منذُ أنْ كنتُ صغيراً
قالتِ الجدَّةُ لي:
كنْ صبُورا..
يا بُنيَّ : الصَّبرُ مفتاحُ الفرَجْ
عشْتُ سبعيناً، ولكنْ لم أرَ
بعدَ ضيقِ الحالِ إلاَّ مُفْتَرَجْ
كُنْ حَليماً..
إنَّما الحلْمُ لعَليَاكَ دَرَجْ
لا تُسِئْ بالنَّاسِ ظنَّاً
ليس في حُسنِ النوايا مِنْ حَرَجْ
وقطارُ العُمْرِ يجري مُسرِعاً
رغْمَ ألفَيْ مُنعَرَجْ
وابنةُ الدَّنيا: خُطوبٌ، كُنْ لها
مثلَ برقٍ في دلَجْ
(2)
علَّمَتْنِي غدرَها
وابْتَلتْنِي بالمحَنْ
أَسْكنَتْنِي عُنوةً
بينَ دقاتِ الزَّمَنْ
عشْتُ سَبعيناً، ولكنْ لم أرَ
في ثناياها وَهَنْ
أيُّ صبٍّ يشتريهَا
تبتغِي منْهُ ثمََنْ
كنْ محبَّاً..
إنَّ قلباً واحداً
قد يساويْ حبُّهُ ألفَ وَطَنْ
(3)
ليسَ فَقْراً..
أن تَلُوكَ الجَمْرَ خُبزاً في براكينِ المَجَاعَهْ
هكذا الفَقرُ.. شَجاعَهْ!
كُنْ قَنُوعاً..
يا بُنيَّ: العَبْدُ حُرٌّ بالقناعَهْ
فَرَهِينُ البِئرِ ظُلماً
صارَ حمْلاً كبضَاعَهْ
وحَبيسُ السِّجْنِ دَهْراً
كَبَّلَ الفقرُ ذراعَهْ
بعدَ حينٍ قد غَدَا
يَرتجي القومُ صُواعَهْ
ليس فقراً..
أن تخوضَ البحرَ عمْقاً ببراعَهْ
ليس نَصراً ..
أنْ تدوسَ الناسَ ظُلماً ببشَاعَهْ
قمةُ الفقرِ بأنْ
يَعتلي الأوطانَ مَنْ
يكرهُ الناسُ طِباعَهْ