شعور
جديد لم نتعود عليه منذ فترة طويلة.. ما أجمل أن تشعر بالرضا -ولو نسبيًا-
عن أداء النظام الحاكم، وتحس بالكثير من الأمل والتفاؤل في المستقبل، بل
وترغب في أن تقول "نعم" بحماس شديد.
هذا هو شعوري وشعور الكثيرين
تجاه التعديلات الدستورية الأخيرة، والتي سيتم الاستفتاء عليها يوم السبت
المقبل، ليخرج كل مصري للمرة الأولى تجاه صناديق الاقتراع، وهو يعرف بأن
صوته له قيمة وتأثير حقيقي على مستقبل بلاده، أيًا تكن نتيجة الاستفتاء؛
فقد كسب الشعب المصري عودة الثقة، وبدء التحول الحقيقي نحو الديمقراطية
وساحة المنافسة السياسية، أشعر بسعادة كبيرة عندما أشاهد المباراة التي
تجري الآن بين المؤيدين والمعارضين لتلك التعديلات، والتي سيحسمها رأي
الأغلبية، أخيرًا يا سادة.. يمكن أن نعبر عن رأينا بمنتهى الثقة في
الصندوق، وليس في المظاهرات والشارع.
بالطبع سأصوت ب"نعم"
للتعديلات الدستورية، وقبل أن أسوق أسبابي أرجو من كل مصري الرجوع إلى
نصوص التعديلات الدستورية، وما يقابلها من مواد في الدستور القديم، من
فضلك لا تكتفِ بمشاهدة الجدل الدائر في وسائل الإعلام، ولتكن هذه بداية
حقيقية من أجل وعي سياسي جديد، أعرف أن هناك المخلصين ممن يرون أنه يجب
البدء الآن في عمل دستور جديد، بديلاً عن التعديلات الجزئية، ولكني أرجو
منهم جميعًا أن نتفهم فلسفة هذه التعديلات، وروحها التي ترتكز على فكرة
المرحلة الانتقالية، بهدف العبور نحو الديمقراطية، وإعداد دستور دائم
للبلاد، ولذلك فأنا أسأل الذين يطالبون بدستور جديد فورًا.. من سيقوم
بإعداد هذا الدستور؟ هل تفضل أن تكون لجنة معينة أم منتخبة؟ هل تعرف بأن
التعديلات الدستورية تنص على أن أولى مهام مجلسي الشعب والشورى هي انتخاب
لجنة تأسيسية من مائة فرد لإعداد الدستور الجديد؟ وذلك من دون شك أفضل من
اللجنة التي يتم تعيينها، إذا كان الكثير من اللغط قد أثير حول لجنة
التعديلات الدستورية برئاسة المستشار "طارق البشري"، واعترض البعض على
عضوية "صبحي صالح" باللجنة على اعتبار أنه من الإخوان المسلمين، فكيف
سيكون الأمر عند اختيار لجنة من مائة عضو لإعداد دستور جديد؟ إذا كان من
المستحيل إرضاء الجميع، فلنترك صندوق الانتخابات يحسم الاختيار.
الشبهة
التالية التي يثيرها الرافضون للتعديلات الدستورية تتمثل في أن "انتخابات
مجلس الشعب تأتي قبل الانتخابات الرئاسية، وسيكون من المبكر جدًا انتخاب
برلمان جديد، لأنه في ظل الظروف الحالية لن يفرز سوى الإخوان، ورجال
الأعمال من الحزب الوطني"، ولهؤلاء جميعًا أقول: كفاكم وصاية على الشعب
المصري، فأنتم تتحدثون بنفس اللغة التي رفضناها من "نظيف" و"عمر سليمان"،
حينما اعتبروا أن الشعب المصري غير مؤهل للديمقراطية، لماذا نعتبر أن
الشعب العظيم الذي قام بهذه الثورة الرائعة لا يعرف مصلحته؟ لماذا نحجر
على رأي الشعب في اختيار من يمثله بنزاهة، بدعوى عدم فهمه؟ هل تريد أن
تجرى الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، فنأتي بطاغية جديد، لا يوجد
برلمان أو مؤسسات لتقويمه ومحاسبته، ولا يوجد دستور معدل للحد من
صلاحياته؟ كيف يمكن الثقة في شخص واحد وإن كان رئيسًا للجمهورية، ولا نثق
في مجلس يضم أكثر من 500 عضو؟ وخصوصًا إذا علمنا أن صلاحيات الرئيس
المنتخب بالدستور القديم ستتغير إجباريًا خلال العام الأول من حكمه، بل قد
يؤدي الدستور الجديد لإنهاء حكم هذا الرئيس وإجراء انتخابات رئاسية جديدة،
أرجوكم.. دعونا نبدأ ببناء مؤسسات الدولة قبل اختيار حاكمها.
أما
استخدام فزاعة الإخوان.. فقد أصبحت من الماضي، وخصوصًا أن الإخوان قد
أعلنوا بملائكية عجيبة عن عدم ترشحهم للانتخابات الرئاسية، بالإضافة إلى
خوض الجماعة الانتخابات البرلمانية على ثلث مقاعد المجلس فقط، وكل ذلك من
أجل إرسال المزيد من رسائل التطمين لكل القوى الوطنية، وهنا يجب أن أتساءل
عن الإجراءات التي قامت بها القوى والأحزاب السياسية بعد خمسة أسابيع من
الثورة لتزيد من شعبيتها، وتصبح جاهزة لاكتساح أي انتخابات مقبلة؟ أرجوكم
لا تلقوا بالحجة في تقصيركم وتقاعسكم على الغير، لا بد أن نحترم إرادة
الشعب إذا اختار الإخوان، أو الحزب الوطني، أو أي طيف سياسي، ولنترك
الأيام تثبت مدى صحة هذا الاختيار من عدمه.
يثير البعض مشكلة شكل
الاستفتاء، وأنه يجب أن يكون على كل مادة من مواد الدستور على حدة، وهو
رأي -بالرغم من احترامي- غير عملي، ولم يطبق في أي استفتاء في العالم،
وأرجو أن نرجع بالذاكرة لاستفتاء التعديلات الدستورية الأخيرة التي تمت في
تركيا، حيث كان الشعب يصوت على كل التعديلات دفعة واحدة، وكذلك الأمر في
كل دول العالم الديمقراطية، التي قامت باستفتاء تعديلات دستورية، أما
النقطة الأخيرة التي تحتاج إلى إيضاح؛ فهي ما يتصوره البعض من أن رفض
التعديلات الدستورية هو الأفضل لأنه يعني الاتجاه نحو عمل دستور جديد، وهو
ما يمثل قراءة خاطئة للمشهد، يجب أن نعرف أنه عند رفض التعديلات
الدستورية، سوف يتم تشكيل لجنة جديدة لعمل تعديلات دستورية مختلفة، ثم
عرضها للاستفتاء مرة أخرى، وهو ما يعني إطالة فترة المرحلة الانتقالية.
مهما
تعددت وتنوعت الأفكار، فقد حانت الفرصة ليصبح صندوق الاقتراع هو الفيصل
بين الآراء المختلفة، الاستفتاء القادم فرصة لنا حتى يرى العالم الوجه
الجديد والمتحضر من الاختلاف في الآراء والدفاع عنها، بشرط أن يقبل كل
فريق بما ستسفر عنه نتيجة الصندوق، وعندها نثبت للعالم فعلاً أن الشعب
المصري قد تغير، وأننا مقبلون على مرحلة جديدة من الديمقراطية والحرية
والبناء.
جديد لم نتعود عليه منذ فترة طويلة.. ما أجمل أن تشعر بالرضا -ولو نسبيًا-
عن أداء النظام الحاكم، وتحس بالكثير من الأمل والتفاؤل في المستقبل، بل
وترغب في أن تقول "نعم" بحماس شديد.
هذا هو شعوري وشعور الكثيرين
تجاه التعديلات الدستورية الأخيرة، والتي سيتم الاستفتاء عليها يوم السبت
المقبل، ليخرج كل مصري للمرة الأولى تجاه صناديق الاقتراع، وهو يعرف بأن
صوته له قيمة وتأثير حقيقي على مستقبل بلاده، أيًا تكن نتيجة الاستفتاء؛
فقد كسب الشعب المصري عودة الثقة، وبدء التحول الحقيقي نحو الديمقراطية
وساحة المنافسة السياسية، أشعر بسعادة كبيرة عندما أشاهد المباراة التي
تجري الآن بين المؤيدين والمعارضين لتلك التعديلات، والتي سيحسمها رأي
الأغلبية، أخيرًا يا سادة.. يمكن أن نعبر عن رأينا بمنتهى الثقة في
الصندوق، وليس في المظاهرات والشارع.
بالطبع سأصوت ب"نعم"
للتعديلات الدستورية، وقبل أن أسوق أسبابي أرجو من كل مصري الرجوع إلى
نصوص التعديلات الدستورية، وما يقابلها من مواد في الدستور القديم، من
فضلك لا تكتفِ بمشاهدة الجدل الدائر في وسائل الإعلام، ولتكن هذه بداية
حقيقية من أجل وعي سياسي جديد، أعرف أن هناك المخلصين ممن يرون أنه يجب
البدء الآن في عمل دستور جديد، بديلاً عن التعديلات الجزئية، ولكني أرجو
منهم جميعًا أن نتفهم فلسفة هذه التعديلات، وروحها التي ترتكز على فكرة
المرحلة الانتقالية، بهدف العبور نحو الديمقراطية، وإعداد دستور دائم
للبلاد، ولذلك فأنا أسأل الذين يطالبون بدستور جديد فورًا.. من سيقوم
بإعداد هذا الدستور؟ هل تفضل أن تكون لجنة معينة أم منتخبة؟ هل تعرف بأن
التعديلات الدستورية تنص على أن أولى مهام مجلسي الشعب والشورى هي انتخاب
لجنة تأسيسية من مائة فرد لإعداد الدستور الجديد؟ وذلك من دون شك أفضل من
اللجنة التي يتم تعيينها، إذا كان الكثير من اللغط قد أثير حول لجنة
التعديلات الدستورية برئاسة المستشار "طارق البشري"، واعترض البعض على
عضوية "صبحي صالح" باللجنة على اعتبار أنه من الإخوان المسلمين، فكيف
سيكون الأمر عند اختيار لجنة من مائة عضو لإعداد دستور جديد؟ إذا كان من
المستحيل إرضاء الجميع، فلنترك صندوق الانتخابات يحسم الاختيار.
الشبهة
التالية التي يثيرها الرافضون للتعديلات الدستورية تتمثل في أن "انتخابات
مجلس الشعب تأتي قبل الانتخابات الرئاسية، وسيكون من المبكر جدًا انتخاب
برلمان جديد، لأنه في ظل الظروف الحالية لن يفرز سوى الإخوان، ورجال
الأعمال من الحزب الوطني"، ولهؤلاء جميعًا أقول: كفاكم وصاية على الشعب
المصري، فأنتم تتحدثون بنفس اللغة التي رفضناها من "نظيف" و"عمر سليمان"،
حينما اعتبروا أن الشعب المصري غير مؤهل للديمقراطية، لماذا نعتبر أن
الشعب العظيم الذي قام بهذه الثورة الرائعة لا يعرف مصلحته؟ لماذا نحجر
على رأي الشعب في اختيار من يمثله بنزاهة، بدعوى عدم فهمه؟ هل تريد أن
تجرى الانتخابات الرئاسية قبل البرلمانية، فنأتي بطاغية جديد، لا يوجد
برلمان أو مؤسسات لتقويمه ومحاسبته، ولا يوجد دستور معدل للحد من
صلاحياته؟ كيف يمكن الثقة في شخص واحد وإن كان رئيسًا للجمهورية، ولا نثق
في مجلس يضم أكثر من 500 عضو؟ وخصوصًا إذا علمنا أن صلاحيات الرئيس
المنتخب بالدستور القديم ستتغير إجباريًا خلال العام الأول من حكمه، بل قد
يؤدي الدستور الجديد لإنهاء حكم هذا الرئيس وإجراء انتخابات رئاسية جديدة،
أرجوكم.. دعونا نبدأ ببناء مؤسسات الدولة قبل اختيار حاكمها.
أما
استخدام فزاعة الإخوان.. فقد أصبحت من الماضي، وخصوصًا أن الإخوان قد
أعلنوا بملائكية عجيبة عن عدم ترشحهم للانتخابات الرئاسية، بالإضافة إلى
خوض الجماعة الانتخابات البرلمانية على ثلث مقاعد المجلس فقط، وكل ذلك من
أجل إرسال المزيد من رسائل التطمين لكل القوى الوطنية، وهنا يجب أن أتساءل
عن الإجراءات التي قامت بها القوى والأحزاب السياسية بعد خمسة أسابيع من
الثورة لتزيد من شعبيتها، وتصبح جاهزة لاكتساح أي انتخابات مقبلة؟ أرجوكم
لا تلقوا بالحجة في تقصيركم وتقاعسكم على الغير، لا بد أن نحترم إرادة
الشعب إذا اختار الإخوان، أو الحزب الوطني، أو أي طيف سياسي، ولنترك
الأيام تثبت مدى صحة هذا الاختيار من عدمه.
يثير البعض مشكلة شكل
الاستفتاء، وأنه يجب أن يكون على كل مادة من مواد الدستور على حدة، وهو
رأي -بالرغم من احترامي- غير عملي، ولم يطبق في أي استفتاء في العالم،
وأرجو أن نرجع بالذاكرة لاستفتاء التعديلات الدستورية الأخيرة التي تمت في
تركيا، حيث كان الشعب يصوت على كل التعديلات دفعة واحدة، وكذلك الأمر في
كل دول العالم الديمقراطية، التي قامت باستفتاء تعديلات دستورية، أما
النقطة الأخيرة التي تحتاج إلى إيضاح؛ فهي ما يتصوره البعض من أن رفض
التعديلات الدستورية هو الأفضل لأنه يعني الاتجاه نحو عمل دستور جديد، وهو
ما يمثل قراءة خاطئة للمشهد، يجب أن نعرف أنه عند رفض التعديلات
الدستورية، سوف يتم تشكيل لجنة جديدة لعمل تعديلات دستورية مختلفة، ثم
عرضها للاستفتاء مرة أخرى، وهو ما يعني إطالة فترة المرحلة الانتقالية.
مهما
تعددت وتنوعت الأفكار، فقد حانت الفرصة ليصبح صندوق الاقتراع هو الفيصل
بين الآراء المختلفة، الاستفتاء القادم فرصة لنا حتى يرى العالم الوجه
الجديد والمتحضر من الاختلاف في الآراء والدفاع عنها، بشرط أن يقبل كل
فريق بما ستسفر عنه نتيجة الصندوق، وعندها نثبت للعالم فعلاً أن الشعب
المصري قد تغير، وأننا مقبلون على مرحلة جديدة من الديمقراطية والحرية
والبناء.