الباطل المشرق .. صنو الباطل المظلم البهيم .. بل ان الباطل المشرق اضرى وافتك بالبشر من صنوه واخيه المظلم ... فللباطل المظلم ... قبحا يرد الناظر عن ما فيه من قبح ... اما الباطل المشرق .. المضئ ... فله فتنة تنادى ... كفتنة الحسناء الخبيثة المنبت .. تاخذ لب الناظر فيقبل عليها ملقيا بنفسه فى مهالك هذا الجمال الاسر .... واذا المنبت الخبيث درة مستهلكة فى هذا التيار المترقرق من فتن الحسن والهوى ....
وهذه الرقعة المتراحبة من حدود الصين الى المغرب الاقصى .... والتى تسكنها امم ورثت اسم الاسلام فنسبت اليه ووصفت به.... تعيش اليوم فى بريق لامع من هذا الباطل المشرق ..... فمنذ اكثر من مئتى سنة ... ضربها الغازى الصليبى المستعمر ضربة رابية ... حتى خرت عاجزة ... ثم ظل يضربها حتى همدت او كادت ... وفى خلال ذلك كان يستحييها بحياة عريبة عنها حتى يأتى يوم تتبدل فيه من حياة كانت الى حياة سوف تكون .... وكذلك يقضى قضاءا ساحقا على اسباب الحياة الاولى ...الحياة التى كانت تعرف بالحياة الاسلامية ....
وها هو قد جاء اليوم الذى ظن فيه هذا العالم انه ارتد الى الحياة مرة اخرى ... قامت الثورة ... ثورة الشعب ...فظن البعض اننا خرجنا الى الحياة مرة اخرى .. ولكن الى اى حياة ..؟؟؟؟
حياة الرتب الاعلى والمستوى المعيشى الوفير ... ام ماذا ؟؟؟
لا شك .. ان حب البقاء فى الحى الفرد اقوى من العقل .. اقوى من حب المعرفة ... اقوى من حب المال ... فاذا ظفر بالبقاء جدت له ضروبا جديدة من الامانى والامال والمطامح ... المطامح الى حياة اتم واكمل وامجد ... فما السبيل لتحقيق ذلك ..
كيف يحقق الانسان البقاء الفردى والبقاء الجماعى ... ؟؟؟ كيف يحقق ما يحلم به ويطمح اليه ؟؟؟؟
نزاع عنيف غامض فى نفوس عامة افراد المجتمع .. لانه يقوم على امانى مبهمة دائما فى اول امرها ... ولا تستبين هذه الامانى الا فى فئة قليلة تملك من القدرة على النظر وعلى التأمل وعلى البيان عن نظرها وتأملها قسطا يتيح لها ان تحاول التعبير عن هذه الامانى ....
فمن هذا المدخل يدخل على الجماهير احد رجلين ... اما رجل عاقل صادق يحسن النظر والتأمل والبيان ... واما رجل ذكى قادر على ان يموه عليهم بالنظر والتأمل والبيان ايضا .... فالاول عارف يصدق وينصحهم الناس ولا يبالى ... والاخر دجال يلعب بالناس ولا يبالى .. الاول .. لا يأخذهم الا بالوسائل التى تقوم على الصدق والعدل والحق ... والاخر يأخذهم بكل وسيلة لا يعبأ بصدق ولا بعدل ولا بحق .....
فالحرية مثلا ... سوق تهوى اليه نفوس المستعبدين ... كلمة مبهمة تعيش فى سر نفوسهم ....فالرجل الصادق بعلم النفوس معنى الحرية .. ويكسبها من وسائل تعلمها ما لابد لها منه من صدق وعزيمة وجد ومشقة وبصر .... حتى تسقط الجدران التى تحول بينها وبين الانطلاق وتنفض الاغلال التى تعوق الحى عن ادراك حريته ...
اما الدجال فهو لا يزال يصرخ فيهم باسم الحرية ثم يمنح الناس من وسائلها الا كل وسيلة لا تغنى شيئا فى كفاح الجدران والاغلال والقيود .. بل ربما زادت الجدران صفاقة وقوة ....فهذا هو الباطل المشرق ....لانه يأتى الناس من حيث تهوى افئدتهم .....