تعريف التفكير :
تباينت وتعددت آراء علماء التربية وعلم النفس في تحديد مفهوم التفكير ، وفي كيفية حدوثه، فقد عرفه ( إدوارد دي بونو) والذي يعد أشهر وأهم من كتب عن التفكير بأنه ( القدرة على إتخاذ القرار وحل المشكلات والحكم على شيء معين) .
وعرفه (هيمان ) بأنه ( القدرة على إصدار الأحكام بينما يرى (كوستا) بأنـه : (معالجة عقلية للمدخلات الحسية ، تؤدي إلى التعرف على الأمور والحكم عليها) (ناديا ، 2000م ، ص:272-273). ويعد تعريف (بيرل) أشهر تعريفات التفكير فيعرفه بأنه (سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عندما يتعرض لمثير معين عن طريق الحواس) (جروان ، 1999، ص: 33).
ويعرف التفكير في معناه الواسع بأنه البحث عن المعرفة ويوجد فرق جوهري بين التفكير ومهارات التفكير تتمثل في أن التفكير عملية معالجة عقلية للمدخلات الحسية، بينما مهارات التفكير هي عمليات محددة تمارس عن قصد لمعالجة المعلومات الخاصة بموضوع معين .
أهمية تعليم التفكير :
أصبح التفكير موضوع الساعة وشهد اهتماماً متعاظماً، لأسباب متعددة أهمها:
1- اهتمام الإسلام به وجعله أساس العلم والإيمان ، قال تعالى ( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ، الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار) (آل عمران الآيتان190-191) .
قال تعالى : ( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللاً يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون) (النحل الآيتان 68-69) .
وقال تعالى : ( وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهاراً ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنـين يغـشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) (الرعد: الآية 3).
وقد وردت 16 آية في القرآن تدعو إلى التفكير و48 آية تدعو إلى التبصّر.
2- تحوُّل الفكر التربوي من النظرية السلوكية في التعلم إلى النظرية المعرفية منذ عام 1975م (خليل ، 1996، صـ200) .فالسلوكــيون يفسرون عملية التعلم بأنها تحدث نتيجة لتغيرات تحيط بالمتعلم دون ربطها بالتغيرات التي تحدث داخل عقل المتعلم ، فيعرفون التعلم بأنه عملية تغير في السلوك ويحدث نتيجة لتعرض المتعلم لمثيرات. فيبدي استجابة معينة تجاهه ومن أهم إفرازات هذا النظرية في التربية ، ظهور الأهداف السلوكية والثواب والعقاب والتعزيز ، وغيرها بينما تفسر النظرية المعرفية حدوث عملية التعلم نتيجة لحدوث تغيرات داخل البنية المعرفية في عقل المتعلم ، وقد قامت هذه النظرية على أفكار جانييه وبياجيه وأوزبل ومن أهم إفرازات هذه النظرية في التربية الاهتمام بكيفية إكتساب المعرفة وليس نقل المعرفة ويعتبرون التفكير أحد الأدوات الأساسية في اكتساب المعرفة وإنتاجها .
3- الانفجار المعرفي الذي يشهده العصر الحالي فقد أصبحت المعرفة البشرية تتضاعف كل ثلاث سنوات الأمر الذي يصعِّب عملية نقلها والإحاطة بها الأمر الذي يحتم الاهتمام بالتفكير باعتباره الأداة الأساسية لفهم المعرفة ، عن طريق تحليلها .
4- الاهتمام المتعاظم بالجانب التطبيقي (التكنولوجي) للعلم . والذي يعد التفكير (الإبداعي) الأداة الأساسية لأحداث التكنولوجيا ، فمعظم الانجازات العملية التي حققتها البشرية كانت نتاج ذلك النوع من التفكير .
5- يُعد التفكير وسيلة أساسية لتنمية شخصية المتعلم بشكل متكامل بحيث يصبح مواطناً صالحاً قادراً على حل مشكلاته ومشكلات مجتمعه .
وقد تمثلت قمة الاهتمام بالتفكير في انعقاد سبعة مؤتمرات عالمية للتفكير آخرها عقد في سنغافورة في الفترة من 1-6 يوليو 1997، بالإضافة للعديد من المؤتمرات الإقليمية والمحلية آخرها مؤتمر القاهرة يوليو 2000م .
أنواع التفكير :
مارس الإنسان التفكير منذ وجوده على سطح الأرض بأشكال وأنماط مختلفة ، مثل التفكير بنمط المحاولة والخطأ ثم التفكير الخرافي ، والذي يقوم على نسبة الحوادث إلى غير مسبباتها ، ثم التفكير بعقول الآخرين والذي ساد في عصر الفلاسفة ، ثم التفكير العلمي والذي أسس مبادئه الإنجليزي (روجير بيكون عام 1294م) وذلك عندما أشار إلي أن وسائل الحصول على المعرفة تتمثل في ثلاث وسائل هي ، الملاحظة والقياس والتجريب ، (حجازي ، 1988، ص:10).
وهكذا استمر الإنسان في اكتشاف وابتكار أنماط مختلفة من التفكير ظهر منها أربعة وعشرون نوعاً من أنماط التفكير وهي :
( التفكير الفعال ، والمتقارب ، والناقد ، والمنتج ، والاستقرائي ، والجانبي ، والشامل (الجشطالتي) ، والتأملي ، والمجدد ، والوظيفي ،و الرياضي ،و المعرفي ، وفوق المعرفق (ما وراء المعرفي) ، وغير الفعال المتباعد ،و الإبداعي ، والمنطقي، والاستنباطي ، والتحليلي ، والمتسرع ، والمحسوس ، والعلمي ، وبالتشابه ، ....) (جروان ،1999، ص:34) قسم التفكير إلى نوعين أساسيين هما(جروان ،1999، ص:39-40) :
1- التفكير الفعال : وهو التفكير الذي يتوفر فيه شرطان :
( أ ) يتبع فيه أساليب ومنهجية علمية واضحة .
(ب) يستخدم فيه أفضل المعلومات المتوفرة من حيث الدقة والوضوح .
وأهم خصائص هذا النوع من التفكير هي :
1- تحديد المشكلة بوضوح تام .
2- استخدام مصادر موثوقة للحصول على المعلومات الخاصة بالمشكلة أو موضوع (مسار التفكير) .
3- المراجعة المتأنية لوجهات النظر المختلفة عن المشكلة .
4- الاستعداد لتعديل الموقف أو القرار عند توفر معطيات جديدة .
5- إصدار الأحكام أو الحلول في ضوء الوقائع وليس على ضوء عواطف ورغبات شخصية (عدم الموضوعية) .
6- التمهل في إصدار الأحكام .
7- تأجيل إصدار الأحكام عند الافتقار للأدلة الكافية .
2- التفكير غير الفعال : وهو الذي لا يتبع فيه منهجية علمية ويبنى على افتراضيات وحجج غير صحيحة .
وأهم سماته وخصائصه :
1- التضليل وتوجيه النقاش بعيداً عن الموضوع الرئيسي .
2- اللجوء للقوة والتهجم بغرض إجهاض فكرة أو رأي .
3- التردد في اتخاذ القرار المناسب في ضوء الأدلة المتاحة حتى لو كان القرار مؤقتاً.
4- اللجوء إلى حسم الموقف بطريقة (صح أو خطأ) وتجاهل الخيارات والبدائل الأخرى .
5- وضع افتراضيات مخالفة للواقع من أجل رفض فكرة معينة .
6- التبسيط الزائد لمشكلة معقدة .
7- الاعتماد على الأمثال في اتخاذ القرار دون اعتبار بخصوصية المشكلة .
مستويات التفكير: (جروان ،1999، ص:36-37).
يقسم التفكير من حيث البساطة والتعقيد والصعوبة والتجريد إلى مستويين:
1-تفكير من مستوى أدنى ويسمى بالتفكير الأساسي ، وهو الذي يمتلكه معظم الناس ويحتاج إلى مهارات بسيطة تتمثل في الملاحظة والمقارنة والتصنيف.
2-تفكير من مستوى عال ، ويسمى بالتفكير المركب ، ويحتاج إلى مهارات وقدرات عالية ، وتوجد خمسة أنواع له هي :
1- التفكير الإبداعي .
2- التفكير الناقد . تزداد الصعوبة
3- التفكير بحل المشكلات. في هذا
4- التفكير باتخاذ القرار الاتجاه
5-التفكير فوق المعرفي
يعتبر البعض أن التفكير بحل المشكلات واتخاذ القرار يعتبران من استراتجيات التفكير وليس مستوياته .
خصائص التفكير :
1- التفكير سلوك هادف .
2- يحدث التفكير بأشكال وأنماط مختلفة ، لفظية ، رمزية ، كمية ، وغيرها .
3- يمكن تطويره بالتدريب والمران .
مهارات التفكير : (دليل المعلم لتنمية مهارات التفكير ، 2004، صـ:11-36)
توجد مهارات متعددة للتفكير أهمها :
1-الملاحظة 2-المقارنة 3-التصنيف 4-التنظيم 5-التفسير 6-التطبيق
7-التلخيص 8-التعرف على الأنماط 9-الطلاقة 10-المرونة 11-الأصالة 12-التنبؤ 13-فرض الفروض 14-التقييم 15-المقارنة 16-التعرف على الأخطاء والمغالطات 17-الاستدلال 18-الاستقراء 19-الاستنباط ... وغيرها..
استراتيجيات تعليم مهارات التفكير :
1)أسلوب الدمج : وفيه يدرس التفكير في إطار المنهج.
وتتكون من عدة مراحل هي : (دليل المعلم لتنمية مهارات التفكير ، 2004، صـ:40-41)
1-عرض المهارة : وفي هذه الخطوة يقوم المعلم بالآتي :
( أ ) التوضيح للتلاميذ أن هدف الدرس هو تعلم مهارة من مهارات التفكير (مهارة التصنيف) .
(ب) تعريف المهارة بعبارة واضحة ومتقنة مع إعطاء أمثلة .
(ج) إعطاء كلمات أخرى مرادفة لمفهوم المهارة أو معناها إن وجد.
(د) تحديد وتوضيح الطرق التي يمكن استخدام المهارة فيها ( نشاط مدرسي ، درس معين )
(هـ) شرح أهمية المهارة والفوائد المرجوة من تعلمها وإتقانها .
2-توضيح المهارة بمثال تفصيلي ، وفي هذه الخطوة يعرض المعلم مثال تفصيلي نظري أو تطبيقي يطبق عليه المهارة ويتضمن عرض المثال الخطوات الآتية :
أ- تحديد هدف النشاط.
ب- تحديد كل خطوة من خطوات التنفيذ.
ت- إعطاء مبررات لاستخدام كل خطوة .
3-مراجعة خطوات التطبيق : بعد الانتهاء من توضيح المهارة بالتمثيل يقوم المعلم بمراجعة الخطوات التي استخدمت في تنفيذ المهارة .
4-تطبيق الطلبة للمهارة ، وفيها يكلّف المعلم الطلاب بتطبيق المهارة في مثال تدريبي بشكل فردي ثم يقوم بتقويم أعمالهم وتصويباتهم .
2)أسلوب الفصل :
وفيه يدرس التفكير بشكل منفصل في إطار المنهج من خلال برنامج معد سلفاً لذلك ومن أهم البرامج المعدة لهذا النوع برنامج الكورت لتعليم مهارات التفكير، وبرنامج القبعات الست للتفكير .
( أ ) برنامج الكورت (Cort) لتعليم مهارات التفكير : (ناديا ، 2000م ، ص: 295-298)
يحتوي البرنامج على ستة أجزاء يحتوي كل جزء على عشرة دروس فيضم البرنامج ستين درساً في التفكير ويحتوي كل جزء من الأجزاء الستة على كتاب للمعلم وعشرة بطاقات عمل للتلاميذ ويدرس البرنامج خلال ثلاث سنوات ، ويستخدم هذا البرنامج حالياً الملايين من طلاب المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعية في أكثر من ثلاثين دولة في العالم .
أجزاء برنامج الكورت:
الجزء الأول : توسعة مجال الإدراك ، الهدف الأساسي لهذا الجزء توسيع دائرة الفهم والإدراك لدى التلاميذ.
الجزء الثاني : التنظيم : ويهدف هذا الجزء إلى تنظيم عملية التفكير لدى التلاميذ .
الجزء الثالث : التفاعل : ويهدف لتفاعل تفكير شخصين ( المقارنة بين فكرتين مختلفتين) .
الجزء الرابع : الإبداع : ويهدف إلى تفعيل التفكير الإبداعي .
الجزء الخامس : المعلومات والشعور : ويركز هذا الجزء على جانب المعلومات والعواطف .
الجزء السادس : الفعل : ويركز على العمليات التطبيقية للتفكير .
(2) برنامج القبعات الستة في التفكير . (السويدان ، 2004، صـ202-203)
يعد أحد برامج التفكير الحديثة وضعه ( إدوارد دي بونو) ، والهدف الأساسي من هذا البرنامج توضيح وتبسيط التفكير وزيادة فعاليته ، وتدريب المتعلم لتغيير نمط التفكير فالقبعات الست عبارة عن وسيلة توضح الحالة الذهنية للفرد في لحظة معينة بشكل رمزي . وتستخدم هذه القبعات من خلال لعب الأدوار على هذا النحو:
1- القبعة البيضاء وترمز للتفكير الموضوعي .
2- القبعة الحمراء وترمز للتفكير بالمشاعر الذي يستبعد فيه المنطق والمبررات (التفكير بالعواطف) .
3- القبعة السوداء وترمز للتفكير السلبي الخاطئ.
4- القبعة الصفراء وترمز للتفكير الإيجابي البناء والمنتج الذي ينتج الاقتراحات والمشاريع .
5- القبعة الخضراء : تمثل التفكير الإبداعي .
6- القبعة الزرقاء : ترمز لتنظيم الأفكار وضبطها .
عوامل نجاح تعليم التفكير : (جروان ، 1999، ص130-133)
توجد عوامل متعددة تساعد على نجاح تعليم التفكير أهمها :
المعلم والبيئة المدرسية والأنشطة التعليمية وسنتناول المعلم باعتباره أهم هذه العوامل فهناك سلوكيات يجب أن يتبعها المعلم لتوفير بيئة صفية تساعد على إنجاح عملية التفكير وتعلّمه .
1- تشجيع الطلاب على الاستقلال في التفكير.
2- الاستماع للطلاب والإجابة عن تساؤلاتهم داخل وخارج الفصل .
3- تشجيع الطلاب على المناقشة .
4- قبول معارضة الطلاب لآرائه .
5- التنويع في الأنشطة الفصلية بما يتجاوز إطار التحصيل الدراسي .
6- التعامل مع المقرر الدراسي بمرونة وانفتاح .
7- تدريب الطلاب على الاستفادة من الأخطاء .
8- تقديم الأسئلة المفتوحة التي تثير تفكير الطلاب .
9- إعطاء واجبات متعددة قائمة على التفكير وليس التلقين .
10- إدارة حصص المراجعة بأسلوب العصف الذهني .
11- إعطاء الفرصة الكاملة للطالب ليعبر عن آرائه وأفكاره .
12- التشجيع على ممارسة الهوايات التي تنمي التفكير .
13- تثمين أفكار الطلبة .
14- استخدام التعزيز الإيجابي مع الطلاب .
معوقات تعلم التفكير :
توجد العديد من المعوقات التي تحد وتؤثر سلباً على تعلم التفكير تتعلق بالمنهج والمعلم أهمها :
1- الاعتقاد الخاطئ والسائد بأن تراكم وكثرة المعلومات كافية لتنمية مهارات التفكير ، وهذا الاعتقاد يعد أحد أسس الفلسفة التي قام عليها المنهج التقليدي، مثل نظرية الملكات والتدريب الشكلي وغيرها من النظريات التي ثبت عدم صحتها .
2- طرق التدريس السائدة لا تساعد على تعلم التفكير مثل الطريقة الإلقائية وغيرها .
3- محاولة المنهج المدرسي لتغطية عدد كبير من المهارات في فترة زمنية قصيرة .
4- أساليب التقويم المتبعة في المدارس لا تعطي التفكير أي اهتمام (الامتحانات).
5- ممارسات كبت التفكير التي يمارسها بعض المعلمين مثل : هذه الفكرة سخيفة ، الذي تقوله غير معقول ، من أين أتيت بهذا الكلام الفارغ ، أين كنت عندما شرحت الدرس ، إذا كنت غير متأكد من الإجابة فلا تجاوب .
6- الاستعجال في الحكم على مستويات التلاميذ من قبل المعلمين ضعيف ، غبي ، لا يصلح للتعلم ، خاصة في المرحلة الابتدائية فكثير من العباقرة ظهرت مقدراتهم متأخرة .
· انشتاين : بلغ سن سبع سنوات دون أن يستطيع القراءة .
· نيوتن : كانت علامته ضعيفة في المدرسة ( فُصل من الجامعة) .
· أديسون ( الساحر) : وصف من قبل معلميه بأنه غبي جــداً في تعلم أي شيء . (ناديا، 2000م ، ص:51).
تباينت وتعددت آراء علماء التربية وعلم النفس في تحديد مفهوم التفكير ، وفي كيفية حدوثه، فقد عرفه ( إدوارد دي بونو) والذي يعد أشهر وأهم من كتب عن التفكير بأنه ( القدرة على إتخاذ القرار وحل المشكلات والحكم على شيء معين) .
وعرفه (هيمان ) بأنه ( القدرة على إصدار الأحكام بينما يرى (كوستا) بأنـه : (معالجة عقلية للمدخلات الحسية ، تؤدي إلى التعرف على الأمور والحكم عليها) (ناديا ، 2000م ، ص:272-273). ويعد تعريف (بيرل) أشهر تعريفات التفكير فيعرفه بأنه (سلسلة من النشاطات العقلية التي يقوم بها الدماغ عندما يتعرض لمثير معين عن طريق الحواس) (جروان ، 1999، ص: 33).
ويعرف التفكير في معناه الواسع بأنه البحث عن المعرفة ويوجد فرق جوهري بين التفكير ومهارات التفكير تتمثل في أن التفكير عملية معالجة عقلية للمدخلات الحسية، بينما مهارات التفكير هي عمليات محددة تمارس عن قصد لمعالجة المعلومات الخاصة بموضوع معين .
أهمية تعليم التفكير :
أصبح التفكير موضوع الساعة وشهد اهتماماً متعاظماً، لأسباب متعددة أهمها:
1- اهتمام الإسلام به وجعله أساس العلم والإيمان ، قال تعالى ( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب ، الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار) (آل عمران الآيتان190-191) .
قال تعالى : ( وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتاً ومن الشجر ومما يعرشون ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللاً يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون) (النحل الآيتان 68-69) .
وقال تعالى : ( وهو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهاراً ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنـين يغـشي الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) (الرعد: الآية 3).
وقد وردت 16 آية في القرآن تدعو إلى التفكير و48 آية تدعو إلى التبصّر.
2- تحوُّل الفكر التربوي من النظرية السلوكية في التعلم إلى النظرية المعرفية منذ عام 1975م (خليل ، 1996، صـ200) .فالسلوكــيون يفسرون عملية التعلم بأنها تحدث نتيجة لتغيرات تحيط بالمتعلم دون ربطها بالتغيرات التي تحدث داخل عقل المتعلم ، فيعرفون التعلم بأنه عملية تغير في السلوك ويحدث نتيجة لتعرض المتعلم لمثيرات. فيبدي استجابة معينة تجاهه ومن أهم إفرازات هذا النظرية في التربية ، ظهور الأهداف السلوكية والثواب والعقاب والتعزيز ، وغيرها بينما تفسر النظرية المعرفية حدوث عملية التعلم نتيجة لحدوث تغيرات داخل البنية المعرفية في عقل المتعلم ، وقد قامت هذه النظرية على أفكار جانييه وبياجيه وأوزبل ومن أهم إفرازات هذه النظرية في التربية الاهتمام بكيفية إكتساب المعرفة وليس نقل المعرفة ويعتبرون التفكير أحد الأدوات الأساسية في اكتساب المعرفة وإنتاجها .
3- الانفجار المعرفي الذي يشهده العصر الحالي فقد أصبحت المعرفة البشرية تتضاعف كل ثلاث سنوات الأمر الذي يصعِّب عملية نقلها والإحاطة بها الأمر الذي يحتم الاهتمام بالتفكير باعتباره الأداة الأساسية لفهم المعرفة ، عن طريق تحليلها .
4- الاهتمام المتعاظم بالجانب التطبيقي (التكنولوجي) للعلم . والذي يعد التفكير (الإبداعي) الأداة الأساسية لأحداث التكنولوجيا ، فمعظم الانجازات العملية التي حققتها البشرية كانت نتاج ذلك النوع من التفكير .
5- يُعد التفكير وسيلة أساسية لتنمية شخصية المتعلم بشكل متكامل بحيث يصبح مواطناً صالحاً قادراً على حل مشكلاته ومشكلات مجتمعه .
وقد تمثلت قمة الاهتمام بالتفكير في انعقاد سبعة مؤتمرات عالمية للتفكير آخرها عقد في سنغافورة في الفترة من 1-6 يوليو 1997، بالإضافة للعديد من المؤتمرات الإقليمية والمحلية آخرها مؤتمر القاهرة يوليو 2000م .
أنواع التفكير :
مارس الإنسان التفكير منذ وجوده على سطح الأرض بأشكال وأنماط مختلفة ، مثل التفكير بنمط المحاولة والخطأ ثم التفكير الخرافي ، والذي يقوم على نسبة الحوادث إلى غير مسبباتها ، ثم التفكير بعقول الآخرين والذي ساد في عصر الفلاسفة ، ثم التفكير العلمي والذي أسس مبادئه الإنجليزي (روجير بيكون عام 1294م) وذلك عندما أشار إلي أن وسائل الحصول على المعرفة تتمثل في ثلاث وسائل هي ، الملاحظة والقياس والتجريب ، (حجازي ، 1988، ص:10).
وهكذا استمر الإنسان في اكتشاف وابتكار أنماط مختلفة من التفكير ظهر منها أربعة وعشرون نوعاً من أنماط التفكير وهي :
( التفكير الفعال ، والمتقارب ، والناقد ، والمنتج ، والاستقرائي ، والجانبي ، والشامل (الجشطالتي) ، والتأملي ، والمجدد ، والوظيفي ،و الرياضي ،و المعرفي ، وفوق المعرفق (ما وراء المعرفي) ، وغير الفعال المتباعد ،و الإبداعي ، والمنطقي، والاستنباطي ، والتحليلي ، والمتسرع ، والمحسوس ، والعلمي ، وبالتشابه ، ....) (جروان ،1999، ص:34) قسم التفكير إلى نوعين أساسيين هما(جروان ،1999، ص:39-40) :
1- التفكير الفعال : وهو التفكير الذي يتوفر فيه شرطان :
( أ ) يتبع فيه أساليب ومنهجية علمية واضحة .
(ب) يستخدم فيه أفضل المعلومات المتوفرة من حيث الدقة والوضوح .
وأهم خصائص هذا النوع من التفكير هي :
1- تحديد المشكلة بوضوح تام .
2- استخدام مصادر موثوقة للحصول على المعلومات الخاصة بالمشكلة أو موضوع (مسار التفكير) .
3- المراجعة المتأنية لوجهات النظر المختلفة عن المشكلة .
4- الاستعداد لتعديل الموقف أو القرار عند توفر معطيات جديدة .
5- إصدار الأحكام أو الحلول في ضوء الوقائع وليس على ضوء عواطف ورغبات شخصية (عدم الموضوعية) .
6- التمهل في إصدار الأحكام .
7- تأجيل إصدار الأحكام عند الافتقار للأدلة الكافية .
2- التفكير غير الفعال : وهو الذي لا يتبع فيه منهجية علمية ويبنى على افتراضيات وحجج غير صحيحة .
وأهم سماته وخصائصه :
1- التضليل وتوجيه النقاش بعيداً عن الموضوع الرئيسي .
2- اللجوء للقوة والتهجم بغرض إجهاض فكرة أو رأي .
3- التردد في اتخاذ القرار المناسب في ضوء الأدلة المتاحة حتى لو كان القرار مؤقتاً.
4- اللجوء إلى حسم الموقف بطريقة (صح أو خطأ) وتجاهل الخيارات والبدائل الأخرى .
5- وضع افتراضيات مخالفة للواقع من أجل رفض فكرة معينة .
6- التبسيط الزائد لمشكلة معقدة .
7- الاعتماد على الأمثال في اتخاذ القرار دون اعتبار بخصوصية المشكلة .
مستويات التفكير: (جروان ،1999، ص:36-37).
يقسم التفكير من حيث البساطة والتعقيد والصعوبة والتجريد إلى مستويين:
1-تفكير من مستوى أدنى ويسمى بالتفكير الأساسي ، وهو الذي يمتلكه معظم الناس ويحتاج إلى مهارات بسيطة تتمثل في الملاحظة والمقارنة والتصنيف.
2-تفكير من مستوى عال ، ويسمى بالتفكير المركب ، ويحتاج إلى مهارات وقدرات عالية ، وتوجد خمسة أنواع له هي :
1- التفكير الإبداعي .
2- التفكير الناقد . تزداد الصعوبة
3- التفكير بحل المشكلات. في هذا
4- التفكير باتخاذ القرار الاتجاه
5-التفكير فوق المعرفي
يعتبر البعض أن التفكير بحل المشكلات واتخاذ القرار يعتبران من استراتجيات التفكير وليس مستوياته .
خصائص التفكير :
1- التفكير سلوك هادف .
2- يحدث التفكير بأشكال وأنماط مختلفة ، لفظية ، رمزية ، كمية ، وغيرها .
3- يمكن تطويره بالتدريب والمران .
مهارات التفكير : (دليل المعلم لتنمية مهارات التفكير ، 2004، صـ:11-36)
توجد مهارات متعددة للتفكير أهمها :
1-الملاحظة 2-المقارنة 3-التصنيف 4-التنظيم 5-التفسير 6-التطبيق
7-التلخيص 8-التعرف على الأنماط 9-الطلاقة 10-المرونة 11-الأصالة 12-التنبؤ 13-فرض الفروض 14-التقييم 15-المقارنة 16-التعرف على الأخطاء والمغالطات 17-الاستدلال 18-الاستقراء 19-الاستنباط ... وغيرها..
استراتيجيات تعليم مهارات التفكير :
1)أسلوب الدمج : وفيه يدرس التفكير في إطار المنهج.
وتتكون من عدة مراحل هي : (دليل المعلم لتنمية مهارات التفكير ، 2004، صـ:40-41)
1-عرض المهارة : وفي هذه الخطوة يقوم المعلم بالآتي :
( أ ) التوضيح للتلاميذ أن هدف الدرس هو تعلم مهارة من مهارات التفكير (مهارة التصنيف) .
(ب) تعريف المهارة بعبارة واضحة ومتقنة مع إعطاء أمثلة .
(ج) إعطاء كلمات أخرى مرادفة لمفهوم المهارة أو معناها إن وجد.
(د) تحديد وتوضيح الطرق التي يمكن استخدام المهارة فيها ( نشاط مدرسي ، درس معين )
(هـ) شرح أهمية المهارة والفوائد المرجوة من تعلمها وإتقانها .
2-توضيح المهارة بمثال تفصيلي ، وفي هذه الخطوة يعرض المعلم مثال تفصيلي نظري أو تطبيقي يطبق عليه المهارة ويتضمن عرض المثال الخطوات الآتية :
أ- تحديد هدف النشاط.
ب- تحديد كل خطوة من خطوات التنفيذ.
ت- إعطاء مبررات لاستخدام كل خطوة .
3-مراجعة خطوات التطبيق : بعد الانتهاء من توضيح المهارة بالتمثيل يقوم المعلم بمراجعة الخطوات التي استخدمت في تنفيذ المهارة .
4-تطبيق الطلبة للمهارة ، وفيها يكلّف المعلم الطلاب بتطبيق المهارة في مثال تدريبي بشكل فردي ثم يقوم بتقويم أعمالهم وتصويباتهم .
2)أسلوب الفصل :
وفيه يدرس التفكير بشكل منفصل في إطار المنهج من خلال برنامج معد سلفاً لذلك ومن أهم البرامج المعدة لهذا النوع برنامج الكورت لتعليم مهارات التفكير، وبرنامج القبعات الست للتفكير .
( أ ) برنامج الكورت (Cort) لتعليم مهارات التفكير : (ناديا ، 2000م ، ص: 295-298)
يحتوي البرنامج على ستة أجزاء يحتوي كل جزء على عشرة دروس فيضم البرنامج ستين درساً في التفكير ويحتوي كل جزء من الأجزاء الستة على كتاب للمعلم وعشرة بطاقات عمل للتلاميذ ويدرس البرنامج خلال ثلاث سنوات ، ويستخدم هذا البرنامج حالياً الملايين من طلاب المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية والجامعية في أكثر من ثلاثين دولة في العالم .
أجزاء برنامج الكورت:
الجزء الأول : توسعة مجال الإدراك ، الهدف الأساسي لهذا الجزء توسيع دائرة الفهم والإدراك لدى التلاميذ.
الجزء الثاني : التنظيم : ويهدف هذا الجزء إلى تنظيم عملية التفكير لدى التلاميذ .
الجزء الثالث : التفاعل : ويهدف لتفاعل تفكير شخصين ( المقارنة بين فكرتين مختلفتين) .
الجزء الرابع : الإبداع : ويهدف إلى تفعيل التفكير الإبداعي .
الجزء الخامس : المعلومات والشعور : ويركز هذا الجزء على جانب المعلومات والعواطف .
الجزء السادس : الفعل : ويركز على العمليات التطبيقية للتفكير .
(2) برنامج القبعات الستة في التفكير . (السويدان ، 2004، صـ202-203)
يعد أحد برامج التفكير الحديثة وضعه ( إدوارد دي بونو) ، والهدف الأساسي من هذا البرنامج توضيح وتبسيط التفكير وزيادة فعاليته ، وتدريب المتعلم لتغيير نمط التفكير فالقبعات الست عبارة عن وسيلة توضح الحالة الذهنية للفرد في لحظة معينة بشكل رمزي . وتستخدم هذه القبعات من خلال لعب الأدوار على هذا النحو:
1- القبعة البيضاء وترمز للتفكير الموضوعي .
2- القبعة الحمراء وترمز للتفكير بالمشاعر الذي يستبعد فيه المنطق والمبررات (التفكير بالعواطف) .
3- القبعة السوداء وترمز للتفكير السلبي الخاطئ.
4- القبعة الصفراء وترمز للتفكير الإيجابي البناء والمنتج الذي ينتج الاقتراحات والمشاريع .
5- القبعة الخضراء : تمثل التفكير الإبداعي .
6- القبعة الزرقاء : ترمز لتنظيم الأفكار وضبطها .
عوامل نجاح تعليم التفكير : (جروان ، 1999، ص130-133)
توجد عوامل متعددة تساعد على نجاح تعليم التفكير أهمها :
المعلم والبيئة المدرسية والأنشطة التعليمية وسنتناول المعلم باعتباره أهم هذه العوامل فهناك سلوكيات يجب أن يتبعها المعلم لتوفير بيئة صفية تساعد على إنجاح عملية التفكير وتعلّمه .
1- تشجيع الطلاب على الاستقلال في التفكير.
2- الاستماع للطلاب والإجابة عن تساؤلاتهم داخل وخارج الفصل .
3- تشجيع الطلاب على المناقشة .
4- قبول معارضة الطلاب لآرائه .
5- التنويع في الأنشطة الفصلية بما يتجاوز إطار التحصيل الدراسي .
6- التعامل مع المقرر الدراسي بمرونة وانفتاح .
7- تدريب الطلاب على الاستفادة من الأخطاء .
8- تقديم الأسئلة المفتوحة التي تثير تفكير الطلاب .
9- إعطاء واجبات متعددة قائمة على التفكير وليس التلقين .
10- إدارة حصص المراجعة بأسلوب العصف الذهني .
11- إعطاء الفرصة الكاملة للطالب ليعبر عن آرائه وأفكاره .
12- التشجيع على ممارسة الهوايات التي تنمي التفكير .
13- تثمين أفكار الطلبة .
14- استخدام التعزيز الإيجابي مع الطلاب .
معوقات تعلم التفكير :
توجد العديد من المعوقات التي تحد وتؤثر سلباً على تعلم التفكير تتعلق بالمنهج والمعلم أهمها :
1- الاعتقاد الخاطئ والسائد بأن تراكم وكثرة المعلومات كافية لتنمية مهارات التفكير ، وهذا الاعتقاد يعد أحد أسس الفلسفة التي قام عليها المنهج التقليدي، مثل نظرية الملكات والتدريب الشكلي وغيرها من النظريات التي ثبت عدم صحتها .
2- طرق التدريس السائدة لا تساعد على تعلم التفكير مثل الطريقة الإلقائية وغيرها .
3- محاولة المنهج المدرسي لتغطية عدد كبير من المهارات في فترة زمنية قصيرة .
4- أساليب التقويم المتبعة في المدارس لا تعطي التفكير أي اهتمام (الامتحانات).
5- ممارسات كبت التفكير التي يمارسها بعض المعلمين مثل : هذه الفكرة سخيفة ، الذي تقوله غير معقول ، من أين أتيت بهذا الكلام الفارغ ، أين كنت عندما شرحت الدرس ، إذا كنت غير متأكد من الإجابة فلا تجاوب .
6- الاستعجال في الحكم على مستويات التلاميذ من قبل المعلمين ضعيف ، غبي ، لا يصلح للتعلم ، خاصة في المرحلة الابتدائية فكثير من العباقرة ظهرت مقدراتهم متأخرة .
· انشتاين : بلغ سن سبع سنوات دون أن يستطيع القراءة .
· نيوتن : كانت علامته ضعيفة في المدرسة ( فُصل من الجامعة) .
· أديسون ( الساحر) : وصف من قبل معلميه بأنه غبي جــداً في تعلم أي شيء . (ناديا، 2000م ، ص:51).