الشلة المتعالمة .. وقلة الأدب مع العلماء
المصدر : موقع الرحمة المهداة www.mohdat.com
جميل جداً أن تسود لغة الحوار بين أفراد المجتمع، والأجمل من ذلك أن يكون الحوار سبيلاً للوصول إلى الحق والمنهج الصحيح في فهم كل متطلبات الحياة السياسية والدينية والاجتماعية، ولعل من أبرز الجوانب الإيجابية لشيوع لغة الحوار الإقناع الذي يقوّي حبال التمسك بالمبادئ والقيم، ويجعل الأمور تسير على أرضية صلبة لا تميد بسرعة ولا يستطيع أحد زعزعتها بسهولة؛ غير أن هذا الحور يكون مشيناً ومقززاً حد القرف حين يخرج من كونه حواراً ليكون مطيةً لسوء الأدب وقلة الاحترام وفقدان الذوق الأخلاقي وخاصة إذا كان الحوار بين صغير وكبير أو متعلم مع عالم أو طالب علم مبتدئ مع أستاذه، ففي كثير من المساجلات والحوارات المباشرة أو الكتابية حول مسائل العلم والدين نجد ثمة طائفة من أنصاف المتعلمين أو المتعالمين يتخذون من سوء الأدب طريقاً لإيصال أفكارهم وآرائهم إلى الآخرين، وحتى هذه الأفكار لم تسلم هي الأخرى من سوء فهم صاحبها، والأدهى والأطم أن تكون هذه الفكرة بالية قديمة حفظها من يتلقاها قبل أن يولد هذا الملقي، فيأتي يجر رداء الغطرسة وادعاء المعرفة، فيوضح الواضحات ليخلق المشكلات ويجعل المسلَّمات مختلَفاً فيها بفهم سقيم ونظر فاسد.
كناطح صخرة يوماً ليفلقها **** فلم يضرها وأوهى قرنه الوعلُ
وليت الأمر يقف عند هذا الحد، بل يحاول هذا المتعالم إقناع من هو أعلم منه وأفهم منه بأفكاره المغلوطة وآرائه المتعرجة، ليلبّس على العامة باسم الرأي الفقهي والتعددية والمذهبة والتحرر من الجمود حتى إذا ما رد عليه العالم البصير وبيّن غلطه وسوء فهمه وما ذهب إليه؛ قام هذا الجويهل وقلب الحوار حرباً على العالم وتسفيهاً لعلمه وفهمه واتهمه بقلة فهم (الواقع) وقلة بضاعته في التحليل والإدراك، ويبدو أن بعض الجهلة ممن ابتلي بداء إظهار الذات ومراءاة الخلق والتعالم يتخذون من الرد على المشايخ والعلماء وأولي الفكر والرأي الكبار سلماً يرتقي عليه لينال حظوة اشتهار الاسم والذات، وليقال إن فلاناً ردّ على الشيخ العلامة أو حتى ليحظى برد أو تعقيب من العالم يُرضي غروره وتشبع نشوته وما درى الجاهل أن السقوط من السلم يسبب إعاقات مستديمة وكسوراً مضاعفة لا تبرأ سريعاً وقد تودي بحياته وعافيته بالكلية...
من أحب التعرف على شيء من هذه الدراما أو يقف على حقائق الأمور ما عليه سوى تقليب بعض صفحات الصحف المحلية، وقراءة بعض مقالات كتابها ليجد ما أشرت إليه و أقبح..
إن التطاول على أهل الفضل والدين من العلماء ليس وليد العصر بل هي سمة كل مفتون في كل عصر ومصر؛ وحتى أنبياء الله ورسله لم يسلموا من أوضار هؤلاء الأغبياء وأما الصالحون والعلماء فقد غدت سنة جارية في حقهم وذاقوا ألوان العنت والشقاق من لدن قليلي العلم وضعيفي الديانة وفي ذلك حكمة ربانية، وسنة إلهية ليفتضح أمر الغششة مع كل نازلة ويتضح خبث المخادعين مع كل صيحة.
وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "ألا وإن الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم ولم يقم الصغير على الكبير، فإذا قام الصغير على الكبير فقد هلكوا " وما أحسن قول القائل حين وصف ما نعيشه بقوله:
متى يصل العطاش إلى ارتواء *** إذا استقت البحار من الركايا
ومن يثني الأصاغر عن مرادٍ *** إذا جلس الأكابر في الزوايا
وإنّ ترفّع الوضعاء يوماً *** على الرفعـاء من إحدى الرزايا
إذا استـوت الأسافل والأعالي *** فقد طـابت منادمة المنايا[/size]
المصدر : موقع الرحمة المهداة www.mohdat.com
جميل جداً أن تسود لغة الحوار بين أفراد المجتمع، والأجمل من ذلك أن يكون الحوار سبيلاً للوصول إلى الحق والمنهج الصحيح في فهم كل متطلبات الحياة السياسية والدينية والاجتماعية، ولعل من أبرز الجوانب الإيجابية لشيوع لغة الحوار الإقناع الذي يقوّي حبال التمسك بالمبادئ والقيم، ويجعل الأمور تسير على أرضية صلبة لا تميد بسرعة ولا يستطيع أحد زعزعتها بسهولة؛ غير أن هذا الحور يكون مشيناً ومقززاً حد القرف حين يخرج من كونه حواراً ليكون مطيةً لسوء الأدب وقلة الاحترام وفقدان الذوق الأخلاقي وخاصة إذا كان الحوار بين صغير وكبير أو متعلم مع عالم أو طالب علم مبتدئ مع أستاذه، ففي كثير من المساجلات والحوارات المباشرة أو الكتابية حول مسائل العلم والدين نجد ثمة طائفة من أنصاف المتعلمين أو المتعالمين يتخذون من سوء الأدب طريقاً لإيصال أفكارهم وآرائهم إلى الآخرين، وحتى هذه الأفكار لم تسلم هي الأخرى من سوء فهم صاحبها، والأدهى والأطم أن تكون هذه الفكرة بالية قديمة حفظها من يتلقاها قبل أن يولد هذا الملقي، فيأتي يجر رداء الغطرسة وادعاء المعرفة، فيوضح الواضحات ليخلق المشكلات ويجعل المسلَّمات مختلَفاً فيها بفهم سقيم ونظر فاسد.
كناطح صخرة يوماً ليفلقها **** فلم يضرها وأوهى قرنه الوعلُ
وليت الأمر يقف عند هذا الحد، بل يحاول هذا المتعالم إقناع من هو أعلم منه وأفهم منه بأفكاره المغلوطة وآرائه المتعرجة، ليلبّس على العامة باسم الرأي الفقهي والتعددية والمذهبة والتحرر من الجمود حتى إذا ما رد عليه العالم البصير وبيّن غلطه وسوء فهمه وما ذهب إليه؛ قام هذا الجويهل وقلب الحوار حرباً على العالم وتسفيهاً لعلمه وفهمه واتهمه بقلة فهم (الواقع) وقلة بضاعته في التحليل والإدراك، ويبدو أن بعض الجهلة ممن ابتلي بداء إظهار الذات ومراءاة الخلق والتعالم يتخذون من الرد على المشايخ والعلماء وأولي الفكر والرأي الكبار سلماً يرتقي عليه لينال حظوة اشتهار الاسم والذات، وليقال إن فلاناً ردّ على الشيخ العلامة أو حتى ليحظى برد أو تعقيب من العالم يُرضي غروره وتشبع نشوته وما درى الجاهل أن السقوط من السلم يسبب إعاقات مستديمة وكسوراً مضاعفة لا تبرأ سريعاً وقد تودي بحياته وعافيته بالكلية...
من أحب التعرف على شيء من هذه الدراما أو يقف على حقائق الأمور ما عليه سوى تقليب بعض صفحات الصحف المحلية، وقراءة بعض مقالات كتابها ليجد ما أشرت إليه و أقبح..
إن التطاول على أهل الفضل والدين من العلماء ليس وليد العصر بل هي سمة كل مفتون في كل عصر ومصر؛ وحتى أنبياء الله ورسله لم يسلموا من أوضار هؤلاء الأغبياء وأما الصالحون والعلماء فقد غدت سنة جارية في حقهم وذاقوا ألوان العنت والشقاق من لدن قليلي العلم وضعيفي الديانة وفي ذلك حكمة ربانية، وسنة إلهية ليفتضح أمر الغششة مع كل نازلة ويتضح خبث المخادعين مع كل صيحة.
وعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "ألا وإن الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم ولم يقم الصغير على الكبير، فإذا قام الصغير على الكبير فقد هلكوا " وما أحسن قول القائل حين وصف ما نعيشه بقوله:
متى يصل العطاش إلى ارتواء *** إذا استقت البحار من الركايا
ومن يثني الأصاغر عن مرادٍ *** إذا جلس الأكابر في الزوايا
وإنّ ترفّع الوضعاء يوماً *** على الرفعـاء من إحدى الرزايا
إذا استـوت الأسافل والأعالي *** فقد طـابت منادمة المنايا[/size]