إذا كان «السيناريو التونسى» غير قابل للتكرار فى مصر.. فالسؤال: ما «السيناريو المصرى» المحتمل الذى يمكن أن يحدث على أرض المحروسة لتغيير هذا الواقع المخزى والمزرى والفاضح والكئيب والممل؟
وقبل الإجابة.. علينا أن نتفق على التالى:
أولاً: أن الشعب التونسى (الذى عايشته فى فرنسا ٥٠٠ ألف مغترب تونسى.. وعرفته خلال زيارات عمل كثيرة من حلق الواد وسيدى بوسعيد والمرسى شمالاً وحتى جربة وسوسة وصفاقس).. هو شعب أغلبيته الكاسحة متعلمة.. متنورة، ومنفتحة جداً على الثقافة الأوروبية.. ولهذا نجحوا وحدهم فى القيام بالثورة بعيداً عن الأحزاب الهشة، وبدون قيادات تنظيمية.. وحتى «التخريب» كان محدودا وبيد المستفيدين من نظام (زين «الهاربين» بن على).. أما نحن ف قد نجح حكامنا بامتياز خلال ٦٠ عاما فى غرس بذور الجهل، وترسيخ أسس التخلف التى أنتجت لنا العشوائية والغوغائية، وأنبتت التطرف والإرهاب بعد أن سمحت باستيراد الأفكار الأصولية من الثقافة الوهابية.. وبالتالى لا يمكن للشعب المصرى الحالى أن يفعل ما فعله الشعب التونسى.
ثانيا: أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للتوانسة أفضل خمسين مرة من أوضاعنا الحياتية اليومية.. وبعيدا عن الأرقام فقد رأينا جميعا صور الشوارع النظيفة والأرصفة الواسعة والتنسيق الحضارى الرائع.. وحتى الملابس العصرية والهتافات والشعارات والمظاهرات لا تختلف كثيرا عن مثيلاتها بالدول المتقدمة بعيدا عن الهرجلة والتكسير والعنف.. مع ملاحظة قدرتهم الادخارية التى سمحت لهم بالاستمرار فى الإضرابات لأكثر من شهر.
ثالثا: أن هامش الحرية عندهم كان منعدما، وبما أنهم شعب متعلم يعرف قيمة الحرية، وبعد أن نفد صبرهم أقدموا على الثورة ليثبتوا أنه ليس بالخبز وحده تحيا الشعوب الحرة.. أما عندنا فهامش الحرية (حرية الكلام) على آخره.. يستطيع أى أحد أن يقول ما يشاء باستثناء الأشهر الخمسة الفائتة التى اختفت فيها الضغوط الأمريكية والأوروبية على النظام.. فعاد البطش والقمع والمنع التى ظهرت فى إقصاء عمرو أديب، ود.علاء الأسوانى.. وبمضايقة مالك قناة دريم وبعض ملاك باقى القنوات المؤثرة والصحف الخاصة.. ولكن يظل هامش الحرية واسعاً للتنفيس منعا لانفجار الإناء.
رابعاً: أن الفساد عندهم كان حكرا على خمس عائلات تتزعمها أسرة الطرابلسى وأقارب بن على.. الذين احتكروا وحدهم كل الثروة والسلطة والنفوذ.. أما فى مصر فلدينا «مافيات فى القمة».. «وعصابات فى الوسط».. «وتربيطات مع تبادل منافع فى القاعدة».. «المافيا» التى فى القمة نجحت فى التستر والإخفاء والاختفاء وبتقنين ثرواتها وتستيف أوراقها وعدم استفزاز الناس باستثناء حالتين أو ثلاث أو خمس الكل يعرفها بالاسم!!
أما «عصابات الوسط» وهى بالآلاف.. فقد «غزلت»، «وضفَّرت»، «وشبّكت» مصالحها بمصالح أصحاب السلطة.
أما «تربيطات القاعدة».. فقد سمحت لهم بمواجهة غلاء المعيشة، والستر، والتستر، ومعظمهم من الموظفين الكادحين.. وبالتالى فقاعدة الفساد عندنا شملت طول البلاد وعرضها.
وبناء عليه نرى أن الوضع مختلف تماما.. وحتى مجموعة رجال الأعمال التوانسة كانت متضررة من الاحتكار الكلى لعائلة الطرابلسى وتابعيهم.. وبالتالى شاركت فى هذه الثورة.. أما رجال الأعمال عندنا فجميعهم «إلا قليلا» مستفيدون ماديا من بقاء الحال على ما هو عليه.. بل مرعوبون من التغيير خوفا من المجهول ولهذا لن يشاركوا حتى فى أى وقفات احتجاجية.. ونخلص إلى أن الفقراء والمعدمين فى مصر مرعوبون من أمن الدولة والإجراءات البوليسية.. والأغنياء أيضا خائفون على مستقبل ثرواتهم.. فمن هو صاحب المصلحة والقادر على دفع ثمن التغيير؟؟
ويبقى السؤال: ما هو «السيناريو المصرى» الذى يمكن أن يحدث على أرض المحروسة؟؟
والإجابة قول واحد هو: المجاعة.. نعم.. أستطيع أن أجزم بأن الشارع المصرى لن يتحرك من أجل الحرية والديمقراطية.. ولا من أجل الكرامة.. ولكنه سيتحرك بالقطع عند حدوث المجاعة.. وعلى مسؤوليتى أستطيع أن أؤكد أن المجاعة قادمة لا محالة خلال ٢٠١١ - ٢٠١٢ كما سبق أن نبهت منذ سنوات.. وها هى منظمة الأغذية والزراعة، والبنك الدولى، وكل المؤسسات المتخصصة تحذر من عودة «اشتعال أسعار الغذاء فى العالم.. لعشرات الأسباب الخارجية والداخلية التى كتبناها، وكتبها غيرنا.. (فمن يصدق أن لجنة الخطة الموازنة التى يرأسها المهندس أحمد عز وضعت ألفاً ومائتى مليون لمبنى التليفزيون.. و٣٠٠ مليون فقط لوزارة الزراعة، وعشرين مليوناً للبحوث الزراعية؟)!!
والسؤال الأخير: ماذا يمكن أن يحدث عندما يخرج الناس إلى الشوارع؟
سوف يخرج ملايين الجوعى (٢٠: ٣٠ مليوناً تحت خط الفقر) يعانون الجهل والفقر وغياب العدالة الاجتماعية.. هؤلاء إذا خرجوا (وهم يحاصرون كل الطبقة المتوسطة جغرافيا).. سوف تحدث كوارث.. يعود الناس إلى بيوتهم بعد أن ندفع جميعا ثمنا غاليا، لهذه الفوضى، التى يمكن تفاديها لو أن هناك من يسمع مقترحات المتخصصين والعقلاء.
والحل العاجل: فى يد جمال مبارك كأمين للسياسات المسؤولة عن إنقاذ الزراعة، ولتبدأ بضخ خمسة مليارات جنيه فورا كاستثمارات زراعية، مع إجبار بنك الائتمان الزراعى على إقراض الفلاحين حتى مائة ألف جنيه دون فوائد أو إجراءات روتينية متعسفة وقبل نهاية هذا العام ستظهر النتائج بوفرة الإنتاج الزراعى والحيوانى والسمكى والداجنى لنتفادى المجاعة.
والحل الأمثل الشامل: فى يد الرئيس مبارك ويتلخص فى:
١ - تعديل المادة ٧٧ لتصبح مدة الرئاسة فترتين فقط لا غير ليتم تداول السلطة.
٢ - ألا يرشح نفسه هذا العام.. حتى نتفرغ لباقى التحديات، ولوضع إستراتيجية للنهضة الشاملة التى نملك لها كل الإمكانيات والمقومات والموارد والميزات والمميزات التى لا يختلف عليها اثنان.
وبغير ذلك سيصبح الوطن فى مهب الريح
وقبل الإجابة.. علينا أن نتفق على التالى:
أولاً: أن الشعب التونسى (الذى عايشته فى فرنسا ٥٠٠ ألف مغترب تونسى.. وعرفته خلال زيارات عمل كثيرة من حلق الواد وسيدى بوسعيد والمرسى شمالاً وحتى جربة وسوسة وصفاقس).. هو شعب أغلبيته الكاسحة متعلمة.. متنورة، ومنفتحة جداً على الثقافة الأوروبية.. ولهذا نجحوا وحدهم فى القيام بالثورة بعيداً عن الأحزاب الهشة، وبدون قيادات تنظيمية.. وحتى «التخريب» كان محدودا وبيد المستفيدين من نظام (زين «الهاربين» بن على).. أما نحن ف قد نجح حكامنا بامتياز خلال ٦٠ عاما فى غرس بذور الجهل، وترسيخ أسس التخلف التى أنتجت لنا العشوائية والغوغائية، وأنبتت التطرف والإرهاب بعد أن سمحت باستيراد الأفكار الأصولية من الثقافة الوهابية.. وبالتالى لا يمكن للشعب المصرى الحالى أن يفعل ما فعله الشعب التونسى.
ثانيا: أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للتوانسة أفضل خمسين مرة من أوضاعنا الحياتية اليومية.. وبعيدا عن الأرقام فقد رأينا جميعا صور الشوارع النظيفة والأرصفة الواسعة والتنسيق الحضارى الرائع.. وحتى الملابس العصرية والهتافات والشعارات والمظاهرات لا تختلف كثيرا عن مثيلاتها بالدول المتقدمة بعيدا عن الهرجلة والتكسير والعنف.. مع ملاحظة قدرتهم الادخارية التى سمحت لهم بالاستمرار فى الإضرابات لأكثر من شهر.
ثالثا: أن هامش الحرية عندهم كان منعدما، وبما أنهم شعب متعلم يعرف قيمة الحرية، وبعد أن نفد صبرهم أقدموا على الثورة ليثبتوا أنه ليس بالخبز وحده تحيا الشعوب الحرة.. أما عندنا فهامش الحرية (حرية الكلام) على آخره.. يستطيع أى أحد أن يقول ما يشاء باستثناء الأشهر الخمسة الفائتة التى اختفت فيها الضغوط الأمريكية والأوروبية على النظام.. فعاد البطش والقمع والمنع التى ظهرت فى إقصاء عمرو أديب، ود.علاء الأسوانى.. وبمضايقة مالك قناة دريم وبعض ملاك باقى القنوات المؤثرة والصحف الخاصة.. ولكن يظل هامش الحرية واسعاً للتنفيس منعا لانفجار الإناء.
رابعاً: أن الفساد عندهم كان حكرا على خمس عائلات تتزعمها أسرة الطرابلسى وأقارب بن على.. الذين احتكروا وحدهم كل الثروة والسلطة والنفوذ.. أما فى مصر فلدينا «مافيات فى القمة».. «وعصابات فى الوسط».. «وتربيطات مع تبادل منافع فى القاعدة».. «المافيا» التى فى القمة نجحت فى التستر والإخفاء والاختفاء وبتقنين ثرواتها وتستيف أوراقها وعدم استفزاز الناس باستثناء حالتين أو ثلاث أو خمس الكل يعرفها بالاسم!!
أما «عصابات الوسط» وهى بالآلاف.. فقد «غزلت»، «وضفَّرت»، «وشبّكت» مصالحها بمصالح أصحاب السلطة.
أما «تربيطات القاعدة».. فقد سمحت لهم بمواجهة غلاء المعيشة، والستر، والتستر، ومعظمهم من الموظفين الكادحين.. وبالتالى فقاعدة الفساد عندنا شملت طول البلاد وعرضها.
وبناء عليه نرى أن الوضع مختلف تماما.. وحتى مجموعة رجال الأعمال التوانسة كانت متضررة من الاحتكار الكلى لعائلة الطرابلسى وتابعيهم.. وبالتالى شاركت فى هذه الثورة.. أما رجال الأعمال عندنا فجميعهم «إلا قليلا» مستفيدون ماديا من بقاء الحال على ما هو عليه.. بل مرعوبون من التغيير خوفا من المجهول ولهذا لن يشاركوا حتى فى أى وقفات احتجاجية.. ونخلص إلى أن الفقراء والمعدمين فى مصر مرعوبون من أمن الدولة والإجراءات البوليسية.. والأغنياء أيضا خائفون على مستقبل ثرواتهم.. فمن هو صاحب المصلحة والقادر على دفع ثمن التغيير؟؟
ويبقى السؤال: ما هو «السيناريو المصرى» الذى يمكن أن يحدث على أرض المحروسة؟؟
والإجابة قول واحد هو: المجاعة.. نعم.. أستطيع أن أجزم بأن الشارع المصرى لن يتحرك من أجل الحرية والديمقراطية.. ولا من أجل الكرامة.. ولكنه سيتحرك بالقطع عند حدوث المجاعة.. وعلى مسؤوليتى أستطيع أن أؤكد أن المجاعة قادمة لا محالة خلال ٢٠١١ - ٢٠١٢ كما سبق أن نبهت منذ سنوات.. وها هى منظمة الأغذية والزراعة، والبنك الدولى، وكل المؤسسات المتخصصة تحذر من عودة «اشتعال أسعار الغذاء فى العالم.. لعشرات الأسباب الخارجية والداخلية التى كتبناها، وكتبها غيرنا.. (فمن يصدق أن لجنة الخطة الموازنة التى يرأسها المهندس أحمد عز وضعت ألفاً ومائتى مليون لمبنى التليفزيون.. و٣٠٠ مليون فقط لوزارة الزراعة، وعشرين مليوناً للبحوث الزراعية؟)!!
والسؤال الأخير: ماذا يمكن أن يحدث عندما يخرج الناس إلى الشوارع؟
سوف يخرج ملايين الجوعى (٢٠: ٣٠ مليوناً تحت خط الفقر) يعانون الجهل والفقر وغياب العدالة الاجتماعية.. هؤلاء إذا خرجوا (وهم يحاصرون كل الطبقة المتوسطة جغرافيا).. سوف تحدث كوارث.. يعود الناس إلى بيوتهم بعد أن ندفع جميعا ثمنا غاليا، لهذه الفوضى، التى يمكن تفاديها لو أن هناك من يسمع مقترحات المتخصصين والعقلاء.
والحل العاجل: فى يد جمال مبارك كأمين للسياسات المسؤولة عن إنقاذ الزراعة، ولتبدأ بضخ خمسة مليارات جنيه فورا كاستثمارات زراعية، مع إجبار بنك الائتمان الزراعى على إقراض الفلاحين حتى مائة ألف جنيه دون فوائد أو إجراءات روتينية متعسفة وقبل نهاية هذا العام ستظهر النتائج بوفرة الإنتاج الزراعى والحيوانى والسمكى والداجنى لنتفادى المجاعة.
والحل الأمثل الشامل: فى يد الرئيس مبارك ويتلخص فى:
١ - تعديل المادة ٧٧ لتصبح مدة الرئاسة فترتين فقط لا غير ليتم تداول السلطة.
٢ - ألا يرشح نفسه هذا العام.. حتى نتفرغ لباقى التحديات، ولوضع إستراتيجية للنهضة الشاملة التى نملك لها كل الإمكانيات والمقومات والموارد والميزات والمميزات التى لا يختلف عليها اثنان.
وبغير ذلك سيصبح الوطن فى مهب الريح