منتدي شباب إمياي

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدي شباب إمياي

مجلس الحكماء

التسجيل السريع

:الأســـــم
:كلمة السـر
 تذكرنــي؟
 
صناعة امريكى للرئيس  Support


    صناعة امريكى للرئيس

    صلاح محمد حسانين
    صلاح محمد حسانين
    المدير العام


    النوع : ذكر
    عدد المشاركات : 6402
    العمر : 60
    تاريخ التسجيل : 28/06/2009
    المهنة : صناعة امريكى للرئيس  Profes10
    البلد : صناعة امريكى للرئيس  3dflag10
    الهواية : صناعة امريكى للرئيس  Writin10
    مزاجي النهاردة : صناعة امريكى للرئيس  Pi-ca-10

    صناعة امريكى للرئيس  Empty صناعة امريكى للرئيس

    مُساهمة من طرف صلاح محمد حسانين 13/4/2012, 9:47 am

    خوض الولايات المتحدة غمار معركة انتخابات رئاسية طاحنة. وليست هذه
    معركة أمريكية داخلية، وبالتالي فإنها ليست شأناً يخصّ الناخب الأمريكي
    وحده. ذلك أن نتائجها المباشرة وغير المباشرة تنعكس حتى على من لا يملك
    سوى حق التفرج عن بُعد بانتظار النتائج التي ستسفر عنها.

    صدر كتاب
    جديد للمفكر الأمريكي روبرت كاجان، الذي يعتبر أحد كبار منظري الحزب
    الجمهوري، واليمين المتطرف. وعنوان الكتاب "العالم الذي صنعته أميركا"،
    وفيه يحاول كاجان الطعن في النظرية التي تقول إن الولايات المتحدة تمرّ
    الآن في مرحلة انحسار وانحدار. ويقول: "صحيح أن الصين في صعود، إلا أن
    الولايات المتحدة لا تزال القوة المهيمنة"، وأنها "قادرة على أن تصنع الحق
    بالقوة"، وأنها "في موقع المتمكن من مواجهة أي تحدٍّ". ويعتبر كاجان أن
    الخطر الوحيد الذي يتهدد الولايات المتحدة هو تنامي الشعور الداخلي بعدم
    الثقة بالنفس، وتاليّاً التهرب مما يسميه "المسؤوليات الأخلاقية والمعنوية
    التي يحملها الأمريكيون على أكتافهم منذ الحرب العالمية الثانية".

    ويتبنى
    هذا المنطق الحزب الجمهوري ومرشحوه للرئاسة. وهو المنطق الذي واجه به
    ريجان الاتحاد السوفييتي السابق حتى لفظ أنفاسه الأخيرة. وهو كذلك المنطق
    الذي قاد بوش الابن إلى غزو العراق بعد أفغانستان. وإذا حمل هذا المنطق
    رئيساً أمريكيّاً جديداً إلى البيت الأبيض في العام التالي، فماذا ستكون
    النتيجة؟

    في عام 1899 كانت الولايات المتحدة تخوض حرباً لاحتلال
    الفلبين، تحت ذريعة تحريرها من إسبانيا. ويومها نشر الشاعر البريطاني
    الشهير رويارد كيبليج قصيدته التي وصف فيها بتهكم تلك الحرب بأنها " حرب
    وحشية من أجل السلام". ولا تزال الحروب الوحشية من أجل السلام مستمرة حتى
    اليوم.. ويبدو أنها ستتواصل غداً وبعد غد، طالما أن هناك من يؤمن بها
    وبجدواها، مثل قادة ومفكري الحزب الجمهوري الأمريكي.

    لقد أثبتت
    الحرب على أفغانستان أن الحرب ليست أداة فعالة لمكافحة الإرهاب وأنها لم
    تعد وسيلة ناجحة لممارسة السياسة الخارجية. وأثبتت الحرب على العراق أنها
    أسوأ ما يمكن أن تلجأ إليه دولة كبرى لحماية مصالحها أو للدفاع عن هذه
    المصالح. غير أن في الولايات المتحدة قوى سياسية وحزبية وعسكرية وفيها
    مفكرون استراتيجيون يرون العكس مستندين في ذلك إلى "الترتيبات" التي
    اعتمدت بعد الحرب العالمية الثانية.

    فبموجب تلك "الترتيبات"،
    استطاعت الولايات المتحدة أن تفرض في أوروبا بالقوة العسكرية واقعاً تمثل
    في دفع السوفييت إلى ما وراء الستار الحديدي، وإلى إخضاع ألمانيا
    وتدجينها. كما استطاعت أن تفرض في آسيا حصاراً خانقاً للشيوعية، وأن تسمح
    لليابان بإعادة بناء اقتصادها تحت الحماية العسكرية الأمريكية.

    واستطاعت
    تلك الترتيبات أيضاً أن تستفرد بدول أمريكا الوسطى والجنوبية وأن تحولها
    إلى حديقة خلفية للولايات المتحدة. أما في الشرق الأوسط فقد استطاعت أن
    تحوّل إسرائيل من مشروع دويلة، إلى عصا غليظة تهدد بها كل دول المنطقة.
    لقد أسفرت تلك الترتيبات عن خسائر بشرية كبيرة جداً، من الحرب الكورية،
    إلى الحرب الفيتنامية في آسيا، إلى الحروب العربية- الإسرائيلية في الشرق
    الأوسط، وهو ما تلخصه عبارة الشاعر البريطاني كيبلينج عن "الحروب الوحشية
    من أجل السلام". ذلك أن النتيجة هي أن تقع الحروب وأن يبقى السلام سراباً.

    ولعل
    آخر مشهد مأساوي يعكس هذا الواقع المرير هو مشهد الحروب الوحشية في كل من
    العراق وأفغانستان، وفي فلسطين ولبنان، حيث لا تسوية ولا سلام.

    مع
    ذلك يدافع مرشحو الحزب الجمهوري الأمريكي في صناعتهم للرئيس الأمريكي
    المقبل عن نظرية القيادة العالمية بالادعاء أن الله هو الذي أعطى أمريكا
    هذا الحق من خلال إعطائها الإمكانات والقدرات التي جعلت منها أقوى دولة في
    العالم. فهم يصورون الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض وكأنه يملك تفويضاً
    إلهياً لممارسة السلطة. وقد بدا ذلك صراحة من خلال مواقف وتصريحات الرئيس
    السابق بوش نفسه، ومن قبله تصريحات الرئيسين كارتر وريجان، وخاصة في
    القضايا التي تتعلق بإسرائيل.

    كما يدافع المرشحون الجمهوريون
    للرئاسة عن هذه النظرية بالتخويف مما ستؤول إليه أمور العالم من فوضى ومن
    خراب ودمار، إذا تخلت الولايات المتحدة عن دورها القيادي. وتعيد هذه
    النظرية إلى الأذهان العبارة المأثورة لملك فرنسا الشهير لويس الخامس عشر
    التي قال فيها وهو على فراش الموت: "من بعدي الطوفان".

    ولا يعني ذلك
    طبعاً أن الولايات المتحدة على فراش الموت، فهي لا تزال قوة عالمية كبرى
    عسكريّاً وسياسيّاً، وإن كانت قد تعثرت اقتصاديّاً وماليّاً، إلا أنه لا
    يعني أيضاً أنها قادرة الآن على أن تعيد أداء الدور الذي لعبته بعد الحرب
    العالمية الثانية. فالعالم تغير، وتغيرت تبعاً لذلك المعادلات الدولية،
    وبالتالي تغيرت لعبة الأمم. ومن مظاهر ذلك قيام النهضة الصينية وقيام
    الاتحاد الأوروبي وازدهار الهند والبرازيل والتحول الروسي.. أما الولايات
    المتحدة فقد تغيرت نحو الأسوأ من خلال الانتقال من مبدأ ويلسون إلى مبدأ
    بوش. الأول يقول بالاعتراف بحقوق الدول في السيادة وتقرير المصير، ويقول
    الثاني بشن الحروب عليها باسم الله وبوكالة مزعومة منه!

    وعندما زار
    أوباما القاهرة في شهر يونيو من عام 2009، ألقى خطابه الشهير في جامعتها
    الذي قال فيه: " إن أمريكا تحترم كل الأصوات الملتزمة بالسلام والقانون،
    كما تحترم حقها في أن تـُسمع حول العالم كله، حتى ولو كنا على خلاف معها".

    ولكن
    أوباما قال عكس هذا الكلام في الشهر الماضي أمام منظمة "إيباك" الصهيونية.
    فقد وجد إلى يمينه من ينافسه على الرئاسة من الحزب الجمهوري ويرفع شعارات
    تعتبر "التخلي عن إسرائيل تخليّاً عن الله"، كما تعتبر أفضال الله على
    أمريكا نتيجة لالتزام أمريكا بإسرائيل" وبأن دور أمريكا القيادي للعالم
    يمرّ بالضرورة بهذا الالتزام الإلهي.

    صحيح أن أوباما لم يذهب إلى ما
    ذهب إليه منافسوه المرشحون الجمهوريون وخاصة المرشح "ميت رومني"، ولكنه
    لوى ذراعه بنفسه وهو يقف على منبر "إيباك". ونكث بالعهود التي أطلقها بفتح
    صفحة جديدة مع العالم الإسلامي كله.

    فقد أعلن "رومني" أن "القوة
    العسكرية الأمريكية هي القوة الوحيدة القادرة على حفظ النظام العالمي".
    بمعنى أن الولايات المتحدة هي الشرطي الوحيد المؤهل والقادر على حفظ
    النظام في العالم، وبالنظر للشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة
    وإسرائيل، فإن إسرائيل تصبح بذلك نائب هذا الشرطي العالمي وربما "عقله
    المنفصل"، وخاصة فيما يتعلق بالشرق الأوسط ومستقبله. ولأن أوباما يدرك ثقل
    اللوبي الصهيوني، فلم يشأ أن ينأى بنفسه عن هذا المنطق.. وتاليّاً عن
    المكاسب الانتخابية المترتبة على الالتزام به.

    في كتاب للمؤرخ
    البريطاني (من أصل غاني) كاوسي كوارتنع عن بريطانيا بعد سقوط
    الإمبراطورية، يعزو المؤرخ أسباب هذا السقوط إلى أن "الإمبراطورية أعطت
    صلاحيات واسعة لمن لا يستحق أو لمن لم يكن جديراً بهذه الصلاحيات". وهو
    درس لا يبدو أن الولايات المتحدة مؤهلة أو راغبة في الإفادة منه.

    ويضرب
    على ذلك أمثلة في الهند (قضية كشمير وانقسام القارة) والعراق ونيجيريا..
    وحتى هونج كونج، ولكنه يتجنب الإشارة إلى فلسطين لأنها خارج هذا السياق.

    وفي
    تراثنا الإسلامي أنه إذا "وسّد الأمر لغير أهله فانتظروا الساعة". هكذا
    واجهت بريطانيا مصيرها من قبل. وهكذا ستواجهه أمريكا من بعد.


      الوقت/التاريخ الآن هو 19/4/2024, 2:24 pm