لا زلت أشعر ب-شيء لا يذهب- والوصف لغسان كنفاني،، كلما سمعت
أذناي عبد الحليم حافظ يغني العبقريين محمد الموجي و صلاح جاهين في أغنية :
بستان الاشتراكية ،، تلك الأغنية التي لا يمكن أن أنكر أنها تتغزل بعهد
عاش فيه الناس أوهاماً جميلة لم تلبث أن هوت وهوى معها كثير من الناس ..
أغلبهم هوى إلى حيث ألقت أم قشعم رحلها،، عدد لا يكاد يذكر بقي جامدا في
مكانه يرفض أن يصدق ،، وعدد ربما أقل اكتشف زيف فكرة السلطة نفسها بدلاً من
الهرب والارتماء في أحضان سلطات أسوأ وأقذر ،،بالتأكيد لا أسمعها مصادفة
،، فهي أغان تعبر عن أحلام اتفق الجميع -إسلاميُّهُم وعلمانيُّهم،
شيوعيُّهم ورأسماليــُّهم وحتى قومجيــُّهُم (القومجي هي كلمة أقصد بها
البعثي حيثما استخدمتها) على ضرورة نسيانها ،، كل لحساب أحلامه الجديدة،،
ولذلك حاصروا القلة الباقية من رومانسيين مساكين ممن ظلوا مخلصين ببؤس يثير
الشفقة لتلك الأحلام … لذلك فالإعلام على تنوع مصادره يتجاهل مثل تلك
الأغاني … فأسمعها عندما أريد أن أسمعها ..
لا أنكر أن الأغنية تتغزل بوعود مستبد قمعي .. ولكن خصنا له بوصف
المستبد كلما ذكرناه يفترض أن الآخرين كانوا ديمقراطيين،، أولئك الآخرون
الذين عمروا ومات هو،، الذين ورّثوا ولم يفعل هو..
إنني أخجل إذا دافعت عن مستبد،، أخجل من أي شخص قضى سنينه خلف قضبان ذلك
المستبد،، أخجل من أم ماتت وقلبها لم يطمئن بعد على خبر من ابن ذهب ولم
يعد،، أخجل من جسد نال سياط جلادي المخابرات وما خفي من أساليب تعذيب شرق
المتوسط وجنوبه وغرب الخليج وجنوب شرق الأطلسي و.. … أخجل من أي ضحية لذلك
المستبد حتى لو كان سيد قطب نفسه الذي لو كان مكان ذلك المستبد وقرأ كلمة
واحدة لي لأعدمني بالسيف دون خجل،، ومع ذلك أخجل منه إذا كنت سأدافع عن حكم
الإعدام الذي صدر بحقه … أخجل من نزوعي للحرية في حد ذاته إذا كنت سأحامي
للاستبداد،، أخجل أي نعم … ولكن عندما أدافع عن استبداد ذلك المستبد … عن
أخطائه ،، لا عندما أدافع عن إنسانيته كإنسان اتفق الجميع كما يبدو على أنه
كان المستبد شبه الوحيد ،، وكأن من سبقه أو من خلفه أو من عاصره كانوا من
أنصار الحرية مثلا.. أي حرية هذه …
أخجل من دماء ضحايا صدام مثلاً إذا كنت سأصفه بالقائد العظيم .. وأخجل
في نفس الوقت من دماء صدام نفسه إذا كنت سأرقص للحكم عليه بالإعدام أو
لتصوير مشهد قتله بشماتة ،،،
ورغم الفرق بين عبد الناصر وصدام ،، إلا أنني أخجل من أن أدافع عن عبد
الناصر أيضاً.. ولكن
كيف لا أفعل ،، عندما أجد التاريخ يُكذب أمامي ،، وتصبح الفترة التي
سبقته الجنة التي استولى عليها العسكر وقلبوها خرابة على حد وصف بعض
المحسوبين على نخبة النخبة من المفكرين ،،، ممن يبدو أنهم يستكثرون على
الفلاح أن يتعلم أو على الصنايعي أن يدخل مجلس الشعب أو على أي إنسان فقير
يعيش في عشوائية منبوذا وحقيرا ،، أن يشعر بإنسانيته ،، سيقولون أن ذلك ليس
ما يغيظهم ،، بل الجو “”"الليبرالي”" الذي أتاح حرية فكرية و”نهضة” جاء
العسكر وقضوا عليها … أشعر هنا بالسخافة .. وأي سخافة .. سخافة يصبح شعوري
بالخجل هينا أمامها ،، ومع ذلك لست مضطرا للاختيار بين السخافة والخجل،،
فأنا لا أدافع عن استبداد عبد الناصر ،، واستبداده تحت قدمي وقدم كل إنسان
حر ..
ولكنها التعادلية اللعينة التي تجري في دمي،، وتجعلني أخجل دائماً من
قاتل يعدم دونا عن باقي القتلة (علماً بأنني ضد الإعدام كليا) ،، أو عن
مستبد يدان دونا عن باقي المستبدين
بالنسبة للمتطرفين الإسلاميين وغلاة القوميين ،،، فهم متعصبون
لدوغمائيات تثير الغضب ..ولا يمكنك أن تجد طريقاً إلى عقولهم
وبالنسبة للبراليينا فيبدوأن كل العصبيات القومية مسموح بها سوى العروبة ،،
وكل العصبيات الدينية مقبولة سوى الإسلام … فلا تجد طريقاً إلى قلوبهم
ربما لو أعدم عبد الناصر فاروق وسحله في الشوارع ودك معاقل الإخوان
وأحرقها وسحقها بالدبابات أو احتل دولة مجاورة له كما فعل غيره.. لربما
أحبه هذا المتطرف أو ذاك أكثر
وربما لو كذب وتلون وأتاح للغني أن يفترس الفقير أكثر وأبرم مع إسرائيل
اتفاقية (ظاهرها السلام ونبذ العنف والذي هو غاية أي إنسان يعي إنسانيته)
لكن باطنها بالطبع قبول ضمني بأن يصبح الفلسطيني هنديا أحمرأ جديداً… ربما
لأحبه الليبراليون أكثر
أما أنا … فآخر من يمكن أن أحبه ،، لا في هاتين الحالتين فقط،، بل في
حالته الحقيقية أيضاً ،، فالمتطرفون والليبراليون وأنصار عبد الناصر كلهم
رضوا بشكل أو بآخر من السلطة العفنة،،، أما أنا فلا ..
لذا فأنا أحق بنقده منهم
وأحق بأن أفهم أحلام الناس الذين صدقوه .. حتى وإن كانت تلك الأحلام تحت
تخدير وعود السلطة ،، فقد كان كلام صلاح جاهين في النهاية أصدق من كل
الكذب المقزز الذي تمرره -على أنه صدق – رؤوس الأموال المنافقة سواء كانت
رأس مال البترودولار المشبع ببول البعير أو رأس مال إمبريالية أمريكا
المشبع هو الآخر بما ليس أنظف من بول البعير …
اقفل ع الحيرة السيرة وهات شربات للكل
واقفل عينك وافتحها تلاقى الشوك بقى فل
وزهور ليمون صابحة فى يافا
تضحك وتطل تقول :
افتح صندوق العيد وادى الحلوة مراية
على راس بستان الإشتراكية
واقفين بنهندس ع المية
لا .. لن تذهب تلك الكلمات .. فالكلمات المطروحة كبدليل لها ،، لا ترقى
إلى مستوى الكلام
المستبد كلما ذكرناه يفترض أن الآخرين كانوا ديمقراطيين،، أولئك الآخرون
الذين عمروا ومات هو،، الذين ورّثوا ولم يفعل هو..
المستبد،، أخجل من أم ماتت وقلبها لم يطمئن بعد على خبر من ابن ذهب ولم
يعد،، أخجل من جسد نال سياط جلادي المخابرات وما خفي من أساليب تعذيب شرق
المتوسط وجنوبه وغرب الخليج وجنوب شرق الأطلسي و.. … أخجل من أي ضحية لذلك
المستبد حتى لو كان سيد قطب نفسه الذي لو كان مكان ذلك المستبد وقرأ كلمة
واحدة لي لأعدمني بالسيف دون خجل،، ومع ذلك أخجل منه إذا كنت سأدافع عن حكم
الإعدام الذي صدر بحقه … أخجل من نزوعي للحرية في حد ذاته إذا كنت سأحامي
للاستبداد،، أخجل أي نعم … ولكن عندما أدافع عن استبداد ذلك المستبد … عن
أخطائه ،، لا عندما أدافع عن إنسانيته كإنسان اتفق الجميع كما يبدو على أنه
كان المستبد شبه الوحيد ،، وكأن من سبقه أو من خلفه أو من عاصره كانوا من
أنصار الحرية مثلا.. أي حرية هذه …
في نفس الوقت من دماء صدام نفسه إذا كنت سأرقص للحكم عليه بالإعدام أو
لتصوير مشهد قتله بشماتة ،،،
الناصر أيضاً.. ولكن
سبقته الجنة التي استولى عليها العسكر وقلبوها خرابة على حد وصف بعض
المحسوبين على نخبة النخبة من المفكرين ،،، ممن يبدو أنهم يستكثرون على
الفلاح أن يتعلم أو على الصنايعي أن يدخل مجلس الشعب أو على أي إنسان فقير
يعيش في عشوائية منبوذا وحقيرا ،، أن يشعر بإنسانيته ،، سيقولون أن ذلك ليس
ما يغيظهم ،، بل الجو “”"الليبرالي”" الذي أتاح حرية فكرية و”نهضة” جاء
العسكر وقضوا عليها … أشعر هنا بالسخافة .. وأي سخافة .. سخافة يصبح شعوري
بالخجل هينا أمامها ،، ومع ذلك لست مضطرا للاختيار بين السخافة والخجل،،
فأنا لا أدافع عن استبداد عبد الناصر ،، واستبداده تحت قدمي وقدم كل إنسان
حر ..
قاتل يعدم دونا عن باقي القتلة (علماً بأنني ضد الإعدام كليا) ،، أو عن
مستبد يدان دونا عن باقي المستبدين
لدوغمائيات تثير الغضب ..ولا يمكنك أن تجد طريقاً إلى عقولهم
وبالنسبة للبراليينا فيبدوأن كل العصبيات القومية مسموح بها سوى العروبة ،،
وكل العصبيات الدينية مقبولة سوى الإسلام … فلا تجد طريقاً إلى قلوبهم
وأحرقها وسحقها بالدبابات أو احتل دولة مجاورة له كما فعل غيره.. لربما
أحبه هذا المتطرف أو ذاك أكثر
اتفاقية (ظاهرها السلام ونبذ العنف والذي هو غاية أي إنسان يعي إنسانيته)
لكن باطنها بالطبع قبول ضمني بأن يصبح الفلسطيني هنديا أحمرأ جديداً… ربما
لأحبه الليبراليون أكثر
حالته الحقيقية أيضاً ،، فالمتطرفون والليبراليون وأنصار عبد الناصر كلهم
رضوا بشكل أو بآخر من السلطة العفنة،،، أما أنا فلا ..
تخدير وعود السلطة ،، فقد كان كلام صلاح جاهين في النهاية أصدق من كل
الكذب المقزز الذي تمرره -على أنه صدق – رؤوس الأموال المنافقة سواء كانت
رأس مال البترودولار المشبع ببول البعير أو رأس مال إمبريالية أمريكا
المشبع هو الآخر بما ليس أنظف من بول البعير …
إلى مستوى الكلام