قيل: إن أمير المؤمنين هارون الرشيد مرّ يوماً مستخفياً – ومعه بعض حجّابه بفتيات يستقين ، فسمع إحداهنّ تنشد :
قـولـي لـطيفكِ كـي أسـتريحَ وتنطفي دنِـفٌ تـقـلّـبه الأكفْـ أمّـا أنـا فـكـما علمـ | ينثنيعن مضجعي وقتَ نـارٌ تـأجّجُ في العظام فُ عـلى بساطٍ من سقام تِ، فهل لوصلكِ من دوام | المنام
فأعجب أميرَ المؤمنين ملاحتها وفصاحتها، فقال لها: بنت الكرام، هذا قولك أم منقولك؟ فقالت: بل قولي، فقال: إن كان صحيحًا فأمسكي المعنى وغيّري القافية، فأنشدت تقول:
قـولـي لـطيفكِ كـي أسـتريحَ وتنطفي دنِـفٌ تـقـلّـبه الأكفْـ أمّـا أنـا فـكـما علمـ | ينثنيعن مضجعي وقتَ الوَسَن نـارٌ تـأجّـجُ في البَدَن فُ على بساطٍ من شَجَن تِ، فهل لوصلكِ من ثَمَن |
فقال لها: لعل هذا مسروق أيضاً ! قالت: لا ؛ إنه لي أيها الرجل . ، فقال: إن كان حقًّا فأمسكي المعنى وغيّري القافية، قالت:
قـولـي لـطيفكِ كـي أسـتريحَ وتنطفي دنِـفٌ تـقـلّـبه الأكفْـ أمّـا أنـا فـكـما علمـ | ينثنيعن مضجعي وقتَ نـارٌ تـأجّـجُ في الفؤاد فُ عـلى بساطٍ من حداد تِ، فهل لوصلكِ من سَداد | الرقاد
فقال لها: وهذا مسروق كذلك . قالت: لا، بل هو لي فقال: إن كان ما تقولين حقاً فأمسكي المعنى وغيّري القافية، قالت:
قـولـي لـطـيفكِ كـي أسـتـريحَ وتنطفي دنِـفٌ تـقـلّـبه الأكفـ أمّـا أنـا فـكـما علمـ | ينثنيعن مضجعي وقتَ الهجوع نـارٌ تـأجّجُ في الضلوع فُ على بساطٍ من دموع تِ فهل لوصلكِ من رجوع |
فقال لها: من أي هذا الحي أنتِ؟
قالت: من أوسطه بيتا، وأعلاه عمودا، فعلم أنها بنت كبير القوم.
ثم قالت: وأنتَ من أي البيوتات؟ فقال: من أعلاها شجرة، وأينعها ثمرة.
فابتسمت، وقالت متلطفة : أيّد الله أمير المؤمنين . ثم انصرفت .
فأرسل يخطبها ، وكانت من زوجاته الأثيرات لديه