قبل أن تنطلق الأوامر العليا لخطباء المساجد، بتخصيص خطبة الجمعة، أمس، لتحريم الانتحار.. كان المصريون قد عرفوا أن الانتحار لا يفيد.. ولا يصح.. ولا يؤدى إلى تغيير شىء.. وكانوا قد توقفوا من تلقاء أنفسهم عن إزهاق أرواحهم.. لأنهم يتركون الدنيا لمن ظلمهم يرمح فيها أكثر.. وبالتالى لم يكن أحد فى حاجة إلى خطبة عصماء، عن «حديدة المنتحر» التى يضرب بها نفسه يوم القيامة!
ربما كان واجباً دينياً أن يتحرك خطباء المساجد، لمواجهة ظاهرة الانتحار.. لكنه أيضاً لم يكن متروكاً لحرية كل خطيب، فالذى حدث أنه كان بقرار سياسى، أو قل بقرار وزارى.. وهنا مربط الفرس.. فقد استغلت الدولة وجود ملايين المصلين، لتوجه رسالة واحدة.. بلغة واحدة.. وبحديث واحد، هو حديث الحديدة.. ولا مانع بالطبع من ذلك.. لكنه يدعونا إلى الكلام عن الدور السياسى للدعاة!
ولا أدرى لماذا لم يتحرك الدعاة أبداً، لمحاربة الفساد أيضاً.. ولماذا لم يتحرك الدعاة لمحاربة عصابات المال العام، وزواج الثروة بالسلطة.. ولماذا لا يطالبون بتسريح الحزب الوطنى وتفكيك قواعده، على طريقة تفكيك الحزب الحاكم فى تونس.. ولماذا يخفون رؤوسهم فى الرمال كالنعامة، عما يحدث فى البلاد من بطالة وجوع وفقر وحرمان، مع أنها هى أسباب الانتحار؟!
أعرف بالطبع لماذا يتعامل الدعاة مع نصف الحقيقة، ويتركون النصف الآخر، الذى كان سبباً فى النتيجة.. لأن الدعاة لا يملكون لأنفسهم شيئاً.. ولأنهم يحصلون على الترخيص من أمن الدولة قبل أن يحصلوا عليه من وزارة الأوقاف.. وربما كان ذلك سبباً فى فقدان الثقة من ناحية، كما أنه كان سبباً فى تراجع تأثيرهم من ناحية أخرى.. لأنهم مشايخ سلطة، تابعون لأمن الدولة!
فهل كان على الدعاة أن يحللوا ظاهرة الانتحار ويتعرضوا لأسبابها.. هل كان عليهم أن يوجهوا رسالة إلى أولى الأمر، ماداموا قد تعرضوا للظاهرة وأسبابها.. هل كان يجب أن يقولوا «حرام.. كفاية».. حتى تتوقف ظاهرة الانتحار؟.. الدعاة يعرفون أنهم يغالطون.. ويعرفون أنهم يكذبون علينا.. ويعرفون أنهم مأمورون.. ويعرفون أن الدعوة قد تحولت إلى أكل عيش!
اطمئنوا.. سوف تتوقف ظاهرة الانتحار، ليس لأن دعاةالمنابر، قد هبوا فى وجهها.. أبداً.. ولكنها قد تتوقف لأن المصريين يجب ألا يزهقوا أرواحهم بهذه الطريقة.. نعم.. يجب ألا يزهقوا أرواحهم بينما هناك من يتسلى بأموالهم.. وهناك من يتمتع بالثروة والسلطة معاً.. وكان على خطباء المساجد أن يذكِّروا أولى الأمر بمسؤوليتهم لحفظ أرواح المسلمين.. حتى لا ينتحروا!
وكان عليهم أن يذكّروا الحكام بحديث عمر عن البغلة.. وقوله: «لو تعثرت بغلة بالعراق، لخشيت أن يسألنى الله عنها يوم القيامة».. مهم أن نذكّر الناس بحديث الحديدة، ولكن مهم أيضا أن نذكّرهم بقصة بغلة عمر.. كان لابد أن يشرحوا للمصلين علاقة الثروة بالثورة.. ومصادرة أملاك زين العابدين وأصهاره.. كان يجب أن يذكّروا الحكام أولاً بأن ما عندهم ينفد وما عند الله باق!
كان على دعاة المنابر أن يذكّروا الحكام بمأساة الوطن.. لا أن يدعوا لهم على المنابر.. كان عليهم أن يرددوا ما قاله الشاعر الكبير فاروق جويدة: قبل فوات الأوان.. يا كل جلاد تنطع فوق ظهر الشـعب.. لن تنجو.. وإن أخفيت رأسك كالنعامة.. هذى الجماجم سوف تصبح فى سواد الليل نيرانـا تقوم بها القيامة.. ونرى لصوص العصر كالفئـران.... تصرخ.. فى صناديق القمامة!!
من المقالات التي اعجبتني
ربما كان واجباً دينياً أن يتحرك خطباء المساجد، لمواجهة ظاهرة الانتحار.. لكنه أيضاً لم يكن متروكاً لحرية كل خطيب، فالذى حدث أنه كان بقرار سياسى، أو قل بقرار وزارى.. وهنا مربط الفرس.. فقد استغلت الدولة وجود ملايين المصلين، لتوجه رسالة واحدة.. بلغة واحدة.. وبحديث واحد، هو حديث الحديدة.. ولا مانع بالطبع من ذلك.. لكنه يدعونا إلى الكلام عن الدور السياسى للدعاة!
ولا أدرى لماذا لم يتحرك الدعاة أبداً، لمحاربة الفساد أيضاً.. ولماذا لم يتحرك الدعاة لمحاربة عصابات المال العام، وزواج الثروة بالسلطة.. ولماذا لا يطالبون بتسريح الحزب الوطنى وتفكيك قواعده، على طريقة تفكيك الحزب الحاكم فى تونس.. ولماذا يخفون رؤوسهم فى الرمال كالنعامة، عما يحدث فى البلاد من بطالة وجوع وفقر وحرمان، مع أنها هى أسباب الانتحار؟!
أعرف بالطبع لماذا يتعامل الدعاة مع نصف الحقيقة، ويتركون النصف الآخر، الذى كان سبباً فى النتيجة.. لأن الدعاة لا يملكون لأنفسهم شيئاً.. ولأنهم يحصلون على الترخيص من أمن الدولة قبل أن يحصلوا عليه من وزارة الأوقاف.. وربما كان ذلك سبباً فى فقدان الثقة من ناحية، كما أنه كان سبباً فى تراجع تأثيرهم من ناحية أخرى.. لأنهم مشايخ سلطة، تابعون لأمن الدولة!
فهل كان على الدعاة أن يحللوا ظاهرة الانتحار ويتعرضوا لأسبابها.. هل كان عليهم أن يوجهوا رسالة إلى أولى الأمر، ماداموا قد تعرضوا للظاهرة وأسبابها.. هل كان يجب أن يقولوا «حرام.. كفاية».. حتى تتوقف ظاهرة الانتحار؟.. الدعاة يعرفون أنهم يغالطون.. ويعرفون أنهم يكذبون علينا.. ويعرفون أنهم مأمورون.. ويعرفون أن الدعوة قد تحولت إلى أكل عيش!
اطمئنوا.. سوف تتوقف ظاهرة الانتحار، ليس لأن دعاةالمنابر، قد هبوا فى وجهها.. أبداً.. ولكنها قد تتوقف لأن المصريين يجب ألا يزهقوا أرواحهم بهذه الطريقة.. نعم.. يجب ألا يزهقوا أرواحهم بينما هناك من يتسلى بأموالهم.. وهناك من يتمتع بالثروة والسلطة معاً.. وكان على خطباء المساجد أن يذكِّروا أولى الأمر بمسؤوليتهم لحفظ أرواح المسلمين.. حتى لا ينتحروا!
وكان عليهم أن يذكّروا الحكام بحديث عمر عن البغلة.. وقوله: «لو تعثرت بغلة بالعراق، لخشيت أن يسألنى الله عنها يوم القيامة».. مهم أن نذكّر الناس بحديث الحديدة، ولكن مهم أيضا أن نذكّرهم بقصة بغلة عمر.. كان لابد أن يشرحوا للمصلين علاقة الثروة بالثورة.. ومصادرة أملاك زين العابدين وأصهاره.. كان يجب أن يذكّروا الحكام أولاً بأن ما عندهم ينفد وما عند الله باق!
كان على دعاة المنابر أن يذكّروا الحكام بمأساة الوطن.. لا أن يدعوا لهم على المنابر.. كان عليهم أن يرددوا ما قاله الشاعر الكبير فاروق جويدة: قبل فوات الأوان.. يا كل جلاد تنطع فوق ظهر الشـعب.. لن تنجو.. وإن أخفيت رأسك كالنعامة.. هذى الجماجم سوف تصبح فى سواد الليل نيرانـا تقوم بها القيامة.. ونرى لصوص العصر كالفئـران.... تصرخ.. فى صناديق القمامة!!
من المقالات التي اعجبتني