سئمنا المذلة والركوع لغير المستحق لها
ولكنهم رغم طول الحقب الماضية
استمروا يُسقطون ممارسات أسيادهم على الرؤية الثاقبة
والنظرات البعيدة , والبؤرة المتسعة ..
أو عسى حادث يغير !
ومن ثم أتى عقلاؤهم ومثقفوهم ليكشفوا الخبايا
ويُحللوا المواقف ويوجدوا المنافذ والحلول
لكن الشعب الأعزل استمر مسالماً
يتمنى أقل الحلول إنصافاً لحقه
ويرجو أيسر السبل بحثاً عن أبعد الطرق من المواجهة
و هنا يأتي دور الحكومة العربية
لتجلي كل من يريد التأثير على الجمهور الهزيل
و تقذفه بالجهل والعمالة
وهو عنها بعيد
وهم منها أقرب .
ومنذ شروع هؤلاء الحكام
في فرض ما أُدلجوا عليه
(سواء من قبل الخارج أو المقربين)
ليتعاطوا مع هموم أوطانهم بالسلبية
ويبدؤوا ليسمنوا خزائنهم
ويتركوا لسفهائهم التصرف و الإبادة
ويشرعوا هم في إرضاء الغرب
وخيانة أنفسهم و شعوبهم ...
شرع المثقفون والعقلاء في إشعال البيانات
والاستنكارات
وأراد الباحثون من خلال البحوث العلمية
والنقاشات وضع الحلول الإستراتيجية
في وقف الديكتاتوريات , والزحف الاستبدادي
وباتت مجالس الأمة و القمم العربية
تقوض أجندتها لتقذف بها في بر الأمان
واستقرت الدول الخارجية مطمئنة
في هذا المشهد المخيب تجاه تلكم الشعوب الضامرة
وهم مع كل يوم يزيد اختناقهم
ويزداد هزلهم , وتضعف أركانهم (زعماً منا) !
لقد رضي الشعب بأنصاف الحلول بل وأصفارها
ورضوا وذلوا
ونسوا تاريخهم العريق وماضيهم المجيد
لقد جهلوا فطرة الله في البشر , وسننه في الخلق
لقد مجدوا البشر حين ساواهم الله
وقدسوا الوضعيات حين أبدلها الله بخير منها..
لقد كانت شعوب المسلمين
تملك السيادة في دستورها وهي لا تعلم
رضت بالذل والدون
وتنازعت فيما بينها
ليعلوا على نزاعها من شاء فيما يشاء .
لكن شاء الله ثم شاء ذلكم الشعب
أن يجعل حداً لتلكم المهازل
وأن يخيب ظنوننا فيه
فقد باتت الاجتماعات والاستنكارات
تتقازم أمام صدور أولئكم الصامدين ..
من كان يظن أن أولئك هم من جعل الله
في أيديهم لف عجلة التاريخ تجاه منحىً لم يكن بالمأمول
ولا بالمنتظر
ثم ليقدموا الأرواح رخيصة في سبيل القضاء على العملاء .
ربما غاب عن ذهنهم قول الحق :
{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا
لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }
الروم41
وفات عقولهم :
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ... }
الحجرات10
لكن أيقنوا أن هناك فرصة للتأثير
وقدرة على التغيير بعدما تمعنوا :
{إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ
وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً
فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ }
الرعد11 .
واستقر في نفوسهم حديث ابن عمر قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر
ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله
عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم " .
أما الحكام فلقد اندرس في ذهنهم ضعف الشعب
والجماهير المملينة , لقد اهتموا بالنخب
وأضاعوا العوام , لقد نهجوا الخطأ
ومجوا الصواب ..
بل ساد في ذهنهم استيطانهم على العقول بالكلام
والهرطقات المزيفة , والصور اللامعة
وأن التغيير والسيادة باتت بأيديهم
ونسوا و تناسوا سنن الله
لقد أجادوا في استخدام الحلول
والإمكانات في سبيل القمع والترويع
ولم يعلموا أن إرادة الحق
–جل وعلا-
قبل إرادتهم
وإرادة الشعوب أوثق وأسمى ..
عَنْ أَبِي مُوسَى
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ "
. ثُمَّ قَرَأَ
وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى
وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ
سورة هود آية 102 .
لم يعلم الظلمة والسفاكون والمنافقون منهم
ما أدى بهم إلى هذه المرحلة
إلا بعدهم عن الدين
الذي كانوا أبعد الناس منه , وأشد عداوة لأهله
وقد أرضوا ضمائر الغرب دون ضمائر أبناء لحمتهم
وقدموا كمالياتهم على حاجات أوطانهم
ولكن من أصدق من الله قيلاً:
" َكدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ
كَفَرُواْ بِآيَاتِ اللّهِ فَأَخَذَهُمُ اللّهُ بِذُنُوبِهِمْ
إِنَّ اللّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ{52}
ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ
حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ{53}
كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ
وَالَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذَّبُواْ بآيَاتِ رَبِّهِمْ
فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَونَ
وَكُلٌّ كَانُواْ ظَالِمِينَ{54}
إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِندَ اللّهِ
الَّذِينَ كَفَرُواْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ{55}
"الأنفال .
أيها الحكام !
لعل فيمن بقي أن يعزم التغيير فيما بقي
وليعلم أن هناك أفئدة لا تتكلم إلا بالأفعال
وتقديم الأجساد رخيصة في سبيل حريتها
وأما إن استمرت الممارسات الديكتاتورية
فيبدو أن اجتماعات القمة العربية
ستكون للتعارف وفقط للأعوام القادمة .