المصري، جراح القلب العالمي والرمز: علما وعطاء، وطنية وانتماء، وعنه –
وبقدر ما لدينا من معلومات وهي ضئيلة جدًا – نتلمس بعضا من السيرة العطرة
لهذا المثال، والنموذج المتفرد في علمه وعطائه، وطنيته وإنسانيته.
ولنبدأ بما يقال: إنه وجد في بداية حياته
العلمية بعض الصعوبات غير الموضوعية، التي حالت دون انضمامه في السلك
الأكاديمي في مصر، مما دفعه إلي السفر إلي انجلترا لاستكمال دراسته
العلمية، وكان علي مستوي الحدث، حيث أثبت نبوغه وتفوقه في مجال تخصصه: علما
وممارسة حتي ذاع صيته في كل بلدان العالم، وأصبح العالم العالمي في جراحة
القلب ولنبوغه وتفوقه، وإخلاصه في عمله، وإنسانيته، نال التكريم اللائق به
حيث حصل علي أسمي الألقاب وأرفعها في المملكة المتحدة، وهو لقب «سير».
ولكن، وبالرغم من وجوده في بريطانيا
العظمي، بكل ما تعنيه من حياة الرفاه، ويسرها، وتوافر كل الإمكانيات
والتسهيلات وذيوع الشهرة، وغيرها من عشرات المغريات للبقاء هناك إلا أن
المصري مجدي يعقوب آثر العودة إلي وطنه مصر، لا ليرفع الشعارات الخادعة
المزيفة، وادعاء البطولات الوهمية، أو الدخول في دهاليز ومتاهات الحياة
السياسية. كما أنه آثر العودة لا ليعيش حياة الرفاه في الأحياء الراقية في
العاصمة، أو في الإسكندرية، أو في مارينا والساحل الشمالي، كما يفعل علية
القوم في مصر المعاصرة، وإنما آثر الحياة هناك، وبعيدًا جدًا عن كل ما يضفي
علي الإنسان العظمة والأبهة، إلي أسوان في أقصي الجنوب، ليقيم هناك
زاهدًا، وراهبًا في مؤسسة مجدي يعقوب لعلاج أمراض القلب، من أجل علاج
الفقراء غير القادرين ماديًا وصحيا للسفر للعاصمة حيث المستشفيات والعيادات
الخاصة، ذات المبالغ الفلكية، ولا يقدر علي دخولها إلا خاصة الخاصة. وليس
هذا فقط بل هناك في أسوان تم إنشاء المركز العالمي لعلاج أمراض القلب،
وليكون هذا العالم الجليل المشرف الرئيسي علي هذا المركز، الذي – كما يقول
هذا العالم المصري الإنسان – هو ملك لشعب مصر، وللفقراء علي وجه الخصوص،
وفيه يتم العلاج بالمجان، أما الأطفال فهم في قلب جراح القلب مجدي يعقوب،
وعلي قائمة المركز لا يقل عن 2000 طفل، من مرضي القلب، في انتظار إجراء
العمليات الجراحية لهم. بل لم ينس هذا العالم المصري عروبته، ودائرة
انتمائه القاري «أفريقيا»، حيث قال – كما نشر – بأنه سيستقبل مرضي القلب من
فلسطين والعراق، وأفريقيا لعلاجهم وإجراء العمليات الجراحية لهم.
ويمتد العطاء العلمي لمجدي يعقوب، حيث
يقوم – وكما نشر – بتزويد الصرح التاريخي مستشفي «قصر العيني» بالمعدات
والمعامل الطبية. كما أنه ومن منطلق الثقة في هذا العالم المصري العربي
العالمي الإنسان، يوجد عشرات الأطباء العالميين الذين أبدوا استعدادهم
للعمل بجواره في أسوان، وإجراء العمليات الجراحية بالمجان.
عشرات الأعمال لهذا العالم العالمي الذي
جعلت وتجعل منه، النموذج والمثل، وينبغي أن يكون القدوة لكل علماء مصر في
الخارج، وللأثرياء المصريين في الداخل والخارج، وكيف يكون العطاء، وإنكار
الذات، والبعد عن «الشو الإعلامي»، وكيف آثر هذا العالم العالمي العودة إلي
مصر، والعيش علي ترابها، بل وهناك في أقصي الجنوب، ومع الفقراء، ولم يتخذ
مما لاقاه في مستهل حياته من صعوبات وما تعانيه مصر من بيروقراطية، ومن
فساد، ومن محاربة كل المبدعين، والبحث عن المناصب – نقول لمن لم يتخذ من
هذا وغيره مبررًا لعدم عودته، كما يفعل غيره من علماء مصر وأغنيائها في
الخارج. إنه آثر أن يعود إلي مصر، ويوظف تخصصه وعلمه في خدمة بلده. ولو فعل
مثله هؤلاء الذين علي مستوي علمه إن لم يزد، وقاموا بتوظيف تخصصاتهم في
خدمة بلدهم، بدلاً من العيش في بطولات زائفة، أو العمل في بلاد العم سام،
والبترو دولار نقول لو فعلوا مثله لكان لمصر – علي المستوي العلمي
والاقتصادي- شأن آخر. ولهؤلاء وغيرهم نقول: خذوا الدرس من المواطن المصري
العالم العالمي مجدي يعقوب.