ليكن الاستفتاء عرسا للديمقراطية
جمال سلطان | 17-03-2011 01:10
هذه هي المرة الأولى التي تذهب فيها إلى التصويت على استفتاء وأنت لا تعرف ما هي نتيجته ، أو بمعنى أصح هذا أول استفتاء حقيقي يشارك فيه المواطن ، حيث كانت جميع الاستفتاءات والانتخابات السابقة مجرد ديكور سياسي والنتيجة معروفة سلفا وتم تحديد نسب المشاركين والمتخلفين والأصوات الصحيحة والأصوات الباطلة والموافق والمخالف بشكل رياضي صارم من قبل أن يذهب أي مخلوق إلى لجان الاستفتاء .
غير أن هذا النصر الكبير للوطن يحتاج إلى أن نحافظ عليه وأن نكون أمناء عليه ، وأن نبدأ مشوار الديمقراطية بصورة حضارية ، نكون فيها مثلا للآخرين ونموذجا إيجابيا لثمار الديمقراطية ، وأنا شخصيا أتمنى أن تأتي نتيجة الاستفتاء بالموافقة على التعديلات الدستورية المطروحة ، وأعتبر ذلك نصرا للوطن وثورته وتمهيدا جيدا للمسار الديمقراطي الجديد ، ولكن إذا أتت النتائج بغير ذلك فسوف أحترمها وأقبل بها ، لأنها اختيار الشعب وإرادته ، ولا بد من أن أمرن النفس على قبول اختيار الأمة مهما كان مخالفا لرأيي وقناعتي ، لأنه قد مضى الزمن الذي يفرض فيه أحد وصايته على الشعب واختياره ، ومضي الزمن الذي كنا فيه نفكر نيابة عن الشعب ونتحدث نيابة عن الشعب أو في غيبته ، نحن لا نملك إلا رأينا نقوله ، والاختيار هو لكل مصري .
الحديث عن قوى الثورة تحول إلى سوق للمزايدات ، الثورة ليست ملك هذه الحفنة من الكتاب والمثقفين الناشطين في البرامج الفضائية والذين تتصور أنهم يسكنون في الاستديو من فرط وجودهم الدائم على الشاشات هنا وهناك ، الثورة يملكها عشرة ملايين مصري ـ على الأقل ـ ملأوا الميادين والشوارع والساحات ، ولا يحق لأحد أن يتحدث باسمهم لأنهم لم يفوضوا أحدا بذلك ، ولا يحق لأحد أن يفرض وصايته عليهم ولا على بقية أبناء الوطن بدعوى أن قوى الثورة تقول كذا ، ومن شارك في الثورة ، وأنا منهم ، لا يملك حصانة أبدية أو حقا إلهيا يقول أن كلامه ورأيه هو الذي ينبغي أن يسود وأن يستجيب له القدر أو الأمة ، كما أن مشاركة أحد في الثورة لا تعني أن رأيه دائما هو الصواب وهو المتوافق مع مصلحة الوطن ، وعندما يحمل شخصا في حناياه مثل هذا الشعور أو التصور فإنه يتحول تلقائيا إلى عبء على الوطن وعبء على الثورة نفسها ومعوق لمسار الإصلاح الذي مهدت له تلك الثورة ، ويتحول إلى ديكتاتور صغير .
ما زال البعض يتحدث عن بدائل وهمية للتعديلات الدستورية ، ويطالب بكل فجاجة أن يمنع الشعب من حقه في التصويت عليها ، ما زال بعضهم يطالب بأن المجلس العسكري يختار قيادة جديدة لمرحلة انتقالية بالتشاور مع قوى الثورة ، أي أنه اعتبر الشعب غير موجود ، الشعب غائب ، الشعب تمت مصادرة وجوده وصوته وإرادته بصنعة لطافة ، شعارها : رأي "قوى الثورة" ، وقوى الثورة تعني ـ بالتأكيد ـ جنابه ومن على طريقته ، هذا تهريج واستخفاف بالوطن والثورة والشعب ، فضلا عن مجافاة ذلك التامة لأبسط المعايير الديمقراطية ، ولن نسمح لأحد أن يختطف منا الخلاص الديمقراطي ، جوهر الانتصار وحلم الوطن ، تحت أي ذريعة كانت .
هؤلاء الذين ما زالوا يتصرفون بمنطق "وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين" ، هؤلاء الذين يقبلون بالديمقراطية إذا كانت نتائجها على وفق هواهم وتأتي برجالهم ، فإذا كانت نتائجها تميل لغيرهم هاجموها وطالبوا بإبعادها مؤقتا أو أبديا ، هؤلاء هم الخطر الحقيقي الآن على الديمقراطية ، نفس الفضيحة التي وقع فيها "حزب فرنسا" في الجزائر ، يقع فيها مع الأسف "حزب أمريكا" في مصر.
سأذهب إلى الاستفتاء يوم السبت ، وسوف أصوت بنعم واثقة ، ترضي ضميري ، أنتصر بها للثورة وآمل أن تكون خطوة مباركة لمصر في بداية طريق الديمقراطية .
جمال سلطان | 17-03-2011 01:10
هذه هي المرة الأولى التي تذهب فيها إلى التصويت على استفتاء وأنت لا تعرف ما هي نتيجته ، أو بمعنى أصح هذا أول استفتاء حقيقي يشارك فيه المواطن ، حيث كانت جميع الاستفتاءات والانتخابات السابقة مجرد ديكور سياسي والنتيجة معروفة سلفا وتم تحديد نسب المشاركين والمتخلفين والأصوات الصحيحة والأصوات الباطلة والموافق والمخالف بشكل رياضي صارم من قبل أن يذهب أي مخلوق إلى لجان الاستفتاء .
غير أن هذا النصر الكبير للوطن يحتاج إلى أن نحافظ عليه وأن نكون أمناء عليه ، وأن نبدأ مشوار الديمقراطية بصورة حضارية ، نكون فيها مثلا للآخرين ونموذجا إيجابيا لثمار الديمقراطية ، وأنا شخصيا أتمنى أن تأتي نتيجة الاستفتاء بالموافقة على التعديلات الدستورية المطروحة ، وأعتبر ذلك نصرا للوطن وثورته وتمهيدا جيدا للمسار الديمقراطي الجديد ، ولكن إذا أتت النتائج بغير ذلك فسوف أحترمها وأقبل بها ، لأنها اختيار الشعب وإرادته ، ولا بد من أن أمرن النفس على قبول اختيار الأمة مهما كان مخالفا لرأيي وقناعتي ، لأنه قد مضى الزمن الذي يفرض فيه أحد وصايته على الشعب واختياره ، ومضي الزمن الذي كنا فيه نفكر نيابة عن الشعب ونتحدث نيابة عن الشعب أو في غيبته ، نحن لا نملك إلا رأينا نقوله ، والاختيار هو لكل مصري .
الحديث عن قوى الثورة تحول إلى سوق للمزايدات ، الثورة ليست ملك هذه الحفنة من الكتاب والمثقفين الناشطين في البرامج الفضائية والذين تتصور أنهم يسكنون في الاستديو من فرط وجودهم الدائم على الشاشات هنا وهناك ، الثورة يملكها عشرة ملايين مصري ـ على الأقل ـ ملأوا الميادين والشوارع والساحات ، ولا يحق لأحد أن يتحدث باسمهم لأنهم لم يفوضوا أحدا بذلك ، ولا يحق لأحد أن يفرض وصايته عليهم ولا على بقية أبناء الوطن بدعوى أن قوى الثورة تقول كذا ، ومن شارك في الثورة ، وأنا منهم ، لا يملك حصانة أبدية أو حقا إلهيا يقول أن كلامه ورأيه هو الذي ينبغي أن يسود وأن يستجيب له القدر أو الأمة ، كما أن مشاركة أحد في الثورة لا تعني أن رأيه دائما هو الصواب وهو المتوافق مع مصلحة الوطن ، وعندما يحمل شخصا في حناياه مثل هذا الشعور أو التصور فإنه يتحول تلقائيا إلى عبء على الوطن وعبء على الثورة نفسها ومعوق لمسار الإصلاح الذي مهدت له تلك الثورة ، ويتحول إلى ديكتاتور صغير .
ما زال البعض يتحدث عن بدائل وهمية للتعديلات الدستورية ، ويطالب بكل فجاجة أن يمنع الشعب من حقه في التصويت عليها ، ما زال بعضهم يطالب بأن المجلس العسكري يختار قيادة جديدة لمرحلة انتقالية بالتشاور مع قوى الثورة ، أي أنه اعتبر الشعب غير موجود ، الشعب غائب ، الشعب تمت مصادرة وجوده وصوته وإرادته بصنعة لطافة ، شعارها : رأي "قوى الثورة" ، وقوى الثورة تعني ـ بالتأكيد ـ جنابه ومن على طريقته ، هذا تهريج واستخفاف بالوطن والثورة والشعب ، فضلا عن مجافاة ذلك التامة لأبسط المعايير الديمقراطية ، ولن نسمح لأحد أن يختطف منا الخلاص الديمقراطي ، جوهر الانتصار وحلم الوطن ، تحت أي ذريعة كانت .
هؤلاء الذين ما زالوا يتصرفون بمنطق "وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين" ، هؤلاء الذين يقبلون بالديمقراطية إذا كانت نتائجها على وفق هواهم وتأتي برجالهم ، فإذا كانت نتائجها تميل لغيرهم هاجموها وطالبوا بإبعادها مؤقتا أو أبديا ، هؤلاء هم الخطر الحقيقي الآن على الديمقراطية ، نفس الفضيحة التي وقع فيها "حزب فرنسا" في الجزائر ، يقع فيها مع الأسف "حزب أمريكا" في مصر.
سأذهب إلى الاستفتاء يوم السبت ، وسوف أصوت بنعم واثقة ، ترضي ضميري ، أنتصر بها للثورة وآمل أن تكون خطوة مباركة لمصر في بداية طريق الديمقراطية .