه فقير مثل عامة الشعب- طبعا هراء في هراء لأنه هو القبضة الحديدية التي أمسكت بعنق ليبيا وجعلت قرآنها كتابه الأخضر الرطن الرتيب. أين هو من الحرية المدعاة؟!
4-كل الطواغيت الذين حكموا العالم الثالث كانت أعينهم لا تقع إلا على ما يعتقدون أنه من محاسنهم ودائما ما يعلنون أرقاما عن الاقتصاد وفرص العمل والتنمية منبتة الصلة عن الواقع المعاش, والأعجب من ذلك أنهم يغنون بشرعيتهم التي هي من روح الشعوب وما هي بذلك, وإنما شرعيتهم كانت تستمد من إرضاء الغرب. صدام حسين في العراق,زين العابدين بن علي في تونس, حسني مبارك في مصر, رضا بهلوي في إيران, بوكاسا إمبراطور أفريقيا الوسطى, ماركوس في الفلبين, سوهارتو في اندونيسيا, تشاوشسكو في رومانيا, بي نوشيه في تشيلي, موبوتو سيسيكو في زائير كانوا دائما ما يدعون غير الحقيقة وكأنهم يوارون سوءاتهم المغلظة بشرعيتهم المزعومة وغيرتهم على أوطانهم.
5- قد نتفق أو نختلف في قضية فكرية دنيوية نسبية متغيرة ليست من قواعد الإيمان أو أصول الدين, والاختلاف فيها اختلاف تنوع يثري أنماط الممارسات الحياتية, ولكل رأيه, والآراء هنا تتسم بالقوة والضعف لا بالصحة و الخطأ. هذه الأمور المعاشة الدنيوية ينطبق عليها القول "انتم أعلم بشئون دنياكم" كتقسيم الدرجات العلمية الجامعية والسياسة الزراعية والصناعية والتجارية و "وضع الدساتير" هل دستور طويل يتبنى تنظيم كل الأمور الحياتية وبالتالي يكون عرضة للتبديل والحذف والإضافة أم دستور قصير يحدد المباديء العامة للحقوق والواجبات وسلطان الحاكم ليتسم بأكبر قدر من الثبات النسبي و يترك الأمور الأخرى لتنظيم القانون الذي يتغير لتغيير الظروف ؟ هذا وغيره كثير قد نتفق أو نختلف والباب مفتوح للجميع ليطرح رأيه, لعلماء الدين, ورجال التعليم والهندسة والطب, والصناع والزراع والتجار, وكل شرائح المجتمع والرأي في النهاية لأهل الفن أو أهل الحل والعقد أو ما اتفق عليه العموم.
على أن البعض يختطف هذه القضايا ويلبسها "قميص عثمان" ويجعلها لب ألباب الدين وقدس أقداسه جاعلا من رأيه حاملا للخاتم الإلهي الذي يصدق أي "فرمان" ليستغوي الناس ويستخلص طاعتهم ويستميل قلوبهم فيتبعه العامة الذين يؤثر فيهم الدين بعد أن يتم سحق أدمغتهم "بقاذفات إبليسية" هنا تتحول المصادمة بين منطق ومنطق إلى مصادمة منطق بدين يكون فيها المتمسح بالدين هو صاحب الرأي الأحادي ونحن المطالبون بأن يذوب مرادنا في مراده لتتحول العلاقة الندية في الحوار إلى علاقة هرمية يكون هو على قمتها دائما فهو العالم العلامة العليم ومعارضه هو الجاهل الجهول الجهال المجهال الجهل...!!!
أيها السادة:
إن الأمور الحياتية الدنيوية المختلف عليها المتغيرة بتغير الظروف يحق للجميع أن يدلي فيها بدلوه وليست لأحد حصانة وإلا سيتحول المجتمع إلى استبدادية من نوع جديد وتحل طائفة محل أخرى.فإن كان عالم الدين لا يجوز لي الاختلاف معه في الأمور الدينية بل العلماء هم الذين يؤيدون أو يبطلون كلامه وهذا حق فإنه في الأمور الدنيوية تنعدم هذه الحصانة ويكون الحكم على رأيه حسب فكره وثقافته ومعرفته ببواطن الأمور وقد يصيب وقد يخطأ شأنه شأن الغير.
إياكم أن تخلعوا صفات ملائكية مطلقة لأشخاص بعينهم فهذا هو الشر المستطير لأننا سنأخذ عنهم أخذ المتبع المقلد المذعن أخذ الببغاء الذي يهرف بما لا يعرف إياكم أن تختطفوا هذه القضية من حومة المناقشة الفكرية إلى قلعة الدين لأنها متاجرة ومزايدة وتمسح به واحتكار له. بريء منها الدين كل البراءة ومتصدٍ لها ومستمطر غضب السماء عليها لأنها هوت به من قدسية عليائه إلى دناءة المأرب .
أقول هذا الكلام وقلبي يتقطع خوفا من أن يظهر فريق "المكفراتية الجدد" الذين قد يعيدون تسويق أي قضية دنيوية تحت مظلة الورع المدعى والإيمان الكاذب ليقتلوا كل "جاليليو"خارج عن إطار الدين. بهذه الروح الاحتكارية والاستثمارية تكمم الأفواه وتخرس الألسن ويتحتم على مفكري المجتمع أن يحنوا هاماتهم ويسلموا أفهامهم إلى غير معصوم وهنا تكون الطامة الكبرى حين نوثن هؤلاء المكفرين الجدد وننصبهم بجانب "زيوس" "أفروديت" "كيوبيد" ويشهد معبد "أرت يميس" آلهة زائفة كما شهدت أصقاع الجزيرة العربية اللاة والعزى ومناة .
لكم تحياتي
طابــــــت مصر وطبــــتم