العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
وهذه القاعدة دل عليها الكتاب والسنة واللغة.
ومن أمثلة دلالة الكتاب العزيز عليها: قوله تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} فإن سببها طواف المشركين بالبيت عراة،
ولكن حكمها عام في وجوب ستر العورة عند كل صلاة في أي مكان، فإن "كل" من صيغ العموم.
ومن أمثلة ذلك في القرآن أيضًا قوله تعالى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} فإن سبب نزولها مجادلة الكفار في القرآن، ولكن النبي صلى الله
عليه وسلم أخذ بعمومها واستشهد بها لما أمر عليًّا وفاطمة بالصلاة في الليل، فقال علي أنفسنا بيد الله إن شاء بعثها، فولى النبي صلى الله
عليه وسلم وهو يضرب فخذه بيده ويقول: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} .
ومن أمثلة ذلك في السنة: ما ثبت في الصحيحين ( أن رجلا من الأنصار أصاب من امرأة قُبلة ونحوه من الضم واللمس دون الجماع فندم، فجاء
إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: أصبتُ حدًّا فأقِمْه عليَّ؛ فأنزل الله: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} الآية، فقال النبي -صلى الله عليه
وسلم { أصليتَ معنا ؟ } قال: نعم، قال: { اذهب فقد غُفر لك }، فقال الرجل ألي خاصة أم للناس عامة؟ قال: { بل للناس عامة }، ففي
الحديث الحكم عام للأمة؛ وإن كان سبب نزولها خاصا بالأنصاري.
ومن أمثلة ذلك في اللغة: لو كان للرجل أربع زوجات، فأغضبته إحداهن والأخريات مُرضيات له، فقال بسبب التي أغضبته أنتن كلكن طوالق،
فإنه يقع الطلاق عليهن، وإن كان سببه واحدة منهن.