جميعنا
يعلم أن الله تعالى فضّل بعض الأيام والليالي والشهور على بعض ، حسبما
اقتضته حكمته البالغة, ليجتهدّ العباد في وجوه البر ، ويكثروا فيها من
الأعمال الصالحة.
كثيرًا ما سمعنا عن فضل
شهر رجب و خاصة مع بداية
قدومه من كل عام فتتردد علي مسامعنا أحاديث كثيرة و تنتشر بين الناس يروونها في فضل هذا الشهر و
توضح الثواب العظيم الذي يعده الله لمن يصوم في هذا
الشهر أو يصلي صلاة مخصوصة وتسمي "صلاة الرغائب" ..
ومن هذه الأحاديث " رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي " و "
اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان " والكثير
غيرها .
فما
رأيكم في هذه الأحاديث ؟
وهل
هي أحاديث صحيحة يعتد بها ؟
أم هي أحاديث مكذوبة منسوبه للنبي صلى الله عليه وسلم ؟
قال
ابن حجر: " لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معين
ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث
صحيح يصلح للحجة أو يعتد به في حكم .
و في سؤال يحمل نفس
هذا المعني وجه للعلامة الشيخ الدكتور/ يوسف القرضاوي
كان
هذا هو مختصر رده
لم يصح في شهر رجب
شيء، إلا أنه من الأشهر الحرم، التي ذكرها الله في كتابه (منها أربعة حرم )
(التوبة: 36) وهي : رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم.. وهي أشهر مفضلة.
ولم يرد حديث صحيح يخص رجب بالفضل ،
إلا حديث حسن : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم أكثر ما يصوم في
شعبان ، فلما سئل عن ذلك قال : إنه شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان
.
فهذا الحديث يفهم منه أن رجب له فضل , أما حديث " رجب
شهر الله، وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي " فهو حديث منكر وضعيف
جدًا بل قال كثير من العلماء إنه موضوع ...
يعني أنه مكذوب، فليس له قيمة من الناحية
العلمية ولا من الناحية الدينية.
وكذلك الأحاديث الأخرى التي رويت
في فضيلة شهر رجب بأن من صلى كذا فله كذا ومن استغفر مرة فله من الأجر كذا
.. هذه كلها مبالغات، وكلها مكذوبة.
ومن علامات كذب هذه الأحاديث ما تشتمل
عليه من المبالغات والتهويل .. وقد قال العلماء: إن الوعد بالثواب العظيم
على أمر تافه، أو الوعيد بالعذاب الشديد على ذنب صغير، يدل على أن الحديث
مكذوب.
والأحاديث
التي وردت في فضل رجب من هذا النوع ..
قال
ابن رجب: "وقد روي أنه كان في شهر رجب حوادث عظيمة ، ولم يصح شيء من ذلك ،
فروي أن النبي ولد في أول ليلة منه ، وأنه بعث في السابع والعشرين منه ،
وقيل في الخامس والعشرين ، ولا يصح شيء من ذلك ..
وكذلك
القول أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أسري به ليلاً من المسجد الحرام
إلى المسجد الأقصى ، ثم العروج به إلي السماوات السبع فما فوقها كان في
ليلة السابع والعشرين من رجب ، فهذا أيضاً حديث مكذوب ولا يصح كون ليلة
الإسراء في تلك الليلة ، قال ابن حجر عن ابن دحيه : "وذكر بعض القصاص أن
الإسراء كان في رجب ، قال: وذلك كذب .
وقال
ابن تيمية: "لم يقم دليل معلوم لا على شهرها ، ولا على عشرها ، ولا على
عينها ، بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة ، ليس فيها ما يقطع به"
ولنعلم
جميعاً أن " من حدث بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " رواه مسلم في
مقدمة الصحيح.
والله أعلم